السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة في أوائل العشرينات، أحببت شابا منذ مرحلة المراهقة، واستمرت علاقتنا قرابة ست سنوات، بعد هذه المدة حاول التقدم رسميا لخطبتي، لكنه قوبل بالرفض من قبل أهلي؛ لأنه من خارج محيطنا، ولا يعرفونه مسبقا، رغم أنني شرحت لهم كل ما أعرفه عنه، وأني أراه شابا ملتزما، طيبا، حسن الخلق، وبعد ذلك سألوا عنه في مدينته، وجاءت ردود الناس عنه إيجابية.
حاولت مرارا إقناعهم، وتمكنت والدتي من الاقتناع بعد جهد، لكن والدي ظل رافضا تماما، حتى بعد أن طلبت من أحد المعارف التوسط للحديث معه، دون نتيجة.
بعد ذلك، تقدم لخطبتي شاب آخر، يعرفه والدي جيدا، ورغم أنني رفضت كثيرا في البداية، إلا أن والدتي وافقت عليه، وتم عقد القران.
أنا الآن مخطوبة منذ عامين، وخطيبي شاب خلوق، ملتزم، طيب، وحنون، وكل فتاة تتمناه، لكنني لم أستطع التعلق به؛ لأنني لا أراه جميلا في نظري، ولا أشعر بالانجذاب إليه.
حاليا أفكر بجدية في فسخ الخطوبة، لسببين: الأول أن الشاب الذي أحببته لا يزال يكلمني أحيانا، ويؤكد لي أنه لا يستطيع العيش بدوني، والثاني أنني أراه أجمل من خطيبي.
أشعر بالحيرة الشديدة، وأخاف أن أستمر في هذه العلاقة والزواج دون قناعة داخلية، فأعيش في صراع نفسي دائم، في نفس الوقت، أصبح موقف أهلي من الشاب الذي أحببته أقل تشددا، رغم أنهم لم يوافقوا بشكل تام.
في مثل هذه الظروف، ماذا تفعل الفتاة؟ هل أفسخ خطبتي وأنتظر حتى يقتنع أهلي بمن أحب، أم أكمل حياتي مع خطيبي، وأحاول التأقلم؟ أنا خائفة من أن أتخذ قرارا أندم عليه لاحقا.
أرجو منكم النصيحة، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام وحسن عرض للسؤال، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.
لا شك أن الشاب الذي لا تربطك به علاقة خطبة رسمية، لا ينبغي أن يكون بينكما تواصل، وهذا التواصل هو الذي ترك هذه الآثار السالبة، وشوش على موقف هذا الخاطب الذي رضي به والدك، وذكرت عنه أشياء جميلة، ونحب أن نؤكد لك أن شكل الرجل ليس هو المهم، وإنما أفعاله وأقواله وأحواله، ووجوده وحضوره المجتمعي، وقيامه بواجباته كرجل، فهذه الأمور هي الأساس.
وبالتالي، وحتى تصححي هذه المسألة، لا بد أولا أن تتوقفي عن العلاقة مع ذلك الشاب الذي لا تربطك به أي علاقة شرعية، ثم تتركي الأمر إن أراده هو وسعى إليه واجتهد من ناحيته وبحث عنك، هذا أمر آخر، لكن بالنسبة لك لا يجوز التعلق به، ولا الاستمرار في التواصل معه، ولذلك من الطبيعي أن يحدث عندك هذا التشويش العاطفي، وخطورة هذا التشويش العاطفي أنه لا يستند إلى قواعد الشرع.
فالشاب الذي طرق الباب وتم رفضه ويئس، ثم جاء بعده من طرق الباب وقبل به، وصارت بينكما خطبة رسمية، هو الأولى بالاهتمام والمتابعة معه، وحتى تفصلي بين هذه المشاعر، لا بد من التوقف عن العلاقة الخاطئة، ثم تعطي نفسك فرصة لمحاولة القبول والتأقلم مع هذا الخاطب الجديد.
فإن تعذر إنهاء العلاقة مع الخاطب الأول بشكل واضح، فحينها يكون الأمر مختلفا ويحتاج إلى معالجة خاصة، أما أن تكوني في الوقت نفسه مرتبطة رسميا بخاطب تقدم إليك وجاء إليكم من الباب، وأثنيت عليه وذكرت فيه صفات طيبة، وفي ذات الوقت تستمر علاقتك العاطفية مع شخص آخر، كانت بينكما علاقة استمرت لسنوات دون أن يربطكما عقد شرعي، فهذا وضع لا نجد له في الشرع ما يبرره ولا يسنده، ولا نؤيد مطلقا الاستمرار فيه، فالحب في ميزان الشرع يبدأ بعد الارتباط الرسمي، ويبنى على الأسس الصحيحة، ويقوى مع الأيام بالاحترام والالتزام رسوخا واستقرارا.
إذا: الخطوة الأولى التي أكررها هي: التوقف تماما عن التواصل مع الخطيب القديم الذي رفضه والدك، والذي كانت لك علاقة معه دون غطاء شرعي، هذا يجب أن تتوقفي عنه تماما، وبعد ذلك انظري في أمر هذا الخاطب الذي أنت الآن مرتبطة به رسميا، وننصحك بأن تجمعي ما فيه من الإيجابيات، وتذكري أنه لا يوجد إنسان إلا وفيه نقائص وعيوب، سواء كان الأول أو الثاني أو غيرهم من الرجال، فنحن بشر، والنقص يطاردنا، هذه النظرة الشاملة من الأهمية بمكان، فلا نريد للفتاة أن تكون نظرتها سطحية.
أيضا ننصحك بأن تستعيني بالمحارم (محارمك)؛ لأن الرجال أعرف بالرجال، ونظرة الرجل لأخيه الرجل مهمة جدا، ولذا جعلت الشريعة للفتاة أولياء، لكونهم الأعرف بالرجال، فاقتربي من أرحامك: والدك، عمك، الإخوان، الأخوال، هؤلاء الذين تسميهم الشريعة محارم؛ هم أحرص الناس عليك، وأعرف الناس بحقيقة هذا الشاب الذي خطبك الآن أو بغيره.
فحاولي أن تتعرفي أكثر على هذا الخاطب الرسمي الذي جاء لداركم من الباب، وقابل أهلك الأحباب، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.
واعلمي أنك لن تصلي إلى الرأي الصحيح حتى تبعدي المشوشات، وتبعدي التفكير عن العلاقة القديمة، وتفكري بطريقة صحيحة، وعليك بالاستشارة ثم الاستخارة، ولن تندم من تستخير وتستشير، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.