السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لدي استفسار حول العقوق، والدي دوما يعاملني بسوء، ويطلق علي مصطلحات تقلل من قيمتي، ووصل به الحال بأنه يحرض الناس علي، حتى إخوتي؛ لهذا أنا خاصمته ولا أكلمه ولا أنظر إليه؛ لأنه جعلني أتخذ قرارا لا رجعة فيه للأسف، والمشكلة أني لم أسلم من لسانه حتى وأنا لا أتكلم معه، لهذا طرحت مشكلتي، هل أنا عاق له؟ وهل كل أعمالي لا يقبلها الله عز وجل لأني لا أكلمه من أجل راحة بالي؟

شكرا على حسن الإصغاء، ونتمنى الإجابة في أقرب الوقت.

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في استشارات إسلام ويب.. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقك الصبر على والدك، وأن يعينك على بره والإحسان إليه، وقد صدق النبي -صلى الله عليه وسلم- حين قال: (وما أعطي أحد عطاء خيرا له وأوسع من الصبر).

فنوصيك -أيها الحبيب- بأن تصبر على بر والدك والإحسان إليه، مهما حصل لك من إيذاء من الوالد، فإن الله سبحانه وتعالى أمر بالإحسان إليه في أشد حالات الإساءة منه إلى الولد، فقد قال سبحانه: (وإن جاهداك علىٰ أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما ۖ وصاحبهما في الدنيا معروفا ۖ )، وفي الوقت الذي يجاهد فيه الأب ولده ليكفر بالله ويكون من أصحاب النار المخلدين فيها، وليس هناك إساءة أعظم من هذا، أمره الله تعالى أمر الولد بأن يحسن إلى والديه، وأن لا يجعل من إساءة والده مبررا ومسوغا لأن يسيء هو إليه، ومهما صدر من والدك، فإن ذلك لا يبرر عقوقك له، وتقصيرك في حقوقه، وسيثيبك الله تعالى ويأجرك على ما أصابك من إساءة من الوالد.

لهذا يجب عليك أن تتوب من هذا الفعل الذي فعلته، من مخاصمة الوالد ومقاطعته، وهجر الكلام معه، فإن هذا لا يجوز، فإذا سبك الوالد، أو شتمك، أو تكلم فيك، فاسكت واصبر واحتسب، وأما أن تهجره فلا تكلمه، ولا تقوم بحقه عليك من الإحسان إليه، وإعانته إذا كان يحتاج إلى إعانة، فإن هذا لا يجوز، فهذا من العقوق المحرم، وعقوق الوالد من كبائر الذنوب، وقد قال الله سبحانه وتعالى: (وقضىٰ ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ۚ إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما* واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا).

فلو كان هناك إيذاء أشد من الإيذاء الحاصل بكلمة أف، لكان الله سبحانه قد نهى عنه، فالواجب عليك أن تتوب، وقد وردت أحاديث كثيرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في التحذير من عقوق الوالدين، وأنه من أكبر الكبائر، وأنه ذنب جدير بأن يعجل الله عقوبته في الدنيا قبل الآخرة، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.

هذا، وبالله التوفيق.