أدرس الصيدلة ولست شغوفًا بها، فما توجيهكم؟

0 28

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله على كل حال، أنعم الله علي بنعم كثيرة، منها: الملبس، والمأوى، والمسكن، والصحة، اللهم لا اعتراض على كل قضاء قضيته.

أريد توجيهكم لحل مشكلتي: في البداية كنت طالبا مجتهدا -والحمد لله- في الثانوية، وأجبرني والدي على دخول قسم العلوم رغم حبي للرياضيات، كنت أرغب في دراسة علوم الحاسوب، وحصلت -بفضل الله- على معدل عال، والتحقت بكلية الصيدلة، وكان بإمكاني دخول كلية علوم الحاسوب من شعبة العلوم أيضا، لكني تعرضت لضغط شديد وبسببه درست الصيدلة رغم كرهي لها.

لا أخفيكم أنه يمكنني المذاكرة، لكني أفتقد الشغف لذلك، رسبت في مادتين بالفصل الأول، ومادة في الفصل الثاني، ومادة في الصيفي أيضا، والآن في السنة الثانية تغيبت عن الحضور كثيرا، وتغيبت عن المعمل والدروس العملية، وصرت مهددا بالحرمان من دخول الامتحانات؛ بسبب عدم انتظامي بالحضور، وحتى لو دخلت الامتحانات لا أعلم هل سأنجح أم لا؟ بسبب الدرجات التي فقدتها نتيجة الغياب وعدم المذاكرة.

لا أعلم ماذا أفعل؟ دراستي ضاعت، وعندي وسواس قهري، وأمكث في دورة المياه -أجلكم الله- بالساعات، وأعاني من صعوبة بدء الصلاة؛ وبسبب كثرة المعاصي قسا قلبي جدا!

أريد التوجيه للفلاح في الدنيا والآخرة، هل هناك أمل كي أكون ناجحا في الدنيا والآخرة؟

شكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أخي الفاضل- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.

أخي الفاضل: إن أهم عناصر نجاح الإنسان في الحياة أو الدراسة أو العمل هو الشغف، أن يكون الإنسان محبا لعمله أو دراسته أو تخصصه، وقد استغربت أنك رغم حبك للرياضيات اضطررت -بضغط من الوالد- إلى دخول قسم العلوم، ثم انتقلت إلى الصيدلة، ولم تشرح لنا كيف وصلت إلى الصيدلة، وواضح أنك غير شغوف بها، فلا تداوم ولا تدرس، وغير واثق من النجاح إن قدمت للامتحانات.

أخي الفاضل: أرجو أن تعيد النظر في مجال دراستك، وابحث عن شغفك، أين تجد نفسك، هل تجد نفسك في الرياضيات أو علوم الحاسوب أو العلوم بشكل عام، أو الصيدلة -والتي لا أظنها هي لك- من خلال ما ورد في سؤالك، فأرجو أن تعيد النظر، وتختار الفرع المناسب، وأن تصل متأخرا خير من أن لا تصل، فرغم أنك في السنة الثانية يمكنك أن تحول، ولكن ابحث عن الفرع الذي أنت شغوف به.

أما موضوع الوسواس القهري وأنك تقضي الوقت الطويل في الحمام لساعات وصعوبة بدء الصلاة وغيرها، فنعم، هذا وسواس قهري ليس تحت إرادتك، وهو يحتاج إلى علاج، وفي هذا الموقع أسئلة كثيرة وإجابات مني ومن زملاء كرام عن علاج الوسواس القهري والتي يمكنك الرجوع إليها.

أما قسوة القلب -أخي الفاضل- فمن لا يقسو قلبه بين الحين والآخر؟! أعاننا الله جميعا على أن نتوب إليه، ونتوجه إليه بالدعاء سبحانه وتعالى، داعيا الله لك بتمام التوفيق والنجاح.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة: د. مأمون مبيض .. استشاري الطب النفسي.
تليها إجابة: د. أحمد الفرجابي .. مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير وأن يصلح الأحوال.

لا شك أن شعورك بالخطر هو البداية الصحيحة للتصحيح، وأرجو أن تواجه نفسك بقرارات واضحة وصحيحة، ولست أدري هل الوالد على علم بما يحدث أم لا؟ والإنسان ينبغي أن يحرص على القيام بالأمور التي يستطيع القيام بها، فإذا أجبر الإنسان على عمل ولم يكن أمامه إلا السير في هذا الطريق؛ فعليه أيضا ألا يقابل ذلك بالإهمال والتجاوز؛ لما يترتب عليه من إجراءات إدارية تتخذها الجامعات في حالة الغياب وفي هذا الذي يحدث معك، والتأخير سيكون فيه صدمة لك وللأسرة، ولذلك تعوذ بالله من العجز والكسل، لأن العجز نقص في التخطيط والكسل نقص في التنفيذ.

وإذا كان الإنسان قد دخل في تخصص معين وله رغبة في التخصص الآخر، ولا يملك ترك هذا التخصص لسيطرة الوالد، طبعا نحن لا نوافق على هذا، وهذا من الخطأ الكبير؛ لأن الإنسان ينبغي أن يختار ما يميل إليه وما يمكن أن ينجح فيه.

لكن إذا وجد الإنسان نفسه في مجال علمي وهو قادر على أن ينجح، قادر بقليل من المجهود وتنظيم الوقت أن يحقق النجاح، فلماذا يختار الإنسان طريق الفشل؟

وأما بالنسبة للوساوس فأنا أدعوك إلى إهمالها؛ فإن أكبر علاج للوساوس هو أن يهملها الإنسان ويتغافل عنها، ومعلوم أن الشيطان إذا تجاهل الإنسان هذه الوساوس تركه، ولكن يأتيه من باب آخر، فإذا أهمله تركه، حتى يغلق على عدونا الشيطان سائر الأبواب.

وإطالة الوقت في دورة المياه، وزيادة المرات في غسل الأعضاء، والوساوس التي يشكلها الشيطان؛ كل ذلك علاجه التجاهل، فلست مطالبا أن تتابع عدوك الشيطان، فإذا أخبرك أنك لست طاهرا عليك أن تمضي، وإذا أخبرك أنك لم تغسل يدك عليك أن تمضي، وإذا أخبرك أن الصلاة ناقصة فامض في صلاتك، فإذا أهمل الإنسان هذه الوساوس تركه الشيطان، أما إذا كنت تتمادى وتلبي نداء الشيطان فهذا أمر غير مرضي من الناحية الشرعية، ومعلوم أن العضو في الوضوء مثلا يجوز غسله مرة، ويجوز مرتين، والسنة ثلاث مرات، وأربع مرات يكون الإنسان قد أساء وتعدى وظلم.

فلا تظن أن طاعة الشيطان في مزيد من الطهارة أو بتجديد الوضوء أو تكراره، لا تظن أن ذلك يجلب لك رضا الله، بل العكس! فالمطلوب هو أن تخالف عدونا الشيطان، ولو فرضنا أنك خالفت الشيطان وكان هناك خطأ فالصلاة مقبولة، والطهارة مقبولة، لأن الله لا يكلفنا بما لا نطيق، لقوله: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} وقوله: {لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها}.

أخيرا: نحب أن نصحح فكرة، وهي: أن الهروب بالطريقة المذكورة من الواجبات ومواجهة الحقيقة؛ لا يزيد الأمور إلا تعقيدا، فانتبه لنفسك، واستأنف الحياة، وتدارك ما يمكن أن يحصل ويحول بينك وبين الحرمان من الجامعة، أو يؤدي لتضييع السنة، فينبغي أن تأخذ خطوات عملية. وإذا كان والدك لا يقبل بهذا فاتخذ من الخبراء والأساتذة من يستطيع أن يتكلم معه، أو ابحث عن الوجهاء والأعمام والأخوال الذين لهم في المجال العلمي، حتى يناقشوا الوالد ولا يجبرك على شيء لا تستطيع المضي فيه.

مثل هذه الأمور المجاملة فيها تضر كل الأطراف، فنسأل الله أن يعينك على اتخاذ القرار الصحيح السريع، واحرص على طاعة الله، وأكثر من اللجوء إليه، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات