أتجاهل وسواس الطهارة، لكني أخشى أن أكون مخطئاً!

0 3

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب عمري 19 سنة، أعاني من وساوس كثيرة، وأحيانا أتمكن من تجاهلها، وأحيانا أخرى لا أستطيع، كنت ألاحظ بعد التبول -أعزكم الله- خروج قطرات من البول، أحيانا كثيرة وأحيانا قليلة، وكنت أقوم بتطهير الثياب بسبب ذلك، وتناولت العلاج مؤخرا، وأشعر -بفضل الله- أن حالتي قد تحسنت.

ولكن بعد قضاء حاجتي وارتداء ثيابي وخروجي، وعندما أبدأ بممارسة حياتي بشكل طبيعي، كأن أجلس مثلا، أشعر وكأن شيئا قد خرج، وأنظر إلى الثياب فلا أعلم موضع البلل بدقة؛ ربما بسبب بقايا ماء الاستنجاء، لكن كثيرا ما أنظر ولا أجد شيئا، وأشعر بنسبة 90% أن ما أعانيه وساوس.

وألاحظ أنني عندما أتجاهل هذه الأفكار أو يكون ذهني منشغلا، لا أشعر بذلك الإحساس أصلا؛ مما يزيد من قناعتي أن الأمر مجرد وهم ناتج عن كثرة التفكير والخوف من خروج شيء.

إذا شعرت أن شيئا قد خرج، أقوم بتطهير الثياب، بوضع ماء في كفي ثم وضعه على موضع الشك، وأكرر ذلك أكثر من مرة في المكان، حتى أحيانا أطهر السروال كله، لدرجة أن ملابسي الخارجية تبتل أيضا، ودائما أرتدي ملابس سوداء حتى لا يلاحظ أحد آثار البلل.

أخاف من أن يكون تجاهلي لهذه الأمور سببا في بطلان صلاتي، ولا أستطيع التمييز بين اليقين والشك، فكلما شعرت بخروج شيء، أظنه حقيقة، وأعتذر على الإطالة.

جزاكم الله الجنة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Eslam حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب، وأنت في الحقيقة لديك استشارات سابقة حول الوساوس، وقد أجبنا عليها، وأتمنى أن تكون قد أخذت بالإرشادات التي ذكرت لك سابقا.

الوسواس لا يجب أن يتعامل معه الإنسان بتهاون أو استسلام، بل على العكس، يجب أن ترفض الوسواس بكل حزم، وحديث النفس والارتدادات السلبية المصاحبة للوساوس لا يجب أن يشغل الإنسان نفسه بها أبدا، بمعنى أن تكون حازما، مهما أتتك من أفكار وهواجس، لا تعرها أي اهتمام، وعليك أن تصر على تجاهلها دائما.

المبادئ السلوكية في التعامل مع الوسواس واحدة، وهي: أن تحقر وتتجاهل الوسواس، وأن تصرف انتباهك عنه تماما، من خلال القيام بأفعال، أو التفكير في أمور أخرى مخالفة للوسواس، وكذلك عن طريق التنفير، أي أن تربط الوسوسة بشيء منفر لا تحبه النفس البشرية، وبهذه الطريقة تضعف الوساوس تدريجيا، ويجب أن تتجنب تماما التدقيق وتحليل الوسواس.

ما تقوم به من طقوس ووساوس في الأمور المتعلقة بالطهارة وتنظيف الملابس، مثل: السروال، هي طقوس وسواسية تشجع الوسواس وتثبته، وأنت ذكرت أنك دائما ترتدي اللون الأسود؛ حتى لا يرى أحد الماء، وهذا أمر مرفوض تماما، وبهذه الطريقة وهذه الكيفية تكون قد وضعت نفسك تحت سلطة الوسواس، وجعلته يفعل بك ما يشاء، فلا بد أن تحقر تماما كل ما هو ذي طبيعة وسواسية، فالأمر واضح أنه وساوس من البداية إلى النهاية.

بالطبع، تناول الأدوية مهم، وأنا لا أعرف إن كنت تتناول الدواء الآن أم لا، لكن هذا النوع من الوساوس يحتاج إلى علاج دوائي، وقد ذكرت لك سابقا في الاستشارة السابقة دواء اسمه (فافرين، Faverin)، وهو دواء ممتاز وفعال جدا، ويمكنك أن تبدأ في تناوله، إذا لم تكن تتناول أي دواء حتى الآن.

التخلص من الفراغ مهم أيضا، والانشغال بما هو مفيد من خلال حسن إدارة الوقت، نعتبره أيضا أمرا مهما وضروريا في التخلص من الوساوس.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

———————————————————————————-
انتهت إجابة: د. محمد عبدالعليم … استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
وتليها إجابة: الشيخ/ أحمد الفودري … مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
————————————————————————————

مرحبا بك -أخانا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يمن عليك بالعافية والشفاء، وأن يصرف عنك شر هذه الوساوس، ويزيل عنك ثقلها وعبئها.

ونحن نؤكد لك أهمية الالتزام بتوجيهات الدكتور/ محمد عبد العليم، والعمل بما أرشد إليه من الطرق العلاجية لهذا الداء، فإن الله تعالى قد قدر المرض، وقدر له الدواء، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما أنزل الله داء إلا أنزل له دواء، فتداووا عباد الله".

والوسوسة داء من هذه الأدواء، ومرض من الأمراض التي ينبغي للمؤمن أن يبادر إلى مدافعتها، بالأخذ بالأسباب الشرعية والطبية التي تعينه على دفعها، ومن ذلك: الالتزام بالدواء البدني والنفسي، بالطرق التي أرشدك إليها الدكتور/ محمد.

وأما من الناحية الشرعية: فإن علاج الوسوسة قد لخصه النبي -صلى الله عليه وسلم- في وصيتين واضحتين، جاءتا بنفس المعنى الذي يشير إليه الأطباء النفسيون، حيث قال لمن ابتلي بالوسوسة: "فليستعذ بالله، ولينته" [رواه البخاري ومسلم]، فهاتان وصيتان عظيمتان:

- الأولى: اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى بالاستعاذة به وطلب الحماية من الشيطان ووساوسه.

- الثانية: الانتهاء عن التمادي في الوساوس والاسترسال معها، وعدم التفاعل معها، وهذا ما عبر عنه الدكتور/ محمد بقوله: "التحقير والتنفير"، أي: تحقير هذه الوساوس وعدم الالتفات إليها، و عدم إعطائها أي قدر من الاهتمام، فهي أفكار تافهة لا تستحق العناية ولا الرعاية.

ولا ينبغي لك أبدا أن تستجيب لنداء الشيطان حين يدعوك إلى المبالغة في الحرص على الطهارة والصلاة، أو نحو ذلك من التخويف والتهويل، الذي يحاول الشيطان أن يستعمله ليجرك إلى الوقوع في هذه الوساوس، فدين الله تعالى دين سهل ويسر، وشريعته سمحة، وقد شرع الله للموسوس أن يعرض عن الوساوس، وأمره بأن لا يبالي بها، بل وعده سبحانه بأنه سيقبل منه صلاته على هذا النحو، وعلى هذه الكيفية.

فلا تبال بهذه الوساوس أبدا، حقرها ولا تلتفت إليها، وما دمت تشك أن شيئا خرج منك، فاعتبر أنه لم يخرج حتى تتيقن يقينا جازما، وبهذه الطريقة ستجد نفسك -بإذن الله تعالى- تتخلص من هذه الوساوس، وتنجو من شرها.

وقد شكي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- حال المصلي الذي يشك ويتخيل أنه خرج منه شيء، فقال: "لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا"، والمعنى: أنه لا يحكم بانتقاض طهارته إلا إذا تيقن يقينا لا شك فيه، كيقينه بأنه في النهار، وذلك بأن يسمع صوتا صريحا أو يجد ريحا واضحة تدل على الحدث.

وما دام لم يصل لهذا اليقين فالأصل بقاء الطهارة، وهذا التوجيه النبوي قاعدة عظيمة في غاية التيسير والتسهيل، وهو علاج عملي للوسوسة، فالأصل بقاء الطهارة، ولا ينتقل الإنسان عن هذا الأصل إلا بيقين قاطع.

فننصحك بالعمل بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وترك الغلو والتنطع، وإذا سلكت هذا الطريق فإنك ستنجو -بإذن الله تعالى- من هذه الوساوس، وسترى أثر العلاج في نفسك.

نسأل الله تعالى لك عاجل العافية والشفاء.

مواد ذات صلة

الاستشارات