أشعر أني مكبَّلة لا أريد أن أصلي.. فهل من نصيحة؟

0 4

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أمن الطبيعي أن أشعر بأني مكبلة؟ لا أريد أن أصلي، بل ويصبح من السهل علي ترك الصلاة.

أنا أعلم أن هناك من يكفر تارك الصلاة، وهناك من يفسقه، لكني والله لا أريد هذا، لست سعيدة بما أفعل، بل وحياتي عذاب؛ لأنه ليس من طبيعتي البعد عن الله.

محاولاتي للعودة إلى الله باءت بالفشل المتكرر؛ فكل خطوة أتقدمها تعقبها خطوات أبعد للخلف. والدتي -جعلها الله من أهل الجنة- امرأة مباركة تحيا بالقرآن وتتلذذ بالصلاة، وتسعى لانتشالي من هذا الوضع بدعوتي للصلاة معها، لكن الغريب أن ذلك يزيد من شعوري بالضيق الجسدي والنفسي، وهو نفس ما أعانيه عند محاولة التركيز والخشوع في صلاتي الخاصة.

عندما تحاول والدتي رقيتي أشعر بضيق شديد يجعلني أهرب، لكن في إحدى المرات أصرت وأطالت الرقية، فكانت النتيجة ألما مبرحا استمر في جسدي طوال اليوم، وكأنني تعرضت لضرب قاس، أو عناء عمل مضن لأيام متواصلة.

استشرنا شيخا فاضلا ممن يصلي بنا التراويح في رمضان، فأجاب: "الحمد لله، لا يوجد شيء عضوي أو روحي خطير، وإنما ما تعانين منه من حزن واكتئاب هو نتيجة طبيعية للبعد عن الله، تخرجين من حلقة اكتئاب فتدخلين في أخرى".

فماذا أفعل كي أرجع إلى الله؟ والله إني أحاول بجميع الطرق، لكنه يصعب. كلما أخطو خطوة أرجع عشرا. والله تعبت من البعد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ندى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنه ليسرنا تواصلك معنا في أي وقت، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يهدينا وإياك إلى صراط مستقيم.

شعورك بالتقصير أول النجاة، واجتهادك في الإصلاح دليل خير فيك -إن شاء الله- فأبشري واعلمي أن الله قال: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين} [العنكبوت: 69]، فالأمر لا بد فيه من مجاهدة وصبر، وبعدها بأمر الله ستجدين اللذة في الصلاة، كما تجدها والدتك المباركة وأكثر بأمر الله.

أختنا: أول ما عليك تذكير نفسك به أن الصلاة عمود الدين، وركنه القويم، وأنها الفارقة بين الكفر والإيمان، كما قال النبي ﷺ: (إن بين الرجل وبين الكفر -أو الشرك- ترك الصلاة) [أخرجه مسلم]، وقال رسول الله ﷺ: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر).

وأهل العلم قد ذكروا أن تارك الصلاة لا حظ له في الإسلام، مستدلين بقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة). وقد كان الصحابة -رضوان الله عليهم- كما قال عبد الله بن شقيق: (لا يرون من الأعمال شيئا تركه كفر إلا الصلاة).

هذا فيمن ترك الصلاة بالكلية، أما المتكاسل المضيع حق الله، فقد قال الله عنه: {فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون} [الماعون: 4-5]، وقد قيل إن الويل: واد في جهنم بعيد قعره خبيث طعمه -نسأل الله السلامة والعافية-.

كرري على مسامعك أن ترك الصلاة والتهاون فيها من المعاصي العظيمة، وأن لها آثارها السلبية على الفرد في حياته، فقد ذكر ابن القيم أنها: "تزيل النعم الحاضرة، وتقطع النعم الواصلة، فتزيل الحاصل، وتمنع الواصل، فإن نعم الله ما حفظ موجودها بمثل طاعته، ولا استجلب مفقودها بمثل طاعته، فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته..، ومن عقوبة المعاصي أيضا: سقوط الجاه والمنزلة والكرامة عند الله، وعند خلقه، فإن أكرم الخلق عند الله أتقاهم، وأقربهم منه منزلة أطوعهم له، وعلى قدر طاعة العبد تكون له منزلته عنده، فإذا عصاه وخالف أمره سقط من عينه، فأسقطه من قلوب عباده، ومن العقوبات التي تلحق تارك الصلاة: سوء الخاتمة، والمعيشة الضنك، لعموم قوله تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى} [طه: 124]".

ثم نوصيك بما يلي:
1- لا تتعاملي مع الصلاة على أنها تكليف ثقيل عليك، بل تعاملي معها على أنها صلة وقربة بينك وبين الله، لقاء هدفه إشباع الجانب الروحي لديك، كما قال رسول الله ﷺ لبلال: (أرحنا بها يا بلال)، ويعينك على هذا استحضار عظم من بين يديه تقفين، ومن إذا طلبته أجابك، وإذا استنصرته نصرك، ومن من عليك بالنعم، وعافاك من كثير من النقم، بهذا يقوى هذا الجانب، أما إذا تعاملت معها على أنه تكليف وواجب يؤدى؛ ستملين بعد قليل وتبتعدين بعد القرب.

2- احرصي على الرقية الشرعية حتى وإن أصابك بعض ما ذكرت، لا تتوقفي وتابعي باستمرار ذلك، مع المحافظة على أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم، وقراءة سورة البقرة كل ليلة في البيت أو الاستماع إليها، المهم أن يكون كل ليلة.

3- احرصي على أن تكون صحبتك صالحة، واحذري من أصحاب السوء فإنهم يزينون الباطل ويجرونك إلى المعاصي دون أن تشعري.

4- عاقبي نفسك عند التقصير، وكافئيها عند النجاح: افرضي على نفسك عقوبة تفعلينها إذا تغيبت عن الصلاة في وقتها، كأن تصومي يوما، أو تتبرعي بمبلغ، أو تصلي نفلا مضاعفا مقابل ما تركت من الصلاة، المهم أن تفرضي على نفسك فعل شيء، وألا يكون ثقيلا عليك، وفي نفس الوقت إذا ما نجحت كافئي نفسك بشيء محبب لك، ومباح شرعا.

5- احرصي على أن تتعرفي على بعض الأخوات الداعيات، أو الصالحات المتدينات العالمات بأمور الدين، فإنهن سوف يكن لك عونا بأمر الله.

6- ابتعدي عن المعاصي، فالمعاصي قيد يثقلك عن العمل.

7- أكثري من الدعاء لنفسك أن يشرح الله صدرك للخير، وأن يوفقك للطاعة، وأن يتوب عليك، فالدعاء سر له أثره، واستعيني كذلك بدعاء والدتك لك مع التقرب منها أكثر.

وفقك الله -أختنا الكريمة- وردك إليه سالمة غانمة، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات