بعد التزامي بدأت أكره أهل المعاصي وأتكبر عليهم، أرشدوني

0 7

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هداني الله -الحمد لله- وسلكت طريق الاستقامة، فبدأت أكره كل معصية وكل شر، وأكره كل إنسان يقوم بارتكاب أي معصية، وأحاسب الناس على أخطائهم الصغيرة، وأتكبر على الناس! أرجو نصحي وإرشادي للخروج من الضلال، وما هي أخلاق المسلم الحقيقية؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الفاضل- في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.

ما تتحدث عنه هو آفة ومرض خفي يصيب الكثير من الصالحين والسائرين إلى الله، وأثره على النفس جدا عميق، وقد حذر منه العلماء، وهو ما يعرف بـ (غرور التوبة أو غرور الطاعة)، وهذا الاغترار سببه في كل الأحوال هو الجهل عموما، سواء بالشرع أو بالنفس أو بالأخلاق أو بالتعامل مع الناس، وقد عدة العلماء من تلبيس إبليس على بعض الصالحين، يقول ابن القيم -رحمه الله- في الفوائد: (لا شيء أفسد للأعمال من العجب ورؤية النفس).

وللتخلص من هذا الداء الخطير الخفي، لا بد أن تلتزم بأمور وتجتهد في تحصيلها، وهي:

أولا: طلب العلم بشكل عام، والاجتهاد في علوم التزكية للنفس بشكل خاص، فهي ما ستبصرك بنصوص الوعيد من العجب والتكبر، وتبين لك عيوب النفس ومداخل الشيطان، وتكشف لك مواطن ضعفها، كما أن العلم يبين لك مرونة الشريعة وموضع اللين والشدة، ويبين لك أساليب الدعوة وطريقة النصح للناس، وحسن الاقتداء بسيرة خير البشر محمد -صلى الله علية وسلم-.

ثانيا: اختلط بأهل التواضع والعلم والخير والصلاح، وأكثر من مجالستهم فهذا يعين النفس على تربيتها على التواضع، ويعينك على الاقتداء بالصالحين ورؤية أحوالهم من تواضع ورحمة وإحسان للناس.

ثالثا: تذكر دائما قول الله تعالى: (كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم ..)، تذكر ما كنت عليه من تقصير وذنوب، وتذكر أن المسلم مهما كان صالحا لا يسلم من الزلل والخطأ، لكن الله يستره برحمته ويعينه على التوبة والرجوع إليه، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون)، وأنت من بني آدم بلا شك.

رابعا: احتمل للناس الأعذار فأنت لا تعلم الغيب، ولا تدرك الحاجة التي يمر بها كل إنسان، والقصص في السيرة النبوية كثيرة، تبين كم من الناس ظاهره الفساد، ولكن قلبه فيه الخير الكثير، ويحتاج للنصح والتوجيه بالكلمة الطيبة والنصيحة الحسنة.

خامسا: تذكر أن أصل النصيحة هو (حب الخير للمنصوح)، ومن أحب الخير للآخرين كيف يغلظ أو يشدد عليهم ؟ كذلك من أراد أن ينفع الناس كيف يتكبر ويتعالى عليهم؟

أخيرا أخي العزيز: يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لن يدخل أحدا عمله الجنة)، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال (ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة) [رواه البخاري]، الوعي والفهم لمثل هذه النصوص يجعل المسلم مدركا لخطر العجب والتعالي والاغترار بالطاعة أو التوبة، ويعلم أنه مستور بلطف الله ورحمته.

عليك بالإكثار من الدعاء والتضرع لله، فالدعاء فيه من إظهار الذل والمسكنة ما يكسر عجب النفس وغرورها.

نسأل الله أن يصلح قلبك ويبصرك بعيوب نفسك.

مواد ذات صلة

الاستشارات