شعور متذبذب تجاه خطيبي وميل تجاه أخيه!

0 3

السؤال

السلام عليكم.
سأشرح مشكلتي باختصار شديد، لكنها والله أرهقتني كثيرا.

لقد تمت خطبتي منذ عدة أشهر، وخاطبي إنسان محترم، ويحبني، والكل يشيد به رغم أنه ليس شديد التدين، لكن أخلاقه نوعا ما جيدة، وكنت في بداية خطبتنا أشعر بمشاعر جيدة تجاهه، ولكن بعد مدة شعرت بنفور تجاهه، وكأني لا أطيق التحدث معه، وكان شعور النفور يأتي ويذهب، وكأنه لا شيء، ثم يأتي مرة أخرى، لدرجة أني دعوت الله مرارا وتكرارا أن يزيل شعور النفور المفاجئ من حين لآخر، وفي يوم الخطبة كان الشعور قويا لدرجة أنني قررت يومها أن أتركه قائلة لنفسي: أنقذي نفسك، ثم عدت للمنزل وبكيت، علما بأني بعدها أخبرت أمي بكل شيء، ونصحتني بأن لا أتركه؛ لأنني ربما لن أجد شخصا مثله.

المشكلة أنني في يوم الخطبة رأيت أخاه، وأعجبت به، وكنت أنظر إليه أكثر من خاطبي، وأصبحت أفكر به، ثم أحاول نسيانه؛ لأني أشعر بتأنيب الضمير، ودعوت الله كثيرا أن يزيل شعور الحب هذا، لكني في كل مرة أراه أشعر بتسارع دقات قلبي، وأحيانا أقارن بينه وبين خاطبي، ثم أشعر بتأنيب الضمير، ووالله إني أصبحت أكره نفسي عندما أشعر بالإعجاب بأخيه، لكني حاولت، ولم أستطع، وأنا كبرت في العمر.

فكرت أن أريح نفسي وأترك خاطبي، لكني خفت أن أندم؛ لأنه جيد، ولأنني أحيانا أشعر بمشاعر تجاهه، وكأنها مشاعر تعلق، لأنه يهتم بي، وأشعر بأني لا أريد تركه.

ولكن أكثر ما يجعلني أريد تركه هو شعوري تجاه أخيه؛ حيث إنها ستكون مصيبة لو أنني أكملت الخطبة بهذا الشعور، وقد استشرت صديقتي، وأخبرتني أنه مجرد شعور مؤقت، لكني لا أضمن.

ونسيت أن أقول: بأنني ذهبت إلى شيخين، أحدهما قال بأنني محسودة، والآخر قال بأنني معيونة، وقد شربت ماء الرقية، واستحممت مرة، لكنني لم أشعر بأي جديد، ولا زلت أحيانا أشعر أنني أحبه وأريده، وأحيانا لا، لكن شعوري تجاه أخيه هو أكثر ما يرهقني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ .... حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بداية: نرحب بك في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم، الذي يعلم خفايا القلوب، ويقلب الأفئدة كيف شاء، أن يطهر قلبك، ويزيل همك، ويختار لك ما فيه سعادتك في الدنيا والآخرة، وأن لا يريك بأسا في دينك، ولا حيرة في قرارك، وأن يجعلك ممن يستهدون بنوره، ويأوون إلى رحمته.

ثانيا: مشكلتك في نقاط موجزة:
- أنت مخطوبة لرجل محترم، أخلاقه طيبة، ويحبك، والناس يمدحونه.
- شعرت بعد الخطوبة بنفور متكرر نحوه، لكنه غير دائم.
- رأيت أخاه يوم الخطوبة، فأعجبت به، وصار قلبك يميل إليه.
- هذا الميل أرهقك، وتشعرين بتأنيب الضمير.
- لا تعلمين إن كنت تحبين خطيبك فعلا، أم أنه تعلق بسبب اهتمامه.
- استشرت شيخين: أحدهما قال إنك محسودة، والآخر قال إنك معيونة.
- رغم الرقية، لا زال الشعور بالتردد والانجذاب لأخيه يؤلمك.
- تخشين من الندم إذا تركت خطيبك، وتخشين من إثم الاستمرار بهذا الميل.

ثالثا: الفهم النفسي والشرعي للحالة: مشاعر الإعجاب العابرة لا تعني حبا حقيقيا، بل غالبا ما تكون خداعا من النفس، أو تزيينا من الشيطان، وخاصة حين تأتي فجأة نحو شخص لا يوجد بينكما تعامل حقيقي، والنفور المؤقت يحدث كثيرا بعد الخطبة؛ بسبب النظرة التي تضعها كل فتاة لفتى أحلامها، والتدقيق في النقائص، واختلاف التوقعات، أو القلق من المستقبل، أو مقارنات داخلية، وربما لضعف في التقبل العاطفي، والوسواس وتأنيب الضمير علامة على أن قلبك حي، لكنه متعب، ويحتاج لترتيب داخلي بين العاطفة والعقل.

رابعا: خطوات عملية للحسم:
1. أغلقي تماما ملف أخيه؛ فهذا الرجل محرم عليك شرعا ما دام أخوه قد خطبك، ولا يجوز لك التفكير فيه، قال الله: (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض)، وأنت قطعا لا تحبينه، بل انخدع قلبك بصورة مؤقتة لمظهر أو حضور آسر، وهذا يحدث كثيرا في أوائل العلاقات، لكنه لا يلبث أن يذوي إذا غضضت البصر، وقطعت التفكير، وألغيت فكرة المقارنات.

2. اقطعي التفكير العاطفي، وابني قرارا عقلانيا، واجلسي مع نفسك، ودوني في ورقة: مميزات خطيبك، وضخميها في نفسك، واذكري عيوبه، وتذكري أن الإنسان ليس كاملا، وفي كل منا نقص بالطبيعة البشرية.

3. أكثري من دعاء الاستخارة، ثم استشيري من تثقين بعقلها من أهلك، وخاصة والدتك، وصالح عماتك، وخالاتك.

4. اجعلي قرارك واضحا خلال أسبوعين، إن وجدت في قلبك خشية حقيقية من الله، وعجزا عن قبول خطيبك، وميلا لا ينكسر إلى أخيه، فاعتزلي الخطبة بأدب وشجاعة، ولا تظلمي الرجل معك، وإن شعرت بأن النفور قد زال، والميل تضاءل، وأن قلبك بدأ يأنس بخطيبك، فثبتي نفسك، وتوقفي عن المقارنات، واقطعي كل ما يذكرك بأخيه.

خامسا: اعلمي أن التفكير في أخيه من مزالق الشيطان، فاقطعي هذا فورا، ولا تخبري أحدا بذلك، واعلمي أنه لا يجوز أن تستمري في الخطبة وأنت تفكرين في أخيه، ولا يجوز أن تتواصلي معه ولو بنية البراءة، ولا يجوز ترك الخطبة طمعا في أخيه؛ فهذا باب فتنة سيفتح عليك، وعليه، وعلى أخيه، وعلى عائلتكما، ولن تربحي إلا الخسارة والندم.

سادسا: ليس كل من أحببناه في لحظة يصلح زوجا، وليس كل من شعرنا نحوه بنفور مؤقت ينبغي أن نتركه، ولكن المهم: هل هذا الشخص سيعينك على دينك، وسيمنحك الأمان والصدق، وسيغلق في قلبك أبواب المقارنة؟

وأخيرا: لا تكرهي نفسك، بل اثبتي، فأنت تجاهدين، والله يعلم الصادق من المتلاعب، وثقي بأن الله لا يضيع من صدق، ولا يخزي من استخاره وراقبه، قال تعالى: ﴿وعسىٰ أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ۖ وعسىٰ أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ۗ والله يعلم وأنتم لا تعلمون﴾.

إن قررت الاستمرار مع خطيبك، فيمكنك أن تراسلينا مرة أخرى، نسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات