قسوة أبي جعلتني مهزوزًا وفاقدًا للثقة، فكيف أتجاوز ذلك؟

0 8

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عانيت من قسوة الحياة منذ طفولتي، والدي كان حازما لدرجة أني كنت أراه قاسيا في كثير من الأحيان؛ مما سبب لي حالة نفسية من الخوف والفزع، حتى إني أخشى النظر إلى وجهه من شدة الخوف.

كبرت وأنا أشعر بداخلي بأني شخصية مهزوزة، والدي كان يجبرني على العمل في أشياء لا أحبها، ويظن بذلك أنه يصنع مني رجلا، نشأت وأنا أكره الالتزام بمواعيد العمل، وأكره العمل ذاته، وتنقلت بين عدة أعمال، ولا أستمر في عمل واحد.

الناس من حولي يرون بأني فاشل، فزاد العبء النفسي علي، وبعد ذلك تزوجت، وعانيت من المشاكل الزوجية؛ بسبب عدم التوافق والتفاهم، وتدخل الناس في مشاكلي وفقدان خصوصيتي، فلا قيمة لكلامي مهما تكلمت، فزاد الأمر سوءا.

أعلم بأن علاجي يكمن في العلاج السلوكي والدوائي معا، ولكن ما ينقصني أني كنت محتاجا إلى أسلوب طيب رقيق يشفي ما في جسدي، فقد تولد لدي بسبب كل ما ذكرته قشعريرة في الجسد، ولا تكاد تفارقني من شدة الخوف، وأشعر بأن الحزن قسم قلبي إلى نصفين، وتفكيري في من آذاني وضايقني لا يتوقف ويصاحبني ليل نهار، وأرى أن سوء التفاهم والفهم من المعضلات التي عجزت عن حلها، لم أجد من يفهمني في الحياة، بالذات أقربائي، فيمكنني التواصل مع الغريب ويمكنه سماعي وفهمي.

أنا الآن أبحث عن الدواء، ولا أدري ماذا أفعل؟! أصبحت مشتت التفكير وقلبي مكبوت، ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نعم، إن تجارب الطفولة تضع بصماتها فينا وفي شخصياتنا، فنحن في كثير من الجوانب نتائج تجارب الطفولة والسنوات المبكرة في حياتنا، فحزم والدك وقسوته لا شك أنها تركت آثارا واضحة فيك وفي شخصيتك؛ مما أوصلك إلى شيء من الخوف، والتردد، والفزع، ورهبة لقاء الناس والنظر في وجوههم كما ذكرت، وإن إجباره لك على العمل نفرك من أي عمل، فتجد نفسك تنتقل من عمل إلى آخر.

ومما زاد في معاناتك أنك بدأت تعير وزنا كبيرا لرأي الناس الآخرين فيك، إضافة من بعدها الصعوبات الزوجية.

نعم، أحيانا يفهم الإنسان أناس بعيدون عنه أكثر من الأقرباء، وكما يقال (زامر الحي لا يطرب).

أخي الفاضل: نعم يبدو أنك –كما ذكرت– تبحث عن الدواء، ولكن الدواء ليس كما تعتقد، الدواء عبارة عن حبوب تأخذها، ولكني في حالتك هذه –وقبل أخذ الدواء– أنصحك بجلسات العلاج النفسي، والتي يستعمل فيها الطبيب النفسي أو الأخصائي النفسي العلاج المعرفي السلوكي، ففي داخلك الكثير من الأفكار والمشاعر التي يفيد أن تعبر عنها في جو آمن مطمئن داعم، وهذا عادة يتوفر في الجلسات العلاجية النفسية، عدة جلسات، ربما تصل إلى 6 أو 8 جلسات، إلا أنك من خلالها تستطيع التعامل مع تجارب الطفولة وتجارب السنوات الماضية، حتى تخرج من نفسك الإنسان الذي لا تريد أن تكون عليه، متجاوزا الماضي، وكما يقول أحد العلماء: (نحن لسنا أسرى لماضينا).

فنعم تجارب السنوات الماضية تركت بصمتها فيك، إلا أنك يمكن أن تتجاوز كل هذا عن طريق هذه الجلسات، من قبل طبيب نفسي، أو أخصائي نفسي يمتلك خبرة في العلاج المعرفي السلوكي.

أدعو الله تعالى لك بتمام الصحة وراحة البال، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مواد ذات صلة

الاستشارات