والدتي مريضة وأنا قلقة عليها وتنتابني وساوس حول الموت!

0 4

السؤال

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

أنا طالبة قانون في الفرقة الثالثة، وأعاني من أفكار غريبة وملحة تتعلق بالموت، سواء موتي أو موت شخص عزيز علي. هذه الأفكار بدأت تسيطر علي بعد مروري ببعض المشاكل، والحمد لله أستطيع -في الغالب- التغلب على ضغط هذه الأفكار بالذكر وسماع القرآن، وهذه الطريقة ناجحة إلى حد كبير في تهدئتي، ومع ذلك لم أتمكن حتى الآن من التخلص نهائيا من هذه الوساوس، أو هذا الصوت الداخلي الذي يرافق تلك الأفكار الغريبة.

بفضل الله أصبحت أكثر ملازمة للذكر، وأشعر بتحسن في جانب الدين، رغم بعض التقصير الذي ما زلت أعانيه، ولكني أسعى جاهدة لعدم الاستسلام له.

للأسف أمر بأيام صعبة، وشعور بالاكتئاب بعد المرض المفاجئ الذي ألم بوالدتي، ولحظات نطقها للشهادة هزتني بشدة، وأبكتني بحرقة، وفقدت السيطرة على نفسي تماما.

استمررت في الدعاء حتى شعرت بالهدوء، والحمد لله أشعر أن الله كتب لوالدتي عمرا جديدا وأن حالتها تحسنت، لكنها ترفض بشدة زيارة الطبيب، ليس لعدم ثقتها بهم، ولكن إيمانها القوي بالشفاء عن طريق الدعاء والرقية أمر راسخ لديها، وقد هدأت أنا أيضا بعد الدعاء المستمر.

المشكلة الآن أنني أجد صعوبة في تحديد ما أريده بالضبط أو حتى ترتيب أفكاري بوضوح. الأمر يتعلق برفض والدتي الذهاب إلى الطبيب، واستمراري في الدعاء لها بالشفاء مع شعوري بتفاؤل باستجابة دعائي بإذن الله، لكن في المقابل، ترهقني الوساوس وأخوض صراعا يوميا مع أفكاري، ورغم ذلك لدي يقين بأن هذه الأفكار لن تتحقق، وأن أي أمر سيحدث لي سيكون خيرا، فالله تعالى دائما يختار لنا الأفضل، والحمد لله على كل حال، فحتى في أوقات الصعوبة يأتي العون والخير منه سبحانه.

أصبحت أشعر بضيق شديد، وأغضب لأتفه الأمور، وتغيرت مشاعري تجاه أشخاص كنت أكن لهم المحبة، حتى أنني بدأت أشعر بغيرة شديدة ومؤذية، ولطالما كانت سعادة أهلي هي أولويتي، وكنت أفرح لنجاحهم وتقدمهم في أي أمر، لكنني لم أشعر منهم بالمثل قط.

هناك فتور وجفاء من جانب عائلة والدي تجاهنا بسبب خلافات عميقة، ورغم أن والدتي حرصت على تربيتنا أنا وإخوتي بعيدا عن هذه المشاكل، إلا أنني أدرك وجود حسد من بعض أفراد العائلة، وأنا حقا لا أعرف ماذا أفعل في ظل هذه المشاعر المتضاربة والظروف الصعبة.

شكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أختنا الفاضلة- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا أولا بهذا السؤال، وثانيا: بحرصك على صحة والدتك، كتب الله لها تمام الصحة والعافية.

أختي الفاضلة: أحمد الله تعالى على أنك تشعرين بالكثير من التحسن من خلال الذكر والقرآن الكريم، فهذا أمر طيب، وأحمده تعالى على أنك تشعرين بأن قربك من الله سبحانه وتعالى في تحسن مستمر؛ فهذا أمر طيب أيضا.

لقد ذكرت التقصير، ومن منا غير مقصر؟! فـ (كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون).

ربما ما يقلقك ويشغل بالك ويسبب لك هذه الأفكار الوسواسية حول الموت وفقدان أحد من أقربائك، يتعلق بوالدتك وصحتها -أدام الله عليها الصحة والعافية- فأنت من جهة قلقة عليها، ومن جهة ثانية هي ترفض الذهاب إلى الطبيب، كما قلت ليس لعدم الثقة بهم، وإنما تعتقد أن الدعاء يكفي، لذلك أنت في توتر؛ لأنك لا شك تريدين أن يفحص أحد الأطباء والدتك، ولتعرفي تماما ما هي المشكلة، ولتطمئني على صحتها بشكل كامل.

وهنا أنصحك -أختي الفاضلة- بأن تستمري في إقناع والدتك بأن الفحص الطبي ومعرفة مدى صحتنا -أو لا قدر الله وجود أحد الأمراض- أمر مطلوب، بل هو استجابة لقول الرسول ﷺ: (تداووا عباد الله)، فاذكري لها هذا، واذكري لها أنها عندما تقوم بالفحص الطبي فهي تستجيب لأمر الرسول الحبيب ﷺ واستجابة للإسلام، فلعل هذا يقنعها، وأنا أعتقد أنك إن نجحت في هذا -إن شاء الله تعالى- فسيرتاح بالك كثيرا، فالأم عزيزة على الإنسان لا شك.

أما في موضوع ما هو موجود من مشكلات وحسد -كما ذكرت- بين بعض أفراد الأسرة الممتدة؛ فهذا أمر موجود في معظم الأسر إن لم يكن في كلها، فلنحرص على ألا نظلم أحدا، وأن نكون مفاتيح للخير، ولنحرص على التقارب بين الناس، وخاصة أن والدتكم ربتكم -والحمد لله تعالى- على حسن الخلق والأدب، فأدعو الله تعالى من خلال هذا أن يريح بالك.

أختي الفاضلة: لا أظن أنك تحتاجين في هذه المرحلة -وإن شاء الله في المراحل القادمة- إلى مراجعة العيادة النفسية، وإنما واضح أنك قادرة -بإذن الله- على بذل الجهد وتحسين ظروف حياتك الاجتماعية والأسرية والمادية والنفسية، داعيا الله تعالى لك بتمام الصحة والعافية، ولوالدتك كذلك، وأتمنى لك التوفيق والتفوق في دراستك القانونية، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مواد ذات صلة

الاستشارات