تعبت من البحث عن المفهوم الدقيق لمعنى الشهادتين!

0 1

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني من وسواس شديد ومرهق يتعلق بمعنى الشهادتين، وقد أثر في تأثيرا بالغا حتى كاد يدمر حياتي.

قرأت في موقعكم أن معنى: "لا إله إلا الله" هو: "لا معبود بحق إلا الله"، لكنني وجدت في مصادر أخرى عبارات متعددة، مثل: "لا أحد يستحق العبادة إلا الله لكماله وعظمته، ولأنه الخالق الرازق"، وكذلك: "الخضوع والاستسلام لله داخلان في معناها"، وأيضا: "من صرف العبادة لغير الله فقد كفر" يعد جزءا من معناها.

كل هذه العبارات جعلتني أشعر بالتشتت والضياع، وكأنني ملزم بفهم كل جملة وتحليلها بدقة، مع أن ذلك يرهقني كثيرا ويزيد من معاناتي.

كما بدأت الوساوس تمتد إلى معنى شهادة أن محمدا رسول الله، وقرأت أن لها معان كثيرة؛ مما زادني ضياعا وخوفا.

أنا لا أطلب شرحا موسعا، أو تفصيلات دقيقة، بل أبحث عن راحة وطمأنينة، فقد أصبحت حياتي كلها خوفا من الكفر والضياع.

وقرأت في موقعكم أن النطق بالشهادتين مع العلم بالمعنى يكفي، لكن ما هو المعنى المقصود تحديدا؟ وما المعنى الذي يجب استحضاره عند النطق؟ فهل يكفي أن أؤمن بأن "لا معبود بحق إلا الله" هو المعنى المطلوب؟ وماذا يطلب مني لفهم شهادة أن محمدا رسول الله دون الدخول في تفاصيل كثيرة؟

أرجوكم، أجيبوني بإجابات موجزة وواضحة، فأنا مريض بالوسواس، وأي تفصيل زائد يرهقني ويزيد من حالتي سوءا.

جزاكم الله خيرا، وأرجو أن تساعدوني لأعيش بسلام.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك –أيها السائل الكريم– في موقعك، ونسأل الله تعالى أن يربط على قلبك، ويصرف عنك الوسواس، ويشرح صدرك، ويثبتك على الإيمان واليقين، ويجعل لك من كل ضيق مخرجا، ومن كل بلاء فرجا.

نحن نسعد بثقتك، ونثمن حرصك على دينك، ونذكرك بأن ما تجده من ضيق واضطراب ليس ضعفا في الإيمان، بل هو علامة عليه؛ فالحريص هو من يخاف، وهو من يحب أن يطمئن، لأن الخوف من الكفر علامة على الإيمان، فاطمئن.

أولا: ما معنى "لا إله إلا الله" الذي يجب أن تفهمه؟ المعنى الذي يكفيك، والذي يجب أن تؤمن به عند نطق الشهادة هو: لا معبود بحق إلا الله.

ومعناه ببساطة: أنك تؤمن أن الله هو وحده الذي يستحق أن تعبده بقلبك ولسانك وجوارحك، وليس مطلوبا منك تحليل كل عبارة تقرؤها في المواقع والكتب، أي عبارة توافق هذا المعنى، فهي صحيحة، ولا يلزمك الوقوف عند كل واحدة منها، ولا يلزمك ربط كل لفظ بالعقيدة، فقط افهم هذا المعنى، وكرره في نفسك، واطمئن.

ثانيا: ما معنى "أن محمدا رسول الله" الذي يجب أن تفهمه؟ المعنى الذي يكفيك وتطالب به هو: أنك تؤمن أن محمدا -صلى الله عليه وسلم- رسول أرسله الله، وأنه صادق فيما بلغ عن الله، وأنك تتبعه فيما يأمر، وتصدقه فيما يخبر، وهذا هو المطلوب فقط، ويكفيك هذا الإيمان المجمل، فهو الأصل، والباقي فرع عنه.

ثالثا: ماذا تفعل مع الوسواس؟ كل هذه الوساوس لا تؤثر في إيمانك ولا تنقضه، أنت مسلم، مؤمن، موحد، وإن راودتك الوساوس، لا تحلل كل كلمة، ولا تعد القراءة، اقرأ ومر، ولا تناقش كل شيء في ذهنك.

رابعا: خلاصة تطمئنك، من قال: "أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله"، وهو يعلم أن معناها: "لا معبود بحق إلا الله، وأن محمدا رسول أرسله الله" فهو مسلم مؤمن موحد، وليس عليه أن يحيط بكل معانيها وتفاصيلها، وما تجده من قلق، وتشتت، وانشغال هو وسواس لا يلتفت إليه، ولا يؤثر في دينك.

والقاعدة الذهبية في العلاج هي:
- تجاهل الوسواس وعدم مناقشته.
- الوسواس لا يعالج بالإقناع، بل بالإعراض.
فمهما فكرت، وراجعت، وقرأت، وحللت، لن يرتاح قلبك، بل سيزداد اضطرابا؛ لذلك: الخطوة الأولى -وهي أساس العلاج-: اقطع التفكير فورا، ولا تجادل الفكرة أبدا، وقل لنفسك: هذه وسوسة، لن أرد عليها، ولن أفكر فيها، ثم انشغل بشيء آخر.

وإليك خطة عملية من خمس خطوات:

1- التسمية والتحديد: أول ما تأتيك الوسوسة، قل مباشرة: هذا وسواس، لا تناقشها، لا تحللها، لا تحاول تفكيكها.

2- التجاهل والإعراض: تجاهل تام، بمعنى: لا ترد، لا تفتش، لا تسأل، لا تبحث عن اليقين، تجاهل؛ أي: لا تفكر حتى ثانية واحدة.

3- التحويل الفوري والانشغال، افعل شيئا عمليا فوريا عند ورود الوسواس:
- قم للمشي.

- ردد الأذكار بصوت.

- اقرأ آية أو سورة.

- اغسل وجهك.

- قم بعمل منزلي.

- التكرار والثبات
سيأتيك الوسواس مرارا، فلا تيأس، كل مرة تتجاهل فيها، أنت تتقدم.

أمثلة عملية على التجاهل:
وسواس: هل فهمت الشهادة جيدا؟
الرد: لا أفكر في هذا، يكفيني ما فهمته، انتهى.

وسواس: ماذا لو كنت كافرا ولم أشعر؟
الرد: أنا مؤمن، وهذا وسواس، لن أرد عليه.

وسواس في الصلاة: هل نويت؟ هل قرأت الفاتحة صح؟
الرد: صلاتي صحيحة، ولا أكرر شيئا.

حافظ على الأذكار اليومية:
خاصة أذكار الصباح والمساء، والنوم، فهي تحفظ القلب والعقل.

الدعاء اليومي:
– اللهم اشفني من الوسواس.
– اللهم اشرح صدري، ويسر أمري، واصرف عني كيد الشيطان.

وأخيرا: الوسواس لا يضرك، ما دمت تكرهه وتدافعه، والله لا يؤاخذك بما تحدث به نفسك ما لم تعمل أو تتكلم، نسأل الله أن يشفي قلبك، ويثبتك، ويذهب عنك ما تجد.

مواد ذات صلة

الاستشارات