حياتي بين تأنيب الضمير وتذكر الماضي.. ساعدوني

0 28

السؤال

السلام عليكم

أنا متخرج حديثا، وقد التزمت وواظبت على الصلاة والواجبات من سنة 2019، وقد بدأت حياة جديدة، ولم أكن أبالي بما حدث في الماضي، وقد ذقت حلاوة الايمان، وكنت أتسابق لرفع الدرجات في الجنة؛ والآن بعد أن انتكست وتبت أصبت بوسواس قهري يذكرني بذنوب سيئة في الماضي، والتي حدثت بسبب البيئة التي عشت فيها، وخاصة إهمال جانب التربية من الأب، وكذلك الفوضى والتأثير النفسي والإهمال.

صحيح لم أقع في الزنا، وقتل النفس وغيرها، لكن هذه الذنوب مخلة بالحياء بعض الشيء، ولا تزال تراودني.

الآن أنا حزين حزنا شديدا لم يحدث لي في حياتي، نفسي تقول: لا يمكن نسيان الماضي حتى وإن دخلت الجنة، لقد صرت أقوم بالواجبات فقط وأتغاضى عن السنن، وصارت أمي تشكو من سلوكي، وكذلك أصبحت أتضايق من أبي حينما أراه، للعلم فهما مطلقان.

أرجو المساعدة من حضرتكم، فإني تابعت الاستشارات العديدة في موقعكم في الماضي وكان لها تأثير جيد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابننا الفاضل - في الموقع، ونشكر لك هذا السؤال الذي يدل على نفس لوامة تلوم صاحبها على التقصير، نسأل الله تبارك وتعالى أن يغفر لنا ولك ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا.

وأرجو أن نبشرك بأن (التوبة تجب ما قبلها)، وأن (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، وأن من صدق في توبته، وأخلص في أوبته، وندم على ما حصل منه، وتوقف عن الخطأ، وحرص على الحسنات الماحية، ورد الحقوق لأصحابها - إن كانت هناك حقوق - هذا لا يفوز بمجرد المغفرة فقط، بل يفوز بما هو أعلى وأغلى {فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما} [الفرقان: 70].

فأبشر بخير كثير، ولا تتراجع لأجل الماضي، فإن التوبة تمحو وتجب ما قبلها، و(التائب من الذنب كمن لا ذنب له) كما أشرنا، والذي يأتيك بالذنوب ليذكرك هو عدونا الشيطان، واعلم أن هذا العدو يحزن لتوبتك، ويتأسف لاستغفارك، ويبكي إذا سجدت لربك، فعامله بنقيض قصده، وهدف الشيطان عندما يذكرك بالماضي أن يوصلك إلى الإحباط، أو يوصلك إلى القنوط من رحمة الله تبارك وتعالى عياذا بالله.

ولذلك كلما ذكرك الشيطان بالماضي فجدد التوبة، فإنه عند ذلك سيهرب منك؛ لأنك تكسب حسنات جديدة، وترتفع عند الله منازل عالية، فالله يحب التوابين ويحب المتطهرين، بل إن ربنا العظيم يفرح بتوبة من يتوب إليه حين يرجع إليه -سبحانه وتعال-: (لله ‌أشد ‌فرحا بتوبة أحدكم من أحدكم بضالته إذا وجدها)، ولن نعدم من رب يفرح بتوبة التائب خيرا، فهو سبحانه وتعالى غفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى.

صفحات الماضي التي تبت منها غفرها الله تبارك وتعالى، وهي صفحات تطوى كما قلنا، فلا تلتفت إليها، ولكن إذا ذكرك بها الشيطان فعد إلى التوبة والاستغفار منها.

ولكن الذي نحب أن ننبه له هو ضرورة أن تعود إلى حالتك الأولى، التي ذقت فيها حلاوة الإيمان، وكنت تسابق فيها لرفع الدرجات في الجنة، وعليك أيضا أن تحسن للوالد وللوالدة، ولا علاقة لك بالذي حدث بينهما من خلاف، ولكن عليك أن تكون بارا بوالدك، وبارا بوالدتك، فهما بابان إلى جنة الله ورضوان الله تبارك وتعالى.

نسأل الله أن يعينك على الخير، ونحن سعدنا لمتابعتك للاستشارات، ونسعد بتواصلك المستمر، ونعتقد أنك نموذج رائع لشاب يمكن أن يسلك طريقا فيها الخير الكثير له ولأمته، فاستمر على ما أنت عليه، ولا ترجع إلى الوراء، ولا تترك النوافل، بل زاحم - كما قلت - في رفع الدرجات عند الله تبارك وتعالى، فإنه لا يزال العبد يتقرب إلى الله بالنوافل حتى يحبه ربنا العظيم تبارك وتعالى.

واحرص دائما على أداء الفرائض، فإن أحب ما ينبغي وأهم ما ينبغي أن يؤديه الإنسان هو ما افترضه الله تعالى عليه، ثم تأتي بعد ذلك بالنوافل التي بها رفعة الدرجات، وبها تذاق حلاوة الإيمان، وهي عون وصيانة للفرائض التي فرضها الله، فأكثر من النوافل، وقبلها أد الفرائض والواجبات، ونسأل الله أن يرفعك عنده درجات.

هذا، وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات