السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي مشكلة بدأت بالنسيان، ثم تطورت إلى كثرة الشك، وأخشى أن يكون منتهاها وسوسة. ولكن هذه الشكوك والوسوسة أصلها كثرة النسيان؛ حيث أعاني من كثرة النسيان حتى في الحياة اليومية.
ولدي ظاهرة غريبة؛ حيث إني أنسى -أو على وجه الدقة لا تحضرني- أسماء الأشياء، بل تجري على لساني أسماء عجيبة، فلو أردت قلما قد أقول: "أعطيني ثلاجة خروف"، وأريد أن أقول: "رأيت الكتاب"، وقد أقول: "رأيت الباب، أو الشجرة، أو البحر"، أو أي اسم يخطر على بالي، حيث يضحك أهلي مني، وهكذا تخرج أسماء عجيبة.
وحين أتذكر شيئا وقع وحدث أجد في بالي صعوبة في تذكره، بحيث تختفي الأشياء كليا، وبعضها أشك فيه، وحيث أخاف الكذب، فأنا حين أحكي شيئا يكون كلامي كله عبارات من قبيل: "ربما"، ومن قبيل: "على ما أعتقد"، "لست متأكدا"، "قد يكون كذا وقد يكون غيره".
وقد انتقل هذا النسيان إلى العبادة، فقد أتوضأ، وإذا فرغت أقول: هل توضأت؟ وقد أعيد الوضوء، ورغم الإعادة أشك مرة أخرى: هل توضأت؟ ... وهكذا.
وتطور هذا -على ما أعتقد- إلى الوسوسة، بل أعتقد أن الأمر خليط بين النسيان والشك والوسوسة، خليط متشابك، لا أدري أيهما هو الغالب.
وطبعا أقرأ عن الأسباب والعلاج للوسوسة، وأن علاجها هو الإعراض عن الشكوك وعدم الالتفات إليها، ولكن النسيان لا أعرف ماذا أفعل معه؟
هذه المعاناة مع النسيان بدأت معي منذ سنوات طويلة، وربما أكثر من عشر سنوات.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سامي .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.
أخي: النسيان، أو عدم الاستذكار، أو عدم استرجاع المعلومات له أسباب عضوية، وله أسباب نفسية، ومن الأسباب العضوية المعروفة:
1. ضعف إفراز الغدة الدرقية.
2. وضعف مستوى فيتامين ب 12 في الدم.
وهنالك علل أخرى مثل: الشلل الرعاشي المستمر لسنين طويلة، هذا قد يؤدي أيضا إلى شيء من ضعف التركيز.
كذلك الأمراض العضوية المزمنة كمرض السكري مثلا، ومرض الضغط، وكل الأمراض التي قد تؤدي إلى تصلب في الشرايين الدماغية؛ قد تجعل عملية تسجيل المعلومات ثم استرجاعها ضعيفة بعض الشيء.
وطبعا من الأسباب العضوية الكبيرة: متلازمة الزهايمر وأسباب الخرف الأخرى، وهذه طبعا كلها بعيدة جدا بالنسبة لك أنت، أنا ذكرتها فقط للتأكيد على أن هنالك أسبابا عضوية، لكن لا أرى أبدا حالتك ترتقي لأي نوع من ضعف التركيز الذي أدى إلى النسيان ويكون منشأه عضويا.
أخي الكريم: من خلال رسالتك التي تلمست منها أنك -ما شاء الله- تركيزك في أفضل حالاته، ترتيب الأفكار ليس هنالك تداخل فيه، ليس هنالك أخطاء، النسق فيما أوردته بالنسبة لي يعتبر تشخيصا إكلينيكيا مفيدا جدا، وهذا يجعلني أقول لك: لا يوجد أي سبب عضوي يفسر عدم التركيز هذا، إنما السبب نفسي وليس أكثر من ذلك، فالقلق الداخلي قد يؤدي إلى ضعف في التركيز.
أما موضوع الاختلاط بين الكلمات والأشياء الأخرى التي ذكرتها، أعتقد أن هذه وسوسة وليس أكثر من ذلك، وأنا أقول لك إن الوسوسة زائدا القلق بالفعل يؤديان إلى اضطراب في التركيز، ويشعر الإنسان بالنسيان.
فيا أخي الكريم: حاول أن تأخذ قسطا كافيا من الراحة، هذا علاج أساسي، وأفضل أنواع الراحة هي التي تأتي من خلال النوم الليلي المبكر.
هذه نصيحتي الأساسية لك، ويجب أن تمارس الرياضة، ويجب أن تهتم بالتغذية السليمة، وحاول أن تقرأ القرآن بتدبر وتمعن؛ لأن هذا كله يساعدك -إن شاء الله تعالى- من أجل تقوية ذاكرتك وتحسين تركيزك.
ومارس تمارين الاسترخاء، تمارين التنفس المتدرجة، مهمة جدا؛ لأنها بالفعل تساعد على استرخاء العضلات، وهذا الاسترخاء العضلي يؤدي إلى الاسترخاء النفسي، والاسترخاء النفسي يؤدي قطعا إلى سرعة تسجيل المعلومات، وحفظها واسترجاعها عند الوقت المطلوب، وتكون في أفضل حال.
هذا هو الإرشاد النفسي العام، ويا حبذا أيضا لو تناولت أحد أدوية الوساوس، الأدوية المضادة للوساوس والقلق، أعتقد أن ذلك سيفيدك أيضا، مثلا عقار مثل (سيبرالكس - Cipralex) بجرعة صغيرة سيكون جيدا في حالتك، والسيبرالكس يعرف باسم (اسيتالوبرام - Escitalopram)، فإن أردت تناوله ابدأ بجرعة نصف حبة -أي خمسة مليجرام يوميا- لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة عشرة مليجرام يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها خمسة مليجرام يوميا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء.
هذا هو الذي أود أن أنصحك به، وأرجو أن تفيدني بعد شهرين، وبعد أن تطبق هذه الإرشادات التي ذكرتها لك، وتتناول الدواء حسب ما هو موصوف.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.