أتهاون في المذاكرة رغم توفر الوقت قبل الامتحان، فماذا أفعل؟

0 2

السؤال

السلام عليكم.

أنا طالبة في السنة الأخيرة من المدرسة، ولا أدرس كما ينبغي، كنت مهتمة جدا بدراستي في السنوات السابقة، لكنني اكتشفت في السنة الماضية أن لدي إرهاقا نفسيا، وهذا العام -وخصوصا في فترة الامتحانات-، أبتعد تماما عن الدراسة، حتى لو منحونا وقتا كافيا للاستعداد، أجد نفسي أدرس قبل الامتحان بساعات قليلة، ولا أكمل المادة ، رغم أنني ذكية.

واجهت ظروفا عديدة، وظهرت لي حبوب غريبة في جسمي خلال العامين الماضيين، عندما سألت عنها، قيل لي إنها ناتجة عن الحسد، مما زاد من ارتباكي وأثر على تفكيري مرات كثيرة.

أعاني أيضا من اضطرابات نفسية، لكن لدي حلم أحاول الوصول إليه، ومع ذلك أشعر أنني أضيع الفرصة، فالامتحانات الوزارية بعد 4 أيام، ومع ذلك لست قادرة على الدراسة، أشعر وكأنني فقدت الإحساس بكل شيء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دانة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختنا الفاضلة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله أن يوفقنا وإياك لكل خير، وأن يلهمك الصواب والسداد في القول والعمل.

لا شك أن المرحلة النهائية من الدراسة تعد من أكثر المراحل حساسية وأهمية، لما لها من ارتباط وثيق بتحقيق الطموحات ورسم معالم المستقبل، ولذلك، فمن الطبيعي أن ترافق هذه المرحلة حالة من القلق والتوتر، قد تتجاوز أحيانا حدود الطاقة النفسية للطالب، وتسبب ما يعرف في علم النفس بالاحتراق الدراسي، وهو حالة من الإنهاك الجسدي والعقلي والعاطفي الناتج عن ضغوط دراسية مستمرة وطويلة، يتجاوز فيها حجم التحديات قدرة الطالب على التكيف والتعامل السليم.

ومن أبرز الأسباب التي تؤدي إلى هذه الحالة:

أولا: العبء الدراسي الزائد، ككثرة الواجبات والاختبارات والمشاريع، دون وجود فترات كافية للراحة والاسترخاء.
ثانيا: الضغوط الخارجية والداخلية، مثل توقعات الأهل والمعلمين والمجتمع، أو الضغط الذاتي لتحقيق درجات مرتفعة وتميز دائم.
ثالثا: ضعف الدعم النفسي والاجتماعي، كغياب المساندة من الأسرة أو الأصدقاء أو الكادر التعليمي، مما يشعر الطالب بالعزلة والتخبط.
رابعا: سوء إدارة الوقت، وهو من الأسباب الجوهرية، حيث يؤدي إلى تكدس المهام، وضياع الأولويات، ومن ثم تعاظم الإحساس بالعجز.
خامسا: افتقار الأنشطة الترفيهية التي تعد متنفسا طبيعيا لتجديد الطاقة والتوازن النفسي.
سادسا: البيئة المحيطة المضطربة، مثل المشاكل العائلية، أو العلاقات المتوترة، التي تضاعف من الأعباء النفسية.

أختي الكريمة: معرفتك بهذه الأسباب تعد أولى خطوات العلاج، إذ تمنحك القدرة على تجنب المسببات، وبناء أسلوب حياة أكثر اتزانا، ومن أنفع ما يعينك في هذه المرحلة هو تحقيق التوازن النفسي والذهني، وذلك من خلال إدارة وقتك بذكاء، وتحديد أولوياتك وفق صعوبة كل مادة ومدى حاجتها للتركيز والوقت، مع إعطاء جسدك ونفسك حقها من الراحة، فهذه الراحة ليست ترفا، بل هي شرط أساسي للاستمرار بكفاءة.

كذلك احرصي أيضا على تجنب كل ما يثير التوتر في محيطك، سواء من خلال النقاشات العائلية السلبية، أو المشاهدات المقلقة، أو المقارنات المؤذية، فصفاء الذهن جزء من استعداد العقل للاستيعاب.

أختي الفاضلة: ما ذكرته بشأن ظهور أعراض جسدية كالحبوب الغريبة، فهو مما قد يدخل في إطار ما يعرف بالاضطرابات النفسجسدية، حيث يعبر الجسد عن التوتر النفسي المزمن بأعراض عضوية قد تظهر في الجلد، أو في الجهاز الهضمي، أو في هيئة إرهاق مستمر، لذا، من الأفضل مراجعة طبيب مختص لتشخيص الحالة بدقة، وتحديد إن كانت تحتاج إلى علاج طبي مباشر، أو أن تخف تلقائيا مع زوال التوتر.

أما ما يتعلق بالحسد، فلا ننكر وجوده شرعا، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال "العين حق، ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين " رواه مسلم، ولكن علينا أن نحذر من تحميل الحسد مسؤولية كل ما نعاني منه، دون النظر في الأسباب الواقعية والنفسية والمادية، فهذا من باب العجز والتسويف، وقد يكون عائقا أمام السعي الجاد نحو العلاج والتحسن، لذلك، ينصح بالجمع بين التحصين الشرعي بالرقية والأذكار وقراءة القرآن، وبين الأخذ بالأسباب العملية، كالسعي في العلاج النفسي، وتنظيم الوقت، وتطوير مهارات التعلم، والتخطيط الواقعي لتحقيق الأهداف.

ختاما: ننصحك أن تعودي إلى طموحك وتتذكري هدفك، وتذكر السعادة التي ستجدينها عند تحقيق النتائج، فالفرصة ما زالت قائمة، والوقت لم يفت بعد، ابدئي بخطة دراسية متوازنة، تمنحين فيها نفسك وقتا للراحة، وتركزين على المواد التي تحتاج جهدا أكبر، جددي في وسائل المذاكرة المناسبة لك: كاستخدام التلخيص، أو التسجيلات الصوتية، أو الحوار والمناقشة مع صديقة، أو الدراسة عبر مقاطع مرئية.

وخصصي وقتا لروحك: بالصلاة، والدعاء، وقراءة القرآن، فهي مفاتيح الطمأنينة، كما قال الله تعالى:"ألا بذكر الله تطمئن القلوب".

أسأل الله أن يوفقك، وييسر أمرك.

مواد ذات صلة

الاستشارات