أريد إعفاف نفسي وأهلي يرفضون حتى يتزوج أخي الأكبر!

0 5

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

منذ أن بلغت الحلم، وأصبحت مكلفا وأنا أحاول صد الشهوة لكي لا أقع في الحرام، شغلت نفسي بطلب العلم والعبادة والعمل، ولكن ما زالت الشهوة تقوى، فكرت أن أذهب لطبيب، لأرى حالتي هل هي طبيعية أم لا، فقال لي: إن قوتي الجنسية تعادل أكثر من رجل، وكذلك قوتك البدنية، وهرمون التستيستيرون مرتفع جدا عندك، ويجب عليك أن تتزوج، خشية أن تقع في الزنا أو العادة السرية.

أنا جاهز للزواج من الناحية البدنية والنفسية، وربما أيضا جاهز لأكون أبا، فقد عملت في أماكن يوجد فيها أطفال كثر، وربيتهم جيدا، وكذلك علاقاتي مع الناس جيدة جدا بفضل الله، يعني تقريبا جاهز من كل جانب إلا الجانب المادي.

أبي وأمي لديهم المال لتزويجي، ولكنهم يمنعونني ويقولون: عندما يتزوج أخوك الأكبر، سنفكر في الموضوع، وأخي لن يتزوج الآن، وأنا صراحة تعبت من القيام بالعادة السرية، دعوت الله كثيرا، وأخذت بالأسباب كالصوم وغض البصر، ولكن أيضا بلا نتيجة، قمت بها حتى بدأ بدني يتعب، وكرهت نفسي بسببها، أصبحت أكره تدريس الناس العلم الشرعي، لأنني أكره نفسي بسببها، فما العمل؟ أفتونا مأجورين.

جزاكم الله خيرا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك أخي الكريم في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.

ما تجده أخي الكريم- في نفسك من ألم المعصية والرغبة الشديدة في التخلص منها، والشعور بالضيق والهم جراء ممارستها، لا شك أنه دليل خير في قلبك وصلاح في نفسك، وهو من دلائل النفس اللوامة التي تدفعك إلى الخير، وما تمر به من شدة ومعاناة، مع الصبر والاحتساب، وإلزام النفس بالتوبة والاستغفار، لا شك أنك مأجور عليه، كما أخبرنا بذلك النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" [رواه البخاري].

واعلم أخي -وفقك الله- أن مجاهدة النفس على الطاعات، وإلزامها الصالحات، هو حال الصالحين والأتقياء وأصحاب الدرجات العالية، يقول تعالى: (وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) [فصلت: 35] لذلك: من المهم الصبر على البلاء والشدائد؛ ففيها يمتحن المؤمن الحق، وترفع الدرجات عند الله تعالى، وهذه سنة في عباده الصالحين، كما أخبر تعالى: (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) [العنكبوت: 2-3]، والفتنة والبلاء يكونان في النفس والمال والدين، فعلى المسلم أن يلزم نفسه التعلق بالله تعالى، والصبر، والاجتهاد في الخير، حتى تستقيم نفسه وتتهذب أخلاقه، قال تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا، وإن الله لمع المحسنين) [العنكبوت: 69].

أخي الكريم: إن الله رحيم بعباده، لا يكلفهم فوق طاقتهم، والشريعة الإسلامية كلها رحمة وخير، فلا يمكن أن يأمرنا الله بشيء إلا وفيه الخير، ولا ينهانا عن شيء إلا وفيه الشر، ولا يمكن أن يمنعنا من شيء ونحن عاجزون عن تركه، وإلا كنا خارج نطاق التكليف الشرعي، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" [رواه ابن ماجه].

وما تمر به من مجاهدة نفسك لترك هذه العادة السيئة، هو تحت قدرتك وطاقتك، ولكن النفس إذا قل صبرها واستعجلت النتائج، أرادت حلولا سريعة ومجدية دون أن تتعب فيها.

وقد بين الشرع أن أعظم علاج لقوة الشهوة هو الصوم، وهذا ما يثبته العلم الحديث أيضا، لكنه الصوم الحق الذي يصل إلى حد الوجاء (أي الخصاء)، وكأن الإنسان بالصوم تضيق شهوته ورغبته، حتى لا يعود يفكر فيها، ولكن كثيرا من الناس لا يصومون الصيام الذي تتواطأ فيه الجوارح والقلب، ويشعر فيه الصائم بالجوع الحقيقي، الذي يشغل القلب والفكر عن الشهوات، فقد يلجأ البعض للصوم، مع ضعف النفس عن غض البصر، أو الإسراف في المأكولات عند الإفطار، وبالتالي تبقى أبواب الإثارة موجودة.

لذلك -أخي العزيز- ننصحك أولا، ومادمت قد ذهبت إلى طبيب، وذكر لك أن هرمون التستوستيرون مرتفع جدا، أن تعرض نفسك على طبيب مختص، وتستخدم الأدوية التي تساعدك على ضبط هذه الشهوة.

ثم ننصحك بالدخول في حوار صريح مع والديك، وتشرح لهما ما تمر به من شدة الشهوة، وارتفاع التستوستيرون بشكل غير طبيعي، وأن ذلك يشكل خطرا عليك، فلا بد أن تبادر إلى الزواج وتحصين نفسك من الحرام، وأن الوضع لا يحتمل تأخير زواجك، بحجة تقديم أخيك الأكبر، فأنت في حالة اضطرار لا يمكن تأجيلها، فالزواج في حالتك يصبح واجبا، إذا خشيت الوقوع في الزنا وامتلكت القدرة عليه، ولا يمنعك الفقر أو الحاجة، فالله تعالى قال: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم، إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) [النور: 32] فمتى ما اتقيت الله واجتهدت في طلب الرزق والعفاف، فتح الله لك من أبواب الخير ما لا تتوقع.

أخيرا أخي الفاضل: أنت في سن معروف بتأجج الشهوة وثوران الغريزة، ونحن نعيش في عالم مليء بالمثيرات والشهوات، لذلك: أنت في جهاد مع النفس، وبحاجة إلى أن تكون مع الله، لا أن تهرب منه، أو تترك العلم والدعوة، فلعل ذلك مما يعصمك ويحول بينك وبين الحرام، فاجعل الصالحات والخيرات تنافس المعاصي، قال تعالى: (إن الحسنات يذهبن السيئات ۚ ذٰلك ذكرىٰ للذاكرين) [هود: 114].

اجتهد في الدعاء، والاستغفار، والصبر، وصم الصيام الحق الذي يجمع بين غض البصر وحفظ الجوارح، واشتغل بذكر الله تعالى، وملازمة العلم والعلماء، وحلقات الذكر والقرآن، ورفقة الصالحين الطيبين الذين يذكرونك بالآخرة ويعينونك على الخير؛ فهذا مما يعين على تطهير النفس وإلزامها بطاعة الله.

نسأل الله أن يوفقك للخير، ويعينك على الطاعات، ويصرف عنك السوء.

مواد ذات صلة

الاستشارات