هل أُشجع زوجي على الزواج بأخرى من أجل مستقبل أبنائي؟

0 5

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا سيدة متزوجة، أبلغ من العمر خمسين عاما، لدي خمسة أبناء: اثنان من الذكور وثلاث من الإناث، ابني الكبير يبلغ من العمر خمسة عشر عاما، وقد ولد بتشوه خلقي أثر سلبا في شخصيته، فأصبح انطوائيا وضعيف الشخصية، جاهدت كثيرا أنا ووالده لمساعدته، وما زلنا نحاول، إنه بحاجة إلى من يكون إلى جانبه، ومؤخرا، بدأت أفكر جديا في أن أشجع زوجي على الزواج من امرأة أخرى، أدعو الله أن تكون صالحة.

أرغب أن يكون لابني إخوة آخرون يكونون له سندا وعونا في هذه الحياة، إن رزقهم الله بذلك، وأن تكون لي أختا تعينني في السراء والضراء، خاصة وأن زوجي مقتدر، لديه حظ طيب من الرزق، والأملاك، والمال، وحسن الخلق، وأنا أيضا مقتدرة -ولله الحمد-، وأستطيع مساعدته، ومؤمنة بكل ما أحله الله.

عرضت الفكرة على زوجي، فرفض في البداية، لكن بعد نقاش وإقناع، أخبرته أن هذا سيكون إضافة جميلة لحياتنا، فبشرني خيرا، ولكنه اشترط أن يكون ذلك باتفاق بيننا، وأن تكون الزوجة من اختياري وبرضاي، وأن نعيش كأسرة واحدة، وأن تكون بمثابة أخت لي، فهو لا يريد أن يتشتت بين بيتين، ولا أن يفرط في استقرار بيته.

وهناك أمر آخر، وهو أن المجتمع قد ينظر إليه كنظرة إلى رجل شهواني، وهو لا يحب ذلك، فأرجوكم أن تساعدوني وتنصحوني بما فيه الخير لي، ولزوجي، ولعائلتي، فالعالم من حولنا كالغابة، وأقرب الناس إلينا هم أحيانا أشدهم شراسة.

هدانا الله وإياكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تباشير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بداية: لا يسعنا إلا إن نكبر ونقدر شخصكم الكريم على هذه المبادرة العظيمة، التي تدل على اتصافكم بالحكمة وبعد النظر؛ فإن اقتراح الحلول الشرعية، لمعالجة العوارض والمشكلات الحياتية؛ بنية جلب المصلحة الآنية والمستقبلية لجميع أفراد الأسرة، يدل على إيمان ورباطة جأش قل نظيرها في زماننا.

فسعيك لأن يكون لأبنائك إخوة من أبيهم هو مسعى عظيم، يدخل في باب ضمان حفظ كرامتهم من خلال تعزيز قوتهم العائلية، وهو مطلب شرعي، إذ إن حفظ الكرامة يستوجب القوة، ولا تأتي القوة إلا بكثرة العصبة والنسب، قال تعالى على لسان نبي الله لوط عليه السلام: ﴿قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلىٰ ركن شديد﴾ [هود: 80]، والركن الشديد هو العشيرة كثيرة العدد.

وما قيامك بعرض الفكرة على زوجك الكريم إلا خطوة عملية سليمة، ترفع من قدرك ومنزلتك عند زوجك أولا، وعند كل مؤمن سمع بمبادرتك.

وننصحك بالاستمرار في هذا السعي، مع تجديد النية والإخلاص لله تعالى، واحتساب الأجر منه سبحانه، انطلاقا من قول النبي ﷺ: "الدال على الخير كفاعله". [رواه الترمذي وصححه الألباني].

وأحسني الظن بالله، فمن أحسن الظن بربه، واتبع الحلول الشرعية، وسعى إلى العمل بها بما يرضي الله، فلن يضيعه الله أبدا.

فواصلي جهودك في إسعاد زوجك وأسرتك، فالمسلم تقاس قيمته بمنفعته لأهله، ولمن له حق عليه.

أما بخصوص اشتراط زوجك أن تكون الزوجة الثانية من اختيارك أنت، فهذا يدل على ثقته فيك من جهة، وعلى تحميلك مسؤولية احتمالية حدوث مشاكل مستقبلية، بينك وبين الزوجة الثانية من جهة أخرى.

لذا: ننصحك باختيار فتاة صالحة من بيت يتصف أهله بالصلاح والتواضع، فكما تعلمين، الزواج مصاهرة بين أسرتين، ولذلك من الضروري أن توضحي للفتاة ولأهلها طبيعة وضع أسرتكم ماديا واجتماعيا، مع بيان الصورة المستقبلية لوضع الفتاة كزوجة ثانية ضمن عائلتكم، وفق الشروط التي اشترطها زوجك، خاصة مسألة العيش في بيت واحد، فإذا تم التوافق والتراضي، فاستخيروا الله وتوكلوا عليه.

أما نظرة المجتمع إلى الزوج المعدد بأنه رجل شهواني، فلا ينبغي الالتفات إليها، فهي مخالفة للشرع أولا، إذ إن خير البشر ﷺ عدد الزوجات، وكذلك أصحابه -رضوان الله عليهم- وهم أسوتنا، وهي أيضا نظرة مخالفة للواقع، فالرجل الطبيعي المقتدر –ماديا وجسديا ونفسيا– قد لا تكفيه زوجة واحدة.

ومما يؤكد صواب وواقعية مبادرتك، هو كثرة السوابق الناجحة لمن سلكوا هذا الطريق، فكثير من الناس لا إخوة لهم إلا من أبيهم، وكثير من العائلات لم تتسع عزوتها إلا بتعدد الزوجات، فكثر بذلك الأبناء والأعمام والأخوال.

ولو علمت النساء مدى قوة "العزوة" لأبنائهن، لسعين بأنفسهن في تزويج أزواجهن، علما أن العزوة الاجتماعية تزداد بقوة العدد، سواء من الإخوة أو الأعمام أو الأخوال.

ملاحظة: نود التنبيه إلى أن لكل دواء آثارا جانبية، خاصة في بداية استخدامه، وكذلك الأمر في الزواج الثاني؛ فالسنة الأولى غالبا ما تكون صعبة ومليئة بالتحديات، إذ إن التغيرات الجديدة –التي لم تعتدها النفس– قد يستغلها الشيطان لإشعال الفتن، وهذا يحصل حتى في الزواج الأول، حيث تسجل غالبا خلافات في سنته الأولى.

لذا، ننصحك بأن تتحدثي مع زوجك عن هذه المرحلة، وتذكريه بضرورة الصبر عليك وعلى الزوجة الثانية، وأن يتفهم بعض ردود أفعالك أو غضبك في هذه المرحلة، وكذلك عليك أن تصبري أنت أيضا على التغييرات الجديدة، وتحتسبي ذلك لله عز وجل.

وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات