السؤال
السلام عليكم.
شيوخنا الكرام: كنت مخطوبة لرجل، وبعد فترة خطبتنا تواصل معي، وكنت غير متقبلة لهذا الأمر، وأخبرته عدة مرات بأن نتوقف عن التواصل، والله شاهد على ما أقول.
استمرت الأيام، وهو لم يكف، وبدأ بتجاوزات، وكنت أصده لفترة طويلة، ولكن بعد فترة زين لنا الشيطان حتى وقعنا في الخطأ، وتجاوزنا حدودنا كثيرا، ولكن بعد مدة تبت إلى الله توبة نصوحة، وأنا نادمة أشد الندم على ما اقترفت من ذنب، وبعد توبتي شعرت بأني لا أرغب بخاطبي، ولا أريده، حتى أنني أصبحت أكرهه جدا، ولا أريد الزواج منه، وطرحت عليه فكرة أن نفسخ الخطوبة، لكنه رفض، وأصبح يهددني بأنني إن فسختها فسوف يفضح كل شيء للناس ولعائلتي.
أنا الآن لا أريده أبدا، فهل يجوز لي أن أفسخ خطبتي مع ما اقترفته من ذنوب معه، ورغم حبه لي، وتمسكه الكبير بي؟ وما نصيحتكم له، ولما يفعله الآن معي، ومن رفضه لفسخ الخطبة، وأنه سيتحدث بكل شيء؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك اهتمامك وحرصك على السؤال، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعيننا جميعا على الالتزام والتقيد بهذا الشرع، وما فيه من الأحكام.
سعدنا جدا بهذا الحرص على الخير، وبهذا الحرص على التقيد والالتزام بأحكام هذا الشرع الحنيف الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.
قد صدقت، وأحسنت، فإن الخطبة ما هي إلا وعد بالزواج، ولا تبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته، ولا الخروج بها، ولا التوسع معها في الكلام، ولكن بعض الرجال -وربما بعض النساء- لا يفهمون هذا المعنى الشرعي المهم، وقد أحسنت برفضك التوسع في الحديث مع هذا الخاطب، وإصرارك على ذلك، وكنا نتمنى أن يستمر هذا الإصرار، وأن يرتدع هو أيضا، وأن يتوقف، أو يحول الخطبة إلى عقد نكاح.
ولكن -للأسف- هو بإصراره واستمراره في التجاوزات، وبمعاونة الشيطان، نجح في أن يلين موقفك، حتى وقع الخطأ، وحصلت التجاوزات التي أشرت إليها، وسعدنا أنك عدت إلى الله -تبارك وتعالى-، ونتمنى أن تصدق توبتك، والندم توبة، ونتمنى أن يشاركك التوبة، ونبشركما بأن التوبة تجب ما قبلها، و(التائب من الذنب كمن لا ذنب له).
لكننا لا نوافقك على الشعور الذي ترتب بعد التوبة، من أنك لا ترغبين في إكمال العلاقة مع هذا الخاطب، أو شعور الكره الذي نشأ، نتمنى أيضا أن تتجاوزي هذا الوضع؛ لأن هذا الشاب الذي اختارك من دون النساء، ورغب فيك، وطرق بابكم، ولا يزال مصرا على إكمال الطريق معك، هو -في نظرنا- أحسن وأولى من يكمل معك، خاصة بعد حصول هذه التجاوزات.
ونحن لا نعرف حجم هذه التجاوزات، لكن إن كانت التجاوزات بمعناها الكبير؛ بحيث وقع عدوان على البكارة، أو نحو ذلك، فنحن لا ننصح أبدا بقطع هذه العلاقة، بل ندعوك إلى الاستمرار فيها، والستر على أنفسكما، والإسراع بتحويل هذه العلاقة إلى علاقة شرعية، وزواج صحيح، مع تنبيهنا إلى أن أول المطلوب هو أن يتوقف هذا العبث، ويتوقف هذا التواصل بهذه الطريقة.
واعلمي أن الفتاة عندما ترفض وتتمسك، فإنها تجبر الشاب على أن يستعجل الإجراءات، ويستعجل في اتخاذ الخطوات الصحيحة، وفي الاتجاه الصحيح، أما إذا وجد استجابة وتجاوبا، فإن بعض الشباب قد يزهد، وقد يؤخر مسألة الزواج.
فأول ما ندعوك إليه هو التوبة النصوح، والتوقف التام عما حدث، والإقلاع عن الذنب، لكننا لا نوافقك على مشاعر الكره الحاصلة، بل من المصلحة أن تكتمل هذه العلاقة بالزواج، ليصلح ما حدث من أخطاء.
نسأل الله أن يعينك على الخير، ونشكر له تمسكه وإصراره، وأرجو أن يكون هذا الإصرار فعلا جادا عندما يتوقف هذا العبث، ويصر على تحويل الخطبة إلى عقد نكاح صحيح، ثم بعد ذلك تسعدين معه بتوفيق الله تبارك وتعالى، ونسأل الله لنا ولكما التوفيق والسداد.
ننصحك بالتوقف التام عن أي أخطاء، ولكن لا ننصح برفضه، ولا بتنمية مشاعر الكره، ولا بالإصرار على عدم الإكمال معه، بل نريد أن تعطيه فرصة، وشجعي تواصله مع الموقع؛ حتى نذكره بالله -تبارك وتعالى-، ليتوب توبة نصوحا كما تبت أنت، ونسأل الله أن يجمع بينكما على الخير، ونؤكد أن الخطأ الذي حصل لا يمنع حصول الصواب بعده، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.