أستحيي كثيرًا من ربي لكثرة ما أطلبه وأدعوه، فما نصيحتكم؟

0 34

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

عندي سؤال كثيرا ما يمر على عقلي، لكن لا أجد جوابا في أي مكان، وهو: هل من الصحيح أو من الطبيعي أن أشعر بالخجل من كثرة دعائي لله تعالى؟ والقصد هنا ليس الإلحاح، فأنا - ولله الحمد حمدا كثيرا - أجد رعاية الله محيطة بي، وتيسر أموري وقبول دعواتي، فعندما أجد نفسي أدعو بشيء جديد، أشعر بالخجل الشديد من الله تعالى، وهذا لأني أشعر وكأني أطلب طلبات - أستغفر الله - أستكثرها على الله أو أستصغرها، والقصد هو أني في هذا الوقت أتوقف، وأخجل أن أدعو بشيء جديد بعد تحقق دعائي السابق.

أتمنى أن أكون قد أوصلت استفساري بالشكل الصحيح، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يستجيب لنا ولك الدعاء، وأن يصلح الأحوال، شرف للمؤمنة أن ترتبط بربها تبارك وتعالى، وأن تحرص على اللجوء إليه.

حقيقة الإنسان قد يشعر بشيء من الخجل عندما يجد نعم الله نازلة عليه، ويلاحظ تقصيره، ولكن هذا الخجل وهذا الحياء المذكور ينبغي أن يحمل الإنسان على مزيد من الطاعة، ومزيد من الشكر لله المنعم المتفضل، بل ينبغي أن يحمد الله في سائر أحواله؛ لأن الذي يحصل للإنسان كله من الخير، وما يقدره الله لنا أفضل من الذي نختاره لأنفسنا، فنسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على كثرة الدعاء واللجوء إلى الله.

والإنسان إذا دعا الله بأمر فتحقق له الأمر؛ ينبغي أن يستمر أيضا في الدعاء، ويستمر في شكره لله؛ ويطلب منه المزيد، ولنا في أيوب عليه السلام أسوة، فـ بينا أيوب يغتسل عريانا، فخر عليه جراد من ذهب، فجعل أيوب يحتثي في ثوبه، فناداه ربه: يا أيوب، ألم ‌أكن ‌أغنيتك عما ترى؟ قال: بلى وعزتك، ولكن لا غنى بي عن بركتك، فلا غنى لنا عن فضل الله بعد فضله علينا بالنعم الكبيرة والآلاء الكثيرة.

والله يحب من العبد ومن أمته أن يلحوا عليه في الدعاء، ويحب منهم أن يكثروا اللجوء إليه، قال الله تعالى: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} [غافر: 60]، والنبي (ﷺ) قال: إن الله حيي كريم يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن ‌يردهما ‌صفرا خائبتين.

وسلف الأمة الكرام أدركوا أن الدعاء عبادة، فكان الواحد يدعو الله لملح الطعام إذا فقده، أو لشسع النعل - أي رباط النعل - إذا انقطع؛ ولأن الله يقول: {ادعوني أستجب لكم}، فاحرصي على الاستمرار في الدعاء، وإذا كان الحياء من الله بهذا المعنى؛ لأنك تشعرين أن نعم الله عليك كثيرة، وأنت مقصرة، فهذا شعور جيد، ينبغي أن يتحول إلى عمل إيجابي إلى مزيد من الطاعة، ومزيد من اللجوء إلى الله.

والدعاء عبادة، بل هو من أعظم العبادات التي ينبغي أن يكثر منها الإنسان في لجوئه إلى الله، نسأل الله تبارك وتعالى أن يعيننا على كثرة اللجوء إليه، والتوكل عليه، والاستعانة به، وبشرى لك فإن النبي (ﷺ) يقول: ما من رجل مسلم دعا الله عز وجل بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم ‌إلا ‌أعطاه ‌الله عز وجل ‌بها إحدى خصال ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخر له في الآخرة، وإما أن يدفع عنه من السوء مثلها " قالوا: يا رسول الله إذا نكثر، قال: فالله عز وجل أكثر.

فأنت رابحة في كل الأحوال، فقد يستجيب الله لك دعاءك، وقد يرفع الله بسبب دعائك بلاء كان سينزل، وقد يدخر الله لك أجر دعائك هذا، فالإنسان بالدعاء واللجوء إلى الله سبحانه وتعالى في كل الأحوال رابح، فكوني على الدوام رافعة يديك إلى الله تسألينه ما تشائين، وكوني متضرعة إليه باستمرار، واعلمي أن الله هو الذي يجيب من دعاه، ويجيب المضطر إذا دعاه، فهو القائل: {أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء} [النمل: 62]، فاستمري فيما أنت عليه من الخير، وكلما جاءك الشعور بالتقصير ازدادي لله قربا وتضرعا وطاعة، وأنت مأجورة على هذا الشعور الذي يعقبه مزيد من الطاعات.

هذا الذي نحب أن ننبه إليه، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات