السؤال
السلام عليكم
أنا فتاة بعمر 16 سنة، شعرت عند النوم بأن قلبي يخفق بشدة، وبدأت بالتعرق، وأصبت بهلع وضيق في التنفس، وشعرت بأني سأموت، واستمر هذا الشعور ليلة كاملة حتى الفجر، وعندما سمعت الأذان شعرت بقليل من الانزعاج، ثم بحثت ووجدت أن ما مررت به يشبه نوبات الهلع ووسواس الموت، واستمرت هذه الحالة تقريبا مدة شهر، ثم تحولت إلى وسواس الأمراض، حيث تأتي وتذهب، أما نوبات الهلع فلم تتكرر بعدها.
لكن منذ أسبوع وجدت كتلة في قدمي، فأصابني وسواس شديد بالخوف من السرطان، وعادت نوبات الهلع ليلا، واستمرت ليوم واحد، فيما استمر الوسواس لأكثر من أسبوع، فانعزلت عن أهلي، لأن الأفكار كانت شديدة، ولم أستطع تحملها، لدرجة أني تمنيت الموت.
بالأمس، أحضر والدي راقيا إلى المنزل، وأظن أنه أخبره بأنني كنت منعزلة، لأني لم أخبر أحدا عن تلك الوساوس، فظنوا أن انعزالي وفقدان شهيتي بلا سبب.
بدأ الراقي بسؤالي إن كنت أعاني من صداع متنقل، فأجبت: نعم، لكنه نادر، ويأتي من استخدام الهاتف، وأنا لم أخبره بذلك، ثم سألني: هل ترين ظل شخص أسود، أو ما شابه؟ وكانت جميع إجاباتي: لا.
بدأ بالقراءة، وفي البداية شعرت بشيء يتحرك في بطني وصدري كأنه يريد الخروج، ثم ذهب الشعور، لكن عندما قال: "اللهم أبطل السحر المرشوش في عتبة الباب"، عاد الشعور بشكل أقوى، وكأن شيئا داخلي يريد الخروج، علما بأننا كثيرا ما نجد ماء مسكوبا عند الباب.
أما أثناء آيات العين والحسد، شعرت فقط بضيق في التنفس، وأما عند قراءة آيات المس، فلم أشعر بشيء.
طول فترة الرقية، شعرت بثقل في رقبتي ويدي وقدمي اليسرى، فأخبرته بذلك، فقال: إن بي عينا وحسدا، وطلب مني قراءة سورتي طه والدخان، وقال إن تأثرت عندها، فهذا يعني أن بي مسا. كما أخبر والدي أنه يشتبه في إصابتي بالمس.
صراحة، لا أظن أن بي مسا، لأني دائما ما أسمع القرآن والأذان، وأعلم أن من به مس لا يحتمل ذلك، أما أنا فأسمعه طبيعيا.
كما أنني أقرأ القرآن أحيانا، وأتثاءب فقط، وكذلك عند سماع الرقية، لا أتأثر إلا أحيانا بالتثاؤب.
كنت متهاونة في الصلاة، ولكن -الحمد لله- منذ أسبوعين أصبحت أحافظ عليها، وكنت أمارس العادة السرية، وتوقفت عنها منذ مدة قصيرة، فهل ما أعاني منه هو مس أم لا؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بشرى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أيتها الفاضلة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه وسوء.
دعينا ابتداء نؤسس لقاعدة هامة، غياب هذه القاعدة أورث عند بعض الناس هما وغما ووسواسا قويا، وهي: أن الجن خلق ضعيف لا يملك من أمره شيئا، لا يقدر أن يحرك ساكنا، ولا يسكن متحركا، إذا لم يأذن الله في ذلك، وقد أخبرنا الله عز وجل أنه ليس له سلطان على المؤمنين، لكن للأسف البعض يتوهم أن الجن لهم سلطان وقدرة خارقة للعادة، وهذه كلها أوهام لا علاقة لها بالصحة قط.
ثانيا: نحن لا ننكر المس أو تلبس الجن بالإنس، لكنا ننكر تضخيم البعض لقدراته، ونرى أنه ضعيف، ولا سلطان له البتة على المؤمن، واستمعي معنا إلى قول الشيطان في خطبته لأهل النار، قال تعالى: (وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم }(إبراهيم:22).
انتبهي لقوله: (وما كان لي عليكم من سلطان) واستحضري قول الله تعالى: (إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا) ساعتها تدركين أن التضخيم في غير محله، وأن العبد المتصل بالله المتحصن بالذكر لا يقدر الشيطان ولا أعوانه جميعا على إلحاق أدنى ضرر به.
ثالثا: ما أنت فيه لا نراه مسا، بل هو على الأغلب عين أو حسد، وهي بأمر الله زائلة ما استقمت على الطاعة وحافظت على الرقية الشرعية، مع أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم، وقراءة سورة البقرة كل ليلة أو الاستماع إليها عند العجز عن القراءة؛ هذه الأمور ستساعدك كثيرا على التخلص مما أنت فيه -إن شاء الله-.
رابعا: العزلة أخطر ما أنت فيه؛ لأنها حديقة الشيطان المريحة للعبث بعقل الإنسان؛ لذا نحذرك من اعتزال الناس، بل نحذرك من الفراغ، اجتهدي أن تقسمي أوقاتك بين دراسة وذكر، وعمل ومساعدة الوالدة في البيت، وألا تخلدي للنوم إلا وأنت مرهقة .
خامسا: الوساوس دائما تتصيد أهل الغفلة والطيبين وأصحاب الضمائر الحية، وما أنت فيه لون من ذلك؛ لذا يجب أن تتعاملي معه بعلم وفهم حتى تتجاوزيه، ومن أهم الوسائل في التعامل مع الوساوس أنها لا تصدق ولا تناقش، فإن من أخطر ما يقع البعض فيه أن يصدق الوساوس ثم يحاول تحليلها ثم يريد دفعها بالمناقشة، وهذا سلوك خاطئ في التعامل مع الوساوس.
التعامل الصحيح هو التحقير والتغافل، ومخاطبة النفس بأنه هذا وسواس حقير، وأن الأمور كلها بيد الله، ثم مباشرة تفكرين في أمر آخر، وتنشغلين بسلوك آخر.
حافظي على الطاعة والرقية الشرعية، وابتعدي عن العادة السرية، والزمي الذكر، وتغافلي الوساوس، وابتعدي عن العزلة، وأكثري من الدعاء لله تعالى بأن يشفيك، وثقي بأن الله سيعافيك بعونه تعالى.
نسأل الله أن يحفظك وأن يرعاك، والله الموفق.