السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب عمري 22 سنة، أعمل مطور ويب من المنزل، وأدرس في نفس المجال في الجامعة، أتمتع -بفضل الله- بصحة جيدة نفسيا وجسديا، لدي شقة صغيرة للوالد بدأت في تشطيبها بمالي الخاص دون أن أرهق والدي أو أستدين، أقرأ القرآن في الكتاب، وأسعى للثبات على ديني، ولم أدخل في أي علاقة محرمة قط.
أنعم الله علي بنعم متوالية، وأرى أبواب التيسير تفتح أمامي، ودخلي جيد جدا بالنسبة لعمري، وأعمل يوميا على تطوير نفسي وتأهيلها فكريا وواقعيا للزواج.
كل شيء مهيئ تقريبا، عدا السكن الذي لا يزال في طور التشطيب، وقد يحتاج من 6 إلى 10 أشهر، ومع هذا والدي يرفض حتى الحديث عن الزواج قبل إكمال تجهيز الشقة، وأظن أن من أسباب رفضه غير المعلنة أنه لا يريدني أن أتزوج قبل إنهاء الجامعة، وكذلك والدتي لها نفس الموقف.
الفتن من حولي كثيرة، والاحتياج الفطري يزداد رغم الانشغال، وأرغب في الزواج للعفاف والاستقرار، فهل تفكيري طبيعي ومتزن؟ وهل من الحكمة أن أبدأ البحث عن الزوجة الصالحة الآن بالتوازي مع استكمال التشطيب، خاصة أن الأمر سيستغرق وقتا؟ وإن أصر والدي على الرفض، فهل من المناسب الاستعانة بشيخ يثق به لإقناعه؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الجواد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الفاضل- في موقعك، ونشكر لك اهتمامك وحسن عرضك للسؤال، ونحيي عندك هذه العصامية، وهذه الروح التي اعتمدت فيها -بعد الله- على نفسك، نسأل الله أن يزيدك من فضله، ويكثر من أمثالك من الشباب الطامحين، وأن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.
ما يحصل لك هو أمر طبيعي؛ فالإنسان بحاجة إلى أن يبلغ العفاف، وأرجو أن تجد من يقنع الوالد ويقنع الوالدة، وأيضا في الجانب الآخر نتمنى أن تزيل المخاوف التي لديهما.
فإذا كان خوفهم مرتبطا بالدراسة في الجامعة، فأثبت لهم أنك محافظ على دراستك، وحريص على التفوق فيها، وعندما نؤمن هذه المخاوف ونزيلها من طرائق تفكيرهم؛ فإن هذا سيكون عونا لمن يريد إقناعهم والتحدث معهم في هذه المسألة، وأعتقد أن المدة المذكورة، والمدة التي يدور حولها الخلاف أيضا ليست طويلة.
وأيضا مسألة الاختيار نتمنى أن تشركهم فيها، وتحاول أن تستعين أيضا بالوالدة، والأخوات، والعمات، والخالات، يعني تشركهم من البداية حتى لا تفاجأ برفضهم، فنحن دائما نريد من المثاليين -من أمثالك- أن يشركوا الأسرة في مثل هذه الخطوات في وقت مبكر، حتى لا يصدم الإنسان بعد ذلك برفضهم أو بعنادهم.
وأسعدنا جدا حسن الترتيب لأمورك المالية، وحسن الترتيب لإدارتك، وحسن التهيئة الذي تقوم به، وكل هذا يبشر بخير، وهو -إن شاء الله- من عوامل النجاح بعد توفيق ربنا الكريم الفتاح.
إذا وجدت العقلاء والدعاة أو الأقارب: الأعمام والعمات والأخوال والخالات؛ كل من يمكن أن يؤثر على الوالد والوالدة، فلا مانع من الحديث معهم ليتكلموا بلسانك؛ لأن الكلام غير المباشر أبلغ تأثيرا في مثل هذه الأحوال، فإذا جاء داع وبين لهم أهمية هذه المسألة، وأهمية بلوغ العفاف، وذكر لهم تجارب ممن تزوجوا وأكملوا دراستهم ونجحوا في حياتهم؛ فهذا كله من الأمور التي تؤثر على الوالدين.
ولا نؤيد أن تدخل في هذا النقاش وحدك، بل من المهم أن يكون معك من يساعدك في إيصال الفكرة التي تريد إلى والديك، ويبين لهم أن هذا مطلب شرعي، وأنه هذا هو الصحيح.
أكرر: تفكيرك طبيعي، وتفكيرك متزن، والذي نريده أيضا أن تكون الخطوات متزنة ومدروسة، وتنظر إلى كافة الأبعاد. وأكرر أيضا: إن الذي يخشاه الوالد الدراسة نفسها، أو تأثير الزواج على الدراسة، فأمن لهم هذا الجانب، بالجد والاجتهاد والتفوق فيها، فعندما يشاهدون اجتهادك وحرصك -وهذا يحتاج إلى تنظيم وقت-، فإن ذلك سيعينك كثيرا.
ونحن أيضا نشجع فكرة الاهتمام بالأمور الأساسية في حياة الإنسان، ولا نريد أن يشغلك البحث عن الزوجة الآن عن أمور أخرى، ولكن لا مانع من الاستعانة - كما قلنا - بالوالدة والأخوات حتى يساعدوك في اختيار الفتاة المناسبة، ويكون القرار النهائي لك؛ لأن هؤلاء من حقهم أن يشاركوك في الاختيار.
وإذا كان هناك فتاة معينة ترغب في الارتباط بها، فمن المصلحة أن تربطها بأخواتك أو عماتك أو خالاتك، حتى يكون هناك نوع من التواصل، وهذا سيمهد لك الطريق، ويساعدك على كسب رأي الأسرة؛ لأنه من التوفيق للإنسان أن يختار فتاة صالحة ترضى بها الأسرة، وهي مطيعة لله، تعينه على الخير؛ لأن هذا عون له على أداء حق الزوجة، وأداء حق الوالدين، وحق الأخوات.
نسأل الله أن يوفقك، وأن يرفعك عنده درجات.