السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عندي سؤال: لدي قريبة من جهة الأب تعادي والدتي دون سبب، لدرجة أن أي شخص من أهلنا يزورها يقاطعنا نهائيا، وتصل القطيعة إلى الكراهية، فلم يعد أحد يزورنا من أهلنا، وكان آخر شخص زارنا هو جدي -رحمه الله- قبل ثلاث سنوات.
حاولنا أن نصل أرحامنا، لكن تعاملهم كان سيئا معنا، فعندما أبادر بالسلام على أعمامي لا يردون علي السلام، وأخوالي يشوهون سمعتي، وأقسم بالله أني لن أسامح أحدا منهم، لدرجة أني أصبحت أدعو الله أن يأخذ حقي منهم في الآخرة؛ لأن الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة.
وسؤالي هو: كيف أتعامل مع هذه المرأة التي تعادينا دون سبب؟ على الرغم من أنها لا تأتي إلينا، ولا نحن نذهب إليها، وكيف أتعامل مع أقاربي؟ هل يجوز قطيعة الرحم في هذه الحالة؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله أن يحفظك وأن يقدر لك الخير حيث كان.
لا شك أن قطيعة الرحم -الواجب صلتها- من كبائر الذنوب، لما روى النبي ﷺ أنه قال: (لا يدخل الجنة قاطع) [متفق عليه]. ومجرد إساءة الأقارب إلى الإنسان لا تبيح قطيعتهم، فقد قال ﷺ: (ليس الواصل بالمكافئ، إنما الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها) [أخرجه البخاري]. وعن أبي هريرة، أن رجلا قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: (لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك) [أخرجه مسلم]، لكن إذا اجتهدت في الوصل وتحملت فوق طاقتك، وعلمت أن صلة الرحم سيترتب عليها أضرار محققة؛ فعندئذ يسقط الواجب عليك.
قال الحافظ أبو عمر ابن عبد البر: "أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصا على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه أو دنياه، فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية".
وعليه فنصيحتنا لك ما يلي:
1- لا يبنى أي حكم على مجرد الظن، بل الأحكام خاصة في مثل هذه الأمور -الخاصة بقطيعة الرحم- لا بد أن تبنى على اليقين أو الظن الغالب.
2- إن كان هناك مجال لمعرفة الأسباب التي صرفت الأهل عنكم بدون اتهام الغير، فهذا أفضل؛ فقد يكون هناك أسباب مقنعة أنت في غياب عنها، لذا ننصح بالتفكير بعيدا عن فكرة المؤامرة تلك، خاصة والقطيعة شاملة للأخوال والأعمام.
3- نرجو أن تحصنوا البيت بالرقية الشرعية، وأن تقرؤوا سورة البقرة كل ليلة مع المحافظة على الأذكار.
4- إن استطعت إبقاء العلاقة على الحد الأدنى دون إلحاق ضرر بكم فهذا أولى، وإلا فجائز عند تحقق الضرر تلك القطيعة.
نسأل الله أن يحفظك وأن يرعاك، والله الموفق.