النفس الأمارة بالسوء.. كيف أعرفها وأتجنب سوءها؟

0 12

السؤال

السلام عليكم

سؤالي: يقول الله -سبحانه وتعالى- في القرآن: (إن النفس لأمارة بالسوء) أولا ما هي نفسي؟

ثانيا: لو كانت النفس تأمر بالسوء، وأنا مثلا لا أريد فعل تلك المعصية بإرادتي، فهل أنا في تلك اللحظة آمر نفسي بالسوء؟ رغم أنني لا أريد فعل سوء!

أتمنى أن تكون قد فهمت سؤالي، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ salah حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك - ولدنا الحبيب - في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك بالموقع، ونشكر لك اهتمامك بتعلم أمر دينك، والسؤال عما أشكل عليك، وهذا من توفيق الله تعالى لك، ونرجو الله تعالى لك الخير فيما يستقبل من زمانك وأيامك؛ فإن السؤال مفتاح العلم، والعلم قائد العمل، نسأل الله أن يوفقك لفعل الخيرات واجتناب المنكرات.

وأما ما سألت عنه - أيها الحبيب - عن حقيقة النفس؛ فالنفس المقصود بها روح هذا الإنسان، وروحه أمر لا نستطيع أن نعرفه، ولا يستطيع الإنسان أن يتصوره، فقد أجاب الله -سبحانه وتعالى- عن هذا السؤال في القرآن الكريم، فقال: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} [الإسراء: 85].

والروح هي التي بها تحصل الحياة للإنسان، وإذا خرجت من الجسد مات هذا الجسد، وهذه النفس الله تعالى خلقها وحبب إليها الشهوات في هذه الدنيا، كما قال الله عز وجل: {زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب} [آل عمران: 14].

فالنفس هذه طبيعتها، تحب الشهوات، وتميل إلى اللهو واللعب، وتنفر وتهرب من الجد وما يخالف الرغبات والشهوات، وهذا هو ميدان الاختبار في هذه الدنيا؛ فإن الله -سبحانه وتعالى- خلقنا بهذه الكيفية، لم يجعلنا معصومين كالملائكة، ولم يجعلنا مسلوبي القدرة والإرادة كالبهائم، وإنما ركب فينا -سبحانه وتعالى- خلقا عجيبا.

فخلقنا -سبحانه وتعالى- وأعطانا قدرة على اتخاذ القرار، وإرادة بها ننفذ، وقدرة بدنية على تنفيذ ما نريد، وغرس فينا أيضا ميولا إلى الشهوات واللذات، واختبرنا -سبحانه وتعالى- بعد ذلك بالأمر والنهي، فيأمرنا بأن نفعل أشياء، وينهانا عن فعل أشياء، ثم ينظر -سبحانه وتعالى- إلى الجهد الذي نبذله في مقاومة هذه النفس ومكافحة هذه الرغبات، من أجل ابتغاء رضوان الله تعالى، والفوز بنعيمه، والنجاة من سخطه وغضبه.

فهذا هو ميدان الاختبار في هذه الحياة، فإذا بذل الإنسان جهده في اتباع أوامر ربه؛ فإن هذه النفس تتطهر قليلا قليلا فتزكو، وتصلح، وهذا سماه الله تعالى فلاحا لهذه النفس، وتزكية لها، فقال: {قد أفلح من زكاها} [الشمس: 9] أي طهرها من ميولها ورغباتها وشهواتها المحرمة؛ فيفلح أي يفوز بخير الدارين، يفوز بما يحب وينجو مما يخاف، والعكس بالعكس، إذا اتبع الإنسان نفسه وهواها وأعطاها ما تتمنى من الشهوات المحرمة؛ فإن ذلك يضرها.

فهذا هو ميدان الاختبار - أيها الحبيب - أنت مأمور بأن تطيع الله تعالى، وتجاهد نفسك على ذلك، وتتعلم دينك، فتؤدي ما فرض الله تعالى عليك، فإذا أمرك بأمر تمتثل وتفعل، وإذا نهاك عن شيء تجتنبه، وإذا زلت قدمك وأخطأت فتبادر بالتوبة وتصلح، وإذا سرت على هذا الطريق فإن هذا الطريق أوله عندك اليوم في عمرك، وآخره الوصول إلى جنات النعيم، الثواب المقيم، والنعيم الذي لا ينفد.

نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات