السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تقدم لي شاب، وبعد السؤال عنه، شهد له الناس بالتزامه بالصلاة في المسجد، وأنه شخص خلوق، ويكسب رزقه من الحلال، ولا يوجد اختلاط في مكان عمله، كما أن مظهره يدل على التزام؛ فلا يسبل ثوبه، ولا يحلق لحيته، ويغض بصره.
لكن بعضهم أضاف أنه عصبي في بعض الأحيان، وقد يزل لسانه بكلمة بذيئة، وعلمنا أيضا أنه يرتاد المقاهي، ويطلق بصره، ويرتاد الملاعب لمشاهدة مباريات كرة القدم، وكان لديه حساب على الفيسبوك فيه بنات، ولكن عندما واجهه أبي بذلك، أخبره بأنه غير متساهل في مسألة الاختلاط، ولا يتحدث معهن، ثم قام بحذف الحساب، وأنشأ حسابا جديدا لا توجد فيه أي فتيات، وأبلغ أبي أنه جاد في أمر الزواج وغير متلاعب.
المشكلة أنني في حيرة من أمري، ولا أعرف ماذا أقرر، هل أرفض أم أقبل! أخاف إن قبلت أن أتأثر بتساهله، فيضعف إيماني وأنتكس، ولا أستطيع بعد ذلك أن أنشئ تلك العائلة المبنية على تقوى الله وشرعه، التي لطالما حلمت بها.
صليت الاستخارة أكثر من مرة، لكن شعوري كان متباينا؛ فمرة أشعر بالراحة والطمأنينة، وأقول: الله سيدبر أمري وسيقدر لي الخير في ديني ودنياي، وأحيانا ينتابني القلق بشأنه.
أردت أن أستشيركم -جزاكم الله خيرا-، فإن عائلتي لم تفدني بالنصح، ولا حتى بالسؤال الوافي عن مدى تدين هذا الخاطب والتزامه، فهم يرون أنني متشددة، وأن هذا الرجل متفتح وعادي؛ يرتاد المقهى، ويرى النساء، فهو في نظرهم مجرد رجل لا أكثر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تسنيم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا وسهلا بك في استشارات إسلام ويب، نسأل الله أن يرزقك الزوج الصالح، ويشرح صدرك، ويكتب لك الخير حيث كان، ويجعل هذا القرار بداية لسعادة واطمئنان.
لقد أحسنت في حرصك على السؤال والتفكر قبل القبول، وهذا يدل على رجاحة عقلك وصفاء نيتك، لكن بالمقابل، ينبغي أن نكون منصفين مع أنفسنا، وألا نستسلم للشكوك التي قد تفسد علينا فرصا طيبة لا تعوض.
ولأجل ذلك، نوجه إليك هذه النقاط المهمة بإيجاز ووضوح:
1. لا أحد كامل، لكن فيه من الخير ما يرجى ويبنى عليه:
الخاطب الذي تقدم لك – بحسب ما ذكرت – محافظ على صلاته، مستقيم في مظهره، غير متساهل في سلوكياته، وقد اعترف بأخطائه وتراجع عنها، وهذه صفات جيدة ومبشرة، فالرجل الذي يواجه، ويعترف، ويتغير، رجل يعول عليه.
2. كثرة الشك تسرق منك فرصا قد تكون ثمينة:
التردد والشك الدائم قد يصرفانك عن اتخاذ قرار صائب، ويجعلاك تعيشين في دوامة لا تنتهي، بحثا عن راحة كاملة لا وجود لها في الواقع، ومن الخير أن نقبل بالحسن القائم، لا أن ننتظر الكامل الغائب.
3. الاستخارة تعني التسليم لله، لا زوال القلق بالضرورة:
ليس شرطا أن تشعري براحة تامة بعد الاستخارة، فالقلق الطبيعي لا يبطلها، فاطمئني، فإن من سأل الله الخيرة، فلن يخيب، ولا يعقب الاستخارة إلا الخير.
4. الزواج طريق إصلاح متبادل، لا صفقة مكتملة من أول يوم:
ما دام الخاطب ملتزما في الجملة، راغبا في الحلال، قابلا للنصح، ومستعدا للتغير، فكل هذا يدل على أنه أهل لأن يكمل النقص معك، وتكملي النقص معه، وهذه هي سنة الحياة.
الخلاصة:
* الرجل – كما وصفته – مناسب وصالح.
* المخاوف التي تراودك يمكن معالجتها بالحوار والمصاحبة الطيبة.
* لا تفتحي باب الشك كلما هممت بخطوة، فذلك يفسد الحياة قبل أن تبدأ.
* وافقي، واستعيني بالله، وأكثري من الدعاء، وابدئي مرحلة جديدة بثقة ورضا.
نسأل الله أن يوفقك للخير، ويجمع بينكما على طاعته، ويكتب لك سعادة الدارين.