أحتاج إلى عمل أتكسب منه لكني لم أوفق، فماذا أفعل؟

0 6

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب في مقتبل العمر، وقد تحررت بلادي من حكم الظالمين، لكني لا أجد عملا.

لدي فحص في الجامعة، ويضغط علي للبحث عن عمل بعد نهاية هذا الفصل، غير أن فرص العمل معدومة، سواء في الداخل أو الخارج، وقد سئمت هذا الوضع بشدة، فأرشدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنشكرك على مشاركتك مشاعرك والتعبير عن حالتك بصراحة، ويبدو أنك تعيش مرحلة تتسم بالكثير من التحديات، ومع ذلك فإن تفكيرك في البحث عن حلول، ومواجهة ما تمر به يعكس قوة إرادتك ووعيك، ونسأل الله أن يفرج همك، ويرزقك الصبر والحكمة في التعامل مع هذه الظروف.

أولا: من الطبيعي أن تشعر بالملل والإحباط في ظل الوضع الذي وصفته، فالإنسان بطبيعته يسعى لتحقيق الإنجاز والشعور بالقيمة من خلال العمل والإنتاج، وعندما يواجه تأخرا في تحقيق هذه الغايات، قد يشعر بفقدان الهدف أو بالقلق من المستقبل، وهذا أمر مفهوم، خاصة إذا كنت شابا في مقتبل العمر، ولديك طموحات كبيرة تريد تحقيقها.

ما تعيشه الآن قد يكون وصفا لما يعرف في علم النفس بـ "الإحباط الناتج عن العجز المكتسب"، وهو شعور باليأس نتيجة الظروف المحيطة التي تجعلك تشعر أنه لا مفر منها. لكن تذكر دائما أننا كمسلمين نؤمن أن كل ما يصيبنا من ضيق أو فرج هو بإرادة الله، وأن ما تمر به الآن قد يكون جزءا من اختبار إيمانك وصبرك، وهو فرصة لتقوية علاقتك بالله سبحانه وتعالى.

ثانيا: من نعم الإسلام أنه يوجهنا للتوازن بين الأخذ بالأسباب والتوكل على الله، فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا} [الطلاق: 2-3].

التوكل على الله لا يعني أن ننتظر الفرج دون أن نبذل جهدا، بل يعني أن نعمل جاهدين ونؤمن أن النتيجة بيد الله، فإذا كنت تسعى ولم تجد عملا حتى الآن، فهذا لا يعني أن رزقك قد ضاع، بل يعني أن الله يهيئ لك شيئا أفضل في وقته المناسب.

ثالثا: الملل الذي تشعر به هو رسالة داخلية، تخبرك بأنك بحاجة إلى إعادة تنظيم وقتك وإشغال نفسك بما ينفع، وفي هذا السياق، إليك بعض النصائح العملية التي قد تساعدك:

1. حاول تخصيص وقت يومي لتنمية نفسك، سواء من خلال الدراسة أو تعلم مهارات جديدة؛ يمكن أن يشمل ذلك القراءة، تعلم لغة جديدة، أو حتى تطوير مهارات تكنولوجية مطلوبة في سوق العمل.

2. إذا لم تجد فرصة عمل حاليا، فكر في الانضمام إلى أنشطة تطوعية في مجتمعك؛ فالعمل التطوعي لا يساهم فقط في إشغال وقتك، بل يساعدك على بناء شبكة اجتماعية، وقد يفتح أبوابا لفرص عمل في المستقبل.

3. اجعل علاقتك بالله أكثر قربا، فقم بالمحافظة على الصلاة في وقتها، وخصص وقتا يوميا لقراءة القرآن والتفكر في معانيه، قال الله تعالى: {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} [الرعد: 28). الأوقات الصعبة هي فرصة للاقتراب من الله ولتعزيز يقينك بأن الفرج قريب.

4. قد يبدو الأمر بسيطا، ولكن ممارسة الرياضة بانتظام تساعد على تحسين الحالة النفسية، والتغلب على مشاعر الملل والضيق.

5. لا تبق وحيدا مع أفكارك، بل شارك مشاعرك مع أشخاص تثق بهم واطلب نصيحتهم، فقد تجد لديهم أفكارا أو فرصا لم تخطر ببالك.

رابعا: إليك بعض النصائح العملية للبحث عن العمل:

• قد تكون الفرص غير متاحة في الوقت الحالي في منطقتك، لكن حاول التفكير في العمل عن بعد أو البحث عن فرص عبر الإنترنت، ففي عصرنا هذا هناك العديد من المجالات التي يمكن العمل بها من المنزل.

• إذا كنت تجد صعوبة في الحصول على عمل بسبب نقص الخبرة أو المهارات، فاستغل هذه الفترة لتطوير نفسك؛ هناك العديد من الدورات التدريبية المجانية على الإنترنت، والتي قد تؤهلك لسوق العمل.

• لا تستهن بالأعمال الصغيرة، فقد تكون خطوة أولى نحو بناء خبرة وشبكة علاقات تساعدك مستقبلا.

خامسا: تذكر أن الأنبياء والصالحين مروا بتجارب صعبة، لكنهم صبروا وكانوا على يقين بأن الفرج قريب، يقول الله تعالى: {إن مع العسر يسرا} [الشرح: 6]. وهذه الآية وعد من الله بأن كل ضيق يعقبه فرج.

وفي حديث رسول الله ﷺ: عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له (رواه مسلم).

كل ما تمر به الآن هو جزء من رحلتك في الحياة، وهو فرصة للتعلم والنمو، لا تفقد الأمل، بل اجعل من هذه الفترة محطة للتأمل وإعادة بناء نفسك.

سادسا: لا تنس أن تلجأ إلى الله بالدعاء المستمر، قال رسول الله ﷺ: {إن الله يستحيي أن يرفع العبد إليه يديه فيردهما صفرا} (رواه الترمذي) فادع الله أن يرزقك عملا صالحا وأن يفتح لك أبواب الخير، ومن الأدعية التي يمكنك تكرارها:

• "اللهم ارزقني رزقا طيبا واسعا مباركا فيه".
• "اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك".
• "يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين".

ختاما، أريدك أن تتيقن أن الله معك، وأنه لن يتركك، ما تمر به الآن هو جزء من تدبير الله تعالى لك، وقد تكون هذه الفترة الصعبة هي ما سيجعلك أقوى وأكثر استعدادا للمستقبل، استمر في السعي، ولا تقف عند العقبات، وكن واثقا بأن باب الفرج سيفتح في الوقت الذي يراه الله مناسبا.

نسأل الله أن يرزقك السكينة والفرج، وأن يوفقك في دراستك وفي حياتك العملية.

مواد ذات صلة

الاستشارات