السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كنت مخطوبة منذ فترة طويلة، ولكن خاطبي تركني قبل شهر، بسبب كثرة الشجارات بيننا على أمور بسيطة، لكنه تغير تماما وبشكل مفاجئ.
سؤالي هو: هل النصيب أقوى من العين والحسد؟ وإذا كان من نصيبي، فهل سنجد طريقنا إلى بعض من جديد، أم أن تأثير العين والسحر يمكن أن يغير المكتوب؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة / Jaana حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يصرف عنك كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان، ويرضيك به، ونشكر لك تواصلك مع الموقع.
وأما ما ذكرته من الكلام عن العين والحسد، وهل هما أقوى من النصيب الذي هو القدر أم لا؟
فالجواب -ابنتنا الكريمة-: أن كل ما يحدث في هذا الكون لا يحدث إلا بتقدير الله تعالى وإذنه ومشيئته ورضاه، وقد قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها﴾ أي من قبل أن نوجدها ونخلقها، ﴿إن ذٰلك على الله يسير * لكيلا تأسوا علىٰ ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم﴾ [الحديد: 22-23].
فأخبرنا سبحانه أن كل ما ينزل بنا من الأقدار والمصائب، قد كتبه الله سبحانه وتعالى قبل أن يخلقنا، ثم أخبرنا سبحانه وتعالى أنه أخبرنا بذلك وأطلعنا على ذلك، حتى نطمئن وترتاح أنفسنا، ونعلم أن كل شيء قد قدر قبل أن نخرج إلى هذه الحياة، فلا يصيب الإنسان بعدها حسرة ولا ندامة إذا أصابته مصيبة، ولا يصيبه أيضا في المقابل فرح مفرط أو بطر، إذا نال نعمة، كما قال تعالى: ﴿لكيلا تأسوا علىٰ ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم﴾، وقال سبحانه وتعالى أيضا في كتابه العزيز: ﴿ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ۗ ومن يؤمن بالله يهد قلبه﴾ [التغابن: 11] فإذا علم الإنسان أن كل شيء بقضاء وقدر، وأن ما أصابه إنما أصابه بتقدير الله تعالى، فإن الله يهدي قلبه، ويشرح صدره، وييسر أمره.
لذا نصيحتنا لك: أن تقوي هذا الإيمان في قلبك، وتتذكري دائما أن الله سبحانه وتعالى هو المتصرف الوحيد في هذا الكون، فلا أحد يستطيع أن ينفع أو يضر إلا بإذن الله، وفي المقابل لا يقدر الناس جميعا أن يضروا أحدا إلا بإذن الله، وإذا آمنت بالقدر على هذا الوجه، وبهذه الطريقة؛ فإنك ستجدين الراحة والطمأنينة والانشراح، وستعتمدين على الله سبحانه وتعالى حق الاعتماد.
العين حق وصدق، كما أخبر النبي ﷺ، والحسد كذلك، ولكن الإصابة لا تقع إلا بإذن الله، فاطمئني، ولكن هذا لا يعني ترك الأخذ بالأسباب لدفع القدر السيئ، القدر المكروه، والعين والحسد قد جعل الله سبحانه وتعالى لهما أسبابا تدفعهما عن الإنسان، فينبغي للإنسان أن يتحصن بأذكار الصباح والمساء ليحمي نفسه من المكروهات قبل أن تقع، وإذا وقعت فينبغي له أن يجتهد في أن يرقي نفسه الرقية الشرعية، بأن يقرأ سورة الفاتحة، وسورة الإخلاص: "قل هو الله أحد"، والمعوذتين: "قل أعوذ برب الفلق"، "قل أعوذ برب الناس"، وآية الكرسي، والآيتين الأخيرتين من سورة البقرة، ويقرأها على ماء، ويشرب منه ويغتسل به، ولا بأس أن يستعين بمن يحسن الرقية الشرعية، من أهل الثقة المعروفين بالتدين، والبعد عن المخالفات الشرعية.
وبعد الأخذ بالأسباب، ينبغي للإنسان أن يطمئن لتقدير الله تعالى، ويوقن بأن ما يأتي من عند الله هو الخير، وأن ما يقدره الله له هو الأصلح له، وإن لم يظهر له وجه الحكمة، فإذا كان الله يعلم أن الخير لك في أن يجمعك بهذا الرجل في زواج بالحلال، فإن الله تعالى سييسره ذلك، فاجتهدي وأكثري من دعاء الله بأن يقدر الله لك الخير، وفوضي أمورك إليه.
وأفضل ما نوصيك به أن تكوني على جانب عظيم من تقوى الله تعالى، بأداء الفرائض واجتناب المحرمات، فإن تقوى الله تعالى وطاعته من أعظم أسباب جلب الأرزاق وتيسير الأمور، فقد قال الله في كتابه الكريم: ﴿ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب﴾ [الطلاق: 2-3].
نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.