كيف أتخلص من القلق على حالة ابنتي النفسية وخوفي من انتكاسها؟

0 6

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جعل الله ما تقدمونه من جهد في ميزان حسناتكم.

دكتوري الفاضل: أصيبت ابنتي ذات 22 عاما منذ 3 سنوات بمرض نفسي لا أعلمه. فقد شخص لنا كل طبيب حالة مختلفة عن الأخرى، إلا أن حالتها تطورت ودخلت المستشفى منذ عامين بسبب رغبتها في الانتحار.

كنت أنا نفسيا متعبة للغاية، وطوال فترة حملي كنت أراقب ابنتي المريضة لأنها كانت تجرح نفسها باستمرار ولديها أفكار مؤذية.

أهتم بها أشد الاهتمام، أحنو عليها، أناقشها وأستوعبها، ثم أدخل الحمام وأنفجر بالبكاء على حالتها، فهي حافظة للقرآن الكريم، متفوقة جدا في دراستها، بارة بوالديها، لكن لا أعلم ماذا حدث معها، فقد أصبحت تتوهم أشياء غير حقيقية.

مرت بفترات شديدة لا يعلم شدتها إلا الله، والآن بفضل الله هي بخير، وفقنا الله بطبيب فهم حالتها وأعطاها الأدوية المناسبة، لكنه لم يخبرني باسم مرضها، وقال لي: المهم علاج الأعراض.

أسئلتي هي:
- كيف أتخطى تلك الذكريات السيئة، الذكريات السوداء المريرة والكثيرة التي لازمتني؟ فأنا دائما في قلق وخوف من تكرارها، أو من أن تنتكس حالة ابنتي وتعود لنا تلك الأيام السوداء، أنا في قلق دائم ومراقبة مستمرة لحالتها؛ إن نامت أو أكلت، أزداد قلقا وانزعاجا، وإن تعكر مزاجها أخاف وأقلق.

- ابنتي تتناول منذ عام ونصف دواء (ريسبيردال 1 ملغ)، و(فلوزاك 600 ملغ)، و(ولبترين 450 ملغ)، و(ابلفاي 5 ملغ)، بالإضافة إلى إبرة (ريسبردال كونستا 25 ملغ كل أسبوعين).

حاول الطبيب منذ 8 أشهر جعل الإبرة كل شهر وأوقف ريسبيردال عن طريق الفم، لكن تركيزها تشتت وبدأت أفكار إيذاء النفس تعود مجددا، لذا عاد إلى الإبرة كل أسبوعين والدواء عن طريق الفم، وقال لن يغير أو يخفف أي دواء لمدة 10 سنوات.

لكن الآثار الجانبية للأدوية متعبة جدا، مثل النوم الشديد والكسل والخمول الدائم، وهي تدرس في الجامعة ومركز للقرآن، لكنها تدرس بثقل وصعوبة.

ما رأيكم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيرا، وأشكرك على ثقتك في موقع إسلام ويب، وأسأل الله تعالى أن يعافي ابنتك، وأن يشفيها شفاء تاما لا يغادر سقما.

أيتها الفاضلة الكريمة: الذكريات السلبية السابقة يمكن تجاوزها بسهولة –بإذن الله–، من خلال إدراك أهمية اللحظة الحاضرة، وقوة "الآن"، الآن الحمد لله ابنتك بخير، ومسارها العلاجي أصبح واضحا؛ لذلك لا تعيشي في ضعف الماضي، بل عيشي بقوة الحاضر، وهذا هو المبدأ الأساس لئلا يعيش الإنسان الذكريات السوداوية التي لا داعي لها.

ابنتك –والحمد لله– بخير، والخطة العلاجية واضحة جدا بالنسبة لها، وأنا أبشرك –بإذن الله– أن هناك أدوية فعالة جدا، مثلا:

- الـ "ريسبيردال" (Risperdal)، المعروف باسم "ريسبيريدون" (Risperidone) يوجد في شكل إبر ممتازة جدا.
- وكذلك لدينا الآن دواء "باليبيريدون" (Paliperidone) المعروف باسم "إنفيجا" (Invega)، أيضا متوفر في شكل إبر، تؤخذ شهريا، وبعد استقرار حالة المريض يمكن أن يعطى الإبرة مرة واحدة كل ثلاثة أشهر.
- وهناك دواء اسمه "أريبيبرازول" (Aripiprazole) المعروف باسم "إبيليفاي" (Abilify)، ويوجد أيضا في شكل إبر بجرعة 400 ملغ، تعطى مرة واحدة شهريا.

إذا الحمد لله الخيارات العلاجية كثيرة جدا، وآثارها الجانبية يمكن احتواؤها من خلال:
- اختصار الأدوية: أي تقليل عدد الأدوية، وعدم التعدد في الوصفات.
- استخدام أدوية مضادة للآثار الجانبية.
- اختيار الأدوية التي لا تؤدي إلى الخمول أو التكاسل، مثل الحقن طويلة المفعول، مثلا الـ "إبيلفاي" في شكل إبر لا يؤدي إلى أي نوع من التكاسل أو زيادة في النوم، أو الخمول.

أنا لا أنتقد الـ "ريسبيريدال"، فهو دواء رائع جدا، ولا يؤدي عادة إلى خمول شديد، إنما قد يسبب شعورا بسيطا بالإنهاك في اليومين الأولين بعد الإبرة، ثم يزول هذا التأثير لاحقا.

فهذه الابنة بحاجة إلى تحسين إدارة وقتها، بأن تنام مبكرا، وتتجنب النوم بالنهار، وتمارس الرياضة، وهذا كله يساعد كثيرا على التخلص من الكسل والخمول؛ بإذن الله تعالى، والحمد لله تعالى هي طالبة جامعية، وتدرس في مركز لتحفيظ القرآن، وهذا كله من الخير الكثير، الذي نرجو أن ينعكس عليها إيجابا.

أهم ما أوصيك به هو:
- ألا تتوقف ابنتك عن العلاجات التي وصفها لها الطبيب.
- وأن تكون هناك مراجعة دورية مع الطبيب.

وفي ذات الوقت: يجب ألا نعاملها كأنها مريضة، بل العكس تماما، يجب أن تكلف بمهام داخل الأسرة، وألا تهمش، وأن تعامل معاملة إيجابية، وهذا كله –إن شاء الله– يعطيها الدافعية الإيجابية، ويعينها على تجاوز أزمتها النفسية، ويمنع عنها الوصمة الاجتماعية، أو الشعور بأي إعاقة نفسية أو ذهنية، وإن شاء الله سوف تعيش حياة طبيعية تماما، فأهم شيء هو الالتزام بالعلاج، وتنظيم الوقت، وإشعارها دائما بأنها عضو فعال داخل الأسرة.

بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيرا.

مواد ذات صلة

الاستشارات