التزمت بالدين، غير أني لم أستطع ترك معصية بعينها.. ساعدوني

0 24

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أما بعد: أريد التعبير عن مدى شكري لكم على نشركم لمبادئ الدين.

تدينت -والحمد لله- منذ سنوات، وحفظت قليلا من القرآن، والتزمت بما أستطيعه من السنة النبوية، لكن للأسف الشديد -وحسبي الله ونعم الوكيل- أصبحت مدمنا للأشياء الإباحية -والعياذ بالله-، فإني أشاهدها وأتوب، وانقطع عنها لفترة ثم أعود، حتى ضقت جدا منها ويئست.

أريد حلا لهذه المشكلة، في كل مرة أتركها وأعود لها، وذات مرة انقطعت 17 يوما، وعاهدت نفسي ألا أعود، وللأسف عدت لها، وأنا لا أريد هذا الوضع المخزي، وأريد التحرر من هذه العادة السيئة.

أرجوكم أفيدوني، أرغب في تعلم بحر الفقه وأن أصبح من الشيوخ والعلماء، أريد تطهير قلبي وإزالة النجاسة منه، أفيدوني أفادكم الله.

شكرا جزيلا، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، وسعدنا بثنائك على الموقع، ونؤكد لك أن هذا واجبنا وشرف لنا أن نكون في خدمة أبنائنا والبنات.

وأسعدنا أيضا حرصك على التدين وحرصك على الثبات، ونسأل الله تبارك وتعالى مصرف القلوب أن يصرف قلوبنا إلى طاعته، وأن يثبت قلوبنا على دينه وعلى كل أمر يرضيه، وسعدنا أكثر بحفظك لكتاب الله تبارك وتعالى أو ما يتيسر منه، وحرصك على حفظ أشياء من السنة النبوية المطهرة، وكل هذه من الأمور التي تعين الإنسان على الثبات.

والإنسان إذا تاب إلى الله تبارك وتعالى، وصدق في توبته، وأخلص في أوبته؛ فلا يفوز بمجرد المغفرة للذنب، بل قال الله عنه وعن أمثاله: {فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما} [الفرقان: 70]، فبإخلاصك وصدقك وتوقفك عن المعصية وندمك، وعزمك على عدم العود؛ أنت تصل إلى أعلى الرتب، ونبشرك بأن (التوبة تجب ما قبلها)، وأن (التائب من الذنب كمن لا ذنب له).

ونحب أن نؤكد لك أن على الإنسان بعد أن يتوب، عليه أولا أن يهجر بيئة المعاصي، وأن يهجر رفقة المعصية، وأن يكثر من الحسنات الماحية، وأن يتخلص من المواقع المشبوهة أو كل ما يذكره بالمعصية، لأن هذه الأشياء إذا لم يتخلص الإنسان من آثار المعصية، وذكريات المعصية، ومواقع المعصية، وأرقام هواتف أهل المعصية؛ فإن الأمر يسهل على الشيطان أن يرده مرة أخرى إلى تلك المعاصي وتلك الذنوب.

وأيضا ننبه إلى أن المؤمن لا ييأس، قيل للحسن البصري: نذنب ثم نتوب ثم نذنب ثم نعود، إلى متى يا إمام؟ قال: (حتى يكون الشيطان هو المخذول).

وورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يحكي عن ربه عز وجل قال: أذنب عبد ذنبا فقال: اللهم اغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى: ‌أذنب ‌عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى: ‌أذنب ‌عبدي ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب اعمل ما شئت فقد غفرت لك. قال عبد الأعلى: لا أدري أقال في الثالثة أو الرابعة اعمل ما شئت .

فاعلم بأن الله تبارك وتعالى ما شرع التوبة إلا ليتوب علينا، ولا سمى نفسه (غفورا) إلا ليغفر لنا، ولكن في الجانب الآخر أيضا نحذرك من التمادي، لأن الإنسان لا يدري متى تنخرم به لحظات العمر، والمراد هنا أن تعرف عظمة التوبة وعظم أثرها، وأن تشعر بحلاوة الطاعة، وأنت ممن حفظ كتاب الله تبارك وتعالى وحفظ ما تيسر منه، واستعن بالله تبارك وتعالى، وتجنب أسباب العودة والسقوط، واعلم أن المشاهدات المخالفة التي فيها إباحية، وغير الأخلاقية لا توصل للإشباع، ولكنها توصل إلى السعار، وتشتت قلب الإنسان، وتحول بينه وبين الثبات على هذا الطريق، وعليه: نوصيك بكثرة الدعاء لنفسك.

ثانيا: البحث عن رفقة صالحة تذكرك بالله وتعينك على طاعة الله إن ذكرت، وتذكرك بالله إذا نسيت.

ثالثا: التخلص من كل ما يدلك على المعصية، أو يسهل لك المعصية، أو يعينك على المعصية، أو يذكرك بماضيك فيها، وابتعد عن الشبهات، فإن ‌الحلال ‌بين والحرام بين، وبينهما مشبهات، لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا إن حمى الله في أرضه محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب.

عليك أيضا أن تحرص على طلب العلم والفقه، فالفقيه الواحد أشد على الشيطان من ألف عابد، وأبشر بالخير، ونذكرك بمراقبة الواحد الأحد، الذي لا تخفى عليه خافية، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يكتب لك الثبات والنجاح، والصلاح والهدى والتقى، والعفاف والغنى، ونكرر الترحيب بك في الموقع، ونسأل الله أن يتوب علينا جميعا لنتوب.

وللفائدة راجع الاستشارات المرتبطة: (3731 - 26279268849 - 283567 - 278632 - 2527833).

هذا، وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات