الخوف من حصول مكروه لوالديّ نغص عليّ حياتي، ساعدوني

0 5

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

سؤالي الأول: قبل أن أتطرق إلى موضوعي، أريد توضيح أني -الحمد لله- أستغفر الله كثيرا، وأصلي، ومؤمنة بقضاء الله وقدره، لكني هذه الفترة أعاني من وساوس أني مقصرة مع أهلي، وأجد نفسي خائفة طوال الوقت أن يمرض أحدهم، خاصة الوالدان -حفظهما الله-، فالمرض الخبيث انتشر هذه الأيام -عافانا الله وإياكم-، فأدعو الله كثيرا أن يحفظهما، ولا أقصر في خدمتهما، لكن لا تتغير أفكاري، وأخشى أن لا أجيد التعامل معهما أو التخفيف عنهما، أو أن يموتا غير راضيين عني!

ينتابني شعور بأن شيئا سيئا سوف يحدث للعائلة، ولا أستطيع إخراجه من نفسي، حاولت كثيرا تجاهل هذه الأفكار، لكنها تزيد مع الوقت، فكيف يمكنني التعامل معها؟

سؤالي الثاني: لي صديقة توفيت والدتها منذ 3 سنوات تقريبا بمرض السرطان، في فترة مرضها لم أقدم لها يد المساعدة كما ينبغي؛ بسبب مشكلات في المنزل في ذلك الوقت، ولم أفصح عنها لأحد كل هذه السنين، وما زلت أفكر أني كنت مقصرة مع صديقتي، فقد أخبرتني بتقصيري معها في تلك الفترة، ولم أكن بجانبها بالطريقة التي كانت تريدها وقت حاجتها، وهذا الأمر يحزنني كثيرا؛ فأنا أحبها ولا أريدها أن تكرهني، أو أن تحمل في نفسها غضبا تجاهي حتى إن لم تظهره، فهل أنا مقصرة فعلا؟ وكيف يمكنني تخفيف شعور الفقد عليها؟

سؤالي الثالث: كيف يمكنني تقوية عقيدتي وإيماني أكثر؟ بحيث أتمكن من رفع مقدرتي على مواجهة الابتلاءات التي تمر بي، بالطريقة الصحيحة التي يرضى بها الله عني؟ والله إني في شتات نفسي كبير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ليلى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونسأل الله أن يعيننا وإياكم على الصيام والقيام، وأن يعيننا على صالح الأعمال، وأن يتقبل منا ومنكم، إنه هو السميع العليم، وأن يلهمنا السداد والرشاد، وأن يجعلنا ممن إذا أعطوا شكروا، وإذا ابتلوا صبروا، وإذا أذنبوا استغفروا.

وأرجو أن تعلمي أن هذه الوساوس من عدونا الشيطان، فتعوذي بالله من الشيطان الرجيم، واعلمي أن هذا الكون ملك لله، ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله، وأن ما يقدره الله للإنسان هو الخير، {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون} [البقرة: 216].

فالاستسلام لله والانقياد له والرضا بقضائه وقدره، هو باب السعادة الأعظم، فمن رضي فله الرضا، ومن يتصبر يصبره الله.

ولذلك أرجو أولا ألا تحزني على ما فات، لا تقولي: (لو أني عملت كذا وكذا كان كذا)، ولكن قولي: (قدر الله وما شاء فعل) لأن (لو) تفتح عمل الشيطان، وعمل الشيطان هنا هو العتاب واللوم للنفس، وعدم الرضا بالقضاء والقدر، وعمل الشيطان هنا هو التسخط على أقدار الله، فلا تلومي نفسك على أشياء مضت، ولا تفكري في أمور لم تحصل، وكما يقال: (لا تبك على اللبن المسكوب، فإن البكاء لا يرده) وفي المستقبل قالوا: (لا تحاول عبور الجسر قبل الوصول إليه).

فالإنسان عليه أن يسلم أمره لله -تبارك وتعالى-، نفعل الأسباب ثم نتوكل على الكريم الوهاب -سبحانه وتعالى- وتأملي فستجدين هذا الحزن والخوف على الوالدين لا يزيد في الأمر شيئا، بل هو مصدر إزعاج من عدو همه أن يحزن أهل الإيمان؛ ولذلك أرجو أن تؤملي خيرا، وأن تكثري من الدعاء واللجوء إلى الله -تبارك وتعالى-، واعلمي أن الذي يقدره الله للإنسان هو الخير.

ولوم الصديقة ليس في مكانه؛ فإن الإنسان لا ينبغي أن يعاتب الناس بالطريقة المذكورة على أمور مضت، ولكن الآن ذكريها بالدعاء لوالدتها، وذكريها أننا جميعا نمضي إلى هذا السبيل، الموت نهاية كل حي، فكلنا لا بد أن يمضي في هذا السبيل، سبيل الموت، وليست هذه هي القضية، لكن ماذا بعد الموت؟ ولذلك لا بد أن نحسن أعمالنا، ونكمل إيماننا ويقيننا وثقتنا في الله تبارك وتعالى.

فنسأل الله أن يعينك على الخير، ولا تحزني على تقصير مضى في حق الصديقة، بل قومي بواجبك تجاهها الآن، ولا تخافي على الوالدين أكثر من اللازم؛ لأن هذا لن يقدم في الأمر شيئا ولن يؤخر، بل هذا مما يشغلك عن خدمتهما وعن الدعاء لهما، وعن الدعاء لنفسك، والشيطان يريد بمثل هذه الأفكار أن يقعدنا عن العمل الصالح، وأن يحول بيننا وبين الاجتهاد في الطاعات.

فنسأل الله أن يعينك على تجاوز هذه الأفكار السلبية التي ليست في مكانها، واعلمي أن خير الناس قد ابتلاهم الله تبارك وتعالى؛ لأن البلاء يرتفع به الإنسان عند الله درجات، والإنسان يبتلى على قدر دينه، إذا كان في دينه صلابة زيد له في البلاء؛ لأن هذه رفعة عند الله تبارك وتعالى، وعجبا ‌لأمر ‌المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، والرضا بقضاء الله تعالى هو باب السعادة الأعظم، لأن السعادة هي نبع النفوس المؤمنة بالله، الراضية بقضاء الله وقدره، المواظبة على ذكر الله وشكره.

نسأل الله أن يحفظ لك الوالدين، وأن يحفظ لك ود هذه الصديقة، وأن يجعل الصداقة بينكما في الله ولله وبالله، وعلى مراد الله.

نكرر لك الشكر، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات