علمت أن خطيبتي لها محادثات قديمة مع شباب، هل أستمر معها؟

0 2

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تقدمت لخطبة فتاة، بناء على سمعة عائلتها الطيبة، في البداية كان الموضوع عاديا، لكنني سألتها سؤالا مباشرا: "هل كلمت أحدا قبلي؟ أو أعجبت بأحد؟"، فقالت: بصراحة: نعم، كنت معجبة بشخص، وحدثت بيني وبينه مىحادثة، وقلت له: إنني معجبة بشكله وإنني أحبه، لكنه رفض بسبب أنه صديق لأخي، لا أعرف متى ذلك بالتحديد، وأظنه كان في أولى جامعة.

الشخص الذي كانت تعجب به يعتبر جارنا، وهذا أول شيء صدمني، وقالت لي بعدها: إنها لم تكلم أحدا غيره، وبصراحة، أنا أيضا لست إنسانا كاملا، لدي ماض من محادثات ومكالمات.

بعد فترة، اكتشفت أنها تشاهد مواقع إباحية وتمارس العادة السرية، فواجهتها بالأمر، فقالت إن هذا من الشيطان، وإنها تابت وتغيرت، ولكن بعد فترة أخرى اكتشفت أنها كلمت أكثر من شاب، ومنهم شخص تحدثت معه بالفيديو، وعندما واجهتها قالت: "هذا ماض، وأنا نادمة عليه".

حاولت الابتعاد عنها، لكني متعلق بها جدا، وهي كذلك، ثم اكتشفت أنها قبل ارتباطنا كانت تتحدث مع شباب بكلام عن الشهوة ومحتواه جنسي، ووجدت أيضا أنها بحثت على موقع البحث (جوجل) عن مواقع إباحية، وعند ذلك قررت أن أفسخ الخطبة.

أنا خطبتها منذ شهر فقط، وأهلها جيران لنا، وهم أناس محترمون جدا، وعائلتها وعائلتي حضروا الخطبة، والبلد كلها عرفت بالأمر، مع العلم أننا وقعنا في بعض المعاصي –والعياذ بالله– مثل اللمس والحضن، لكن الله سترنا، وفي مرة رأتنا والدتها وأنا أحتضنها، وكانت غاضبة جدا، وقالت لبنتها: "خطيبك لن يكمل معك بعد هذا الذي حصل منك"، لكن في النهاية مر الموقف.

صليت صلاة الاستخارة كثيرا، لكن أحيانا أشعر بضيق شديد، وأحيانا لا أشعر بشيء، إلا أني لم أعد أستطيع ممارسة حياتي بشكل طبيعي، بسبب كثرة التفكير، فقد كذبت علي، وعندما أواجهها بأنها لم تخبرني بأنها كلمت أحدا قبلي، تقول: "كنت خائفة أن أخسرك".

أرجو من حضراتكم الإفادة والنصيحة، فأنا محتار جدا، وذهني لا يهدأ.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الفاضل- في استشارات إسلام ويب.

في البداية، لا بد من التوبة النصوح من كل هذه الممارسات والأفعال التي حرمها الله تعالى، سواء منك أو منها، ولا بد أن تعلم أن للعلاقة بين الخاطب والمخطوبة حدودا بينها الشرع، ووضع لها ضوابط وحدودا؛ حتى تصان الأعراض من أي تدنيس أو عبث.

وقد أحسنت عندما حرصت على الاختيار لصاحبة السمعة الحسنة، وكان لا بد أن تحرص أيضا على التحقق من صفة الدين والخلق؛ فهذا هدي النبي ﷺ الذي يقول: (تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ولدينها؛ فاظفر بذات الدين تربت يداك) فذات الدين والخلق تحفظك في نفسها وبيتها وعرضها، وهذه الصفات من أهم أسباب الاستقرار الأسري والسعادة الزوجية.

كان الأولى السؤال عن الماضي وأخلاق الفتاة قبل الشروع في الخطبة؛ فعندما يحدث الاطمئنان لهذه الفتاة وأخلاقها ودينها، تبادر إلى خطبتها، ثم التفاهم خلال فترة الخطبة -وفق الضوابط والحدود الشرعية- حول بقية تفاصيل الحياة الزوجية، وخلال هذه الفترة يحدث التفاهم ومعرفة مدى التوافق والانسجام النفسي والشخصي، وهذا الأمر أيضا يساهم بشكل كبير في الاستقرار الأسري.

وبما أنك عرفت هذه الأمور بعد الخطبة، فلا بد من التأكد والتحقق من حصول التوبة النصوح عن كل تلك الممارسات، مع الحرص على ضرورة تحقق شروط التوبة الثلاثة: الإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم الرجوع إليه، وهذه التوبة لا بد أن تحقق لكما الاستقرار النفسي والتوافق، ولا بد أيضا أن تعطيك انطباعا وطمأنينة بأن الماضي انتهى، ولا يمكن العودة إليه.

فإذا وجدت أنك لا تستطيع تجاوز هذه الأمور، أو أنها ستؤثر على سعادتك وثقتك في العلاقة، فقد يكون من الأفضل التفكير في إنهاء الخطبة، أما إذا شعرت أن الفتاة تغيرت، وأنها جادة في تحسين حياتها، وتعيش وفقا لقيم وسلوكيات جديدة إيجابية، فقد يكون من الممكن التعاون والمشاركة بينكما لبناء مستقبلكما، ويمكن خلال فترة الخطبة معرفة ذلك، بالدخول في حوار صريح وواضح حول ذلك، وقياس مدى التغير الحادث، والالتزام الحاصل منها.

ولا بد أيضا أن تسأل نفسك: كيف تشعر تجاه الفتاة الآن، بعد معرفتك بماضيها؟ هل تستطيع تجاوز هذا الأمر والتفكير في المستقبل، أم أن الماضي سيظل يشكل عائقا في علاقتكما؟ حتى بعد التوبة، إذا كنت تجد صعوبة في التغلب على هذه المشاعر، فقد يؤثر ذلك على علاقتكما في المستقبل، من المهم أن تنظر إلى القيم التي تهمك في العلاقة والزواج، هل يمكنك التعايش مع ماضيها، أم أن هذا يتعارض مع مبادئك الشخصية؟ هذه الأمور هي من تحدد قدرتك على الاستمرار أو إنهاء الخطوبة.

أخيرا: أخي الفاضل: ينبغي أن تقوي علاقتك بالله تعالى، وتحسن الرجوع إليه، والتوبة النصوح، والاستقامة على شرعه؛ حتى تجد نتائج ذلك في حياتك وعائلتك؛ فالله تعالى يقول: {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات ۖ والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات ۚ أولٰئك مبرءون مما يقولون ۖ لهم مغفرة ورزق كريم}، فكما تكون ييسر الله لك رفيقة حياتك، ويسددك في عائلتك، والعكس أيضا، من خان أعراض الناس يبقى هاجس الخوف والخيانة يلازمه في عرضه، حتى يصدق في توبته ورجوعه إلى الله تعالى.

أكثر من الاستخارة والدعاء والتضرع لله تعالى، بأن يختار لك الخير ويدلك عليه، ويعينك على الاستقامة والتوبة، ثم بادر بالعمل الصالح والاجتهاد فيه؛ فكل هذا مما يشرح الصدر ويعين على الخير.

وفقك الله وسدد في الخير خطاك.

مواد ذات صلة

الاستشارات