تبت لله وخائفة من لقائه، فما توجيهكم؟

0 2

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عمري 16 سنة، طوال حياتي كنت أتوب وأنتكس كثيرا، منذ فترة قصيرة شعرت بأنني في غفلة شديدة، وبدأت أعود إلى سماع الأغاني ونشرها، كما أنني لم أكن أرتدي الحجاب الشرعي، ودخلت في علاقة غير شرعية، ثم تبت إلى الله -الحمد لله-، وما زلت ثابتة على التوبة، وأنصح من حولي، وسعت ملابسي، وقمت بتغطية شعري الذي كان ظاهرا من الطرحة، كل هذا التغيير تم في شهر أو أكثر.

منذ 5 أو 6 أيام شعرت باقتراب الأجل، وكنت أشعر بذلك دائما، ولكن هذه المرة كان الشعور قويا.

قرأت جميع استشاراتكم في هذا الموضوع، ولكني أطلب منكم الرد بشكل خاص لإرشادي إلى الطريق، فهل ما أشعر به من الشيطان، أم ماذا؟

شعرت منذ 5 أيام باقتراب الأجل، وكلما شعرت بذلك أبكي ويضيق صدري، لأنني غير مستعدة، وأعلم أن الكل سيموت، وأن الدنيا فانية، وكل نفس ذائقة الموت، ولكنني غير جاهزة، نعم، -الحمد لله- تحسنت عن السابق، لكنني أرجف خوفا من لقاء الله عز وجل، ولم أفعل كل ما يرضيه، أصلي وأبكي وأرتعد خوفا من لقائه ومن جهنم.

صديقتي المقربة رأت منذ شهر حلما بوفاة شخص مقرب لها، وفي إحدى الليالي، وقبل أن أخلد للنوم، دعوت الله أن يرسل لي إشارة تدل على أنني على الصراط المستقيم، وأنه سيهديني أكثر فأكثر، وسأرتدي الحجاب الذي يرضيه عني يوما ما، وطلبت منه أن أرى حلما يدل على ذلك.

لكنني استيقظت على رسالة من صديقة لي –ليست مقربة، لكنها من صديقاتي– تخبرني بأنها رأتني في حلمها متوفاة منذ ثلاث سنوات، وكنت أقول لها في الحلم: "لا تحزني، أنا في مكان أفضل."

واليوم، رأت صديقتي المقربة نفس الحلم الذي رأته الأولى، وهو حلم معروف بتفسيره الذي ذكرته سابقا.

عندما علمت بهذه الأحلام، شعرت أنها كلها موجهة لي، خاصة مع شعوري القوي في الأيام الأخيرة بقرب أجلي، فهل ما يحدث هو فعلا رسالة لي؟ وهل هو شعور من الله ليهديني أكثر، أم أنه من مداخل الشيطان لإخافتي؟ أنا خائفة جدا ليس من الموت، بل من لقاء ربي وأنا غير مستعدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختنا العزيزة- في استشارات إسلام.

أولا: نشكر لك تواصلك بالموقع، ونهنئك بما فتح الله تعالى به عليك من الهداية والتوبة، وتحبيب العمل الصالح، والمحافظة على صلواتك وحجابك، ونسأل الله تعالى أن يزيدك هدى وصلاحا.

وهذا الخوف -أيتها البنت الكريمة- من الموت فقد بان أنه نفعك -بإذن الله تعالى-، وينبغي للإنسان أن يتذكر الموت دائما، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- أمرنا بهذا، قال: "تذكروا هادم اللذات"، فإن تذكر الموت إذا كان بالطريقة الصحيحة أمر مفيد ونافع، فإنه يقلل الرغبة في الدنيا والانشغال بها، ويحث الإنسان على الاستعداد للآخرة ولقاء الله تعالى، ولهذا أرشدنا النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى تذكر الموت .

ولا ينبغي أبدا أن يغفل الإنسان أو ينسى ذكر الموت؛ فإنه إذا نسي ذكر الموت ذهبت به الدنيا في أوديتها السحيقة، وشغلته عما هو نافع له، ولكن لا ينبغي للإنسان أن يصل في تذكره للموت وخوفه مما بعده إلى درجة تصيبه بالاكتئاب والإحباط وإساءة الظن بالله تعالى؛ فهذا من الشيطان؛ لأن الله تعالي يريد لنا أن نحيا حياة هنيئة طيبة، فقد قال سبحانه في كتابه الكريم: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة}، فالحياة الطيبة في هذه الدنيا، أي حياة الرضا والسكينة والاطمئنان وانشراح الصدر وهدوء البال؛ هي من جوائز الله تعالى العاجلة للإنسان المؤمن في هذه الدار، مع انشغاله بالطاعات، والإكثار من التقرب إلى الله تعالى بما يرضيه من الأقوال والأفعال.

والله تعالى أمرنا أن نحسن الظن به، فهو سبحانه وتعالى أهل لأن نظن به كل جميل، فكل نعمة نعيشها هي من الله، وهي دليل على سعة رحمته وكريم فضله سبحانه وتعالى، وواسع جوده.

فينبغي أن نتذكر هذه المعاني، فنحسن الظن بالله تعالى، وقد قال الله في الحديث القدسي: "أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء".

فأنت استمري على ما أنت عليه من المحافظة على الصلوات في أوقاتها، والتزام الحجاب، وأكثري من نوافل الأعمال بقدر استطاعتك، واستعدي للموت، ولكن اعلمي أن الموت انتقال من هذه الحياة الفانية التي جبلها الله تعالى على الأكدار والمصائب والآلام والأحزان، انتقال من هذه الحياة إلى حياة هنيئة، لا غصص فيها ولا متاعب.

فأبشري بفضل الله تعالى، وأحسني ظنك به، وأنه يغفر الذنوب جميعا، وأنه لا تنفعه طاعة الطائعين، ولا تضره معصية العاصين، ولكنه يبتلينا ويمتحننا، فإذا تاب الإنسان من ذنوبه فإنه قد فاز بهذا الاختبار، والله تعالى يقبل توبته، ويمحو ذنوبه وسيئاته، وبذلك يكون قد أرضى ربه وعمل بما نفعه.

استعيني بالله سبحانه وتعالى، ولا تستسلمي لهذه المشاعر التي يحاول الشيطان أن يقذفها في قلبك ليوقعك في أنواع من اليأس والقنوط.

أما الرؤى المنامية هذه التي رأتها صديقتك وقريبتك؛ فلا تلتفتي إليها؛ فإن الرؤى المنامية بعضها من الشيطان، وهي على كل حال لا تبنى عليها أحكام، فلا ينبغي أن تكون مصدر قلق، ثم ليست مرئية لك بخصوصك، فينبغي أن تصرفي ذهنك عن التفكير فيها تماما، واحرصي على الشيء الذي ينفعك، هكذا وصانا الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- فقال: "احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز".

فالذي ينفعك هو:
- الاستمرار على التوبة.
- المحافظة على الفرائض.
- الإكثار من النوافل.
- إحسان الظن بالله تعالى.
- وأن تظني أنك إذا مت فإنك ستنتقلين إلى جنة عرضها السماوات والأرض، وستنالين ثواب توبتك، وحرصك على إرضاء ربك.

وبذلك ستعيشين حياة هادئة مطمئنة -بإذن الله تعالى- .

نسأل الله تعالى لك دوام التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات