السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أعيش في بلجيكا، ابني عمره 19 سنة، تارك للصلاة، ويتعاطى جميع أنواع المخدرات، تكلمت معه كثيرا، ولا أستطيع إنقاذه، فعلت جميع المحاولات والنقاش، ولا فائدة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أعيش في بلجيكا، ابني عمره 19 سنة، تارك للصلاة، ويتعاطى جميع أنواع المخدرات، تكلمت معه كثيرا، ولا أستطيع إنقاذه، فعلت جميع المحاولات والنقاش، ولا فائدة.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم سلمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختنا الفاضلة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.
بداية: أختي الفاضلة، أنت بحاجة إلى عزيمة وإصرار وثبات في علاج ولدك من هذا البلاء العظيم، فأنت أقرب الناس إليه، وهو في أمس الحاجة إليك في هذه المرحلة الحرجة من عمره، لذا فإن ظهور ملامح اليأس أو العجز قد ينهي فرص العلاج ويفاقم الوضع أكثر.
واعلمي أنك مأجورة -بإذن الله- على سعيك واجتهادك وتعبك في سبيل علاج ولدك، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب، ولا هم ولا حزن، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه".
ومن المهم أن تعلمي أيضا أن علاج الإدمان على المخدرات يصعب على الفرد وحده، بل يحتاج إلى تكاتف وتضامن وجهود متكاملة من المختصين، ومن الأسرة، وكل من يحب هذا الشاب ويحيط به، كما أن علاج الإدمان يمر بمراحل متدرجة، ويتطلب صبرا ووقتا وانتقالا من طور إلى طور، حتى تتحقق النتائج المرجوة، ومجرد الوعظ الديني والتذكير بالله في هذه المرحلة تكون نتائجه ضعيفة، كون الشخص مغيب الوعي والإدراك في كثير من الأحيان، أو واقعا تحت ضغط الإدمان أو الأعراض الانسحابية.
لذلك أختي، سنقدم إليك بعض النصائح التي تعينك -بإذن الله- على علاج ابنك، ونسأل الله أن يوفقك للعمل بها:
أولا: التثقيف والوعي: يجب أن يكون لديك معرفة جيدة بكيفية التعامل مع المدمن وحالات الإدمان، ومراحل علاج الإدمان، والمخاطر المحتملة، وطرق مواجهتها، هذا الوعي يساهم كثيرا في تحسين النتائج.
ثانيا: الاحتواء دون مواجهة أو لوم: الشاب في هذه المرحلة من العمر يمر بفترة مراهقة ورغبة في إثبات الذات، ومصادمته باللوم والعنف قد تدفعه إلى النفور والابتعاد؛ لذلك أنت بحاجة إلى اللين واللطف الشديد، وإظهار الحب الزائد والاهتمام البالغ؛ حتى يشعر بأن الأسرة هي المأوى الحقيقي له، كما أنها تحقق له الأمان وإثبات الشخصية الذي يبحث عنه، وليست البيئة الخارجية التي جرته إلى هذا الطريق.
ثالثا: التعاون مع المحيطين: حاولي إشراك إخوة الشاب، أو أقاربه، أو من تثقين بهم من أهل الصلاح؛ ليقفوا إلى جانبك في دعمه واحتوائه، فلا بد من وجود مساند لك لتحقيق بيئة تحيط بهذا الشاب، تدفعه للخير وتساعده على التعافي.
رابعا: التدرج في التوجيه: بعد فترة من الاحتواء والمودة، يمكن التحدث معه بهدوء عن العواقب والنتائج السلبية للإدمان، اطرحي عليه أسئلة تحرك تفكيره وتوقظ ضميره مثل: "ما مستقبل هذا الطريق؟ ما الذي ستجنيه؟ هل هذه الحياة التي تستحقها؟" هذه الأسئلة تحتاج لتكرار وصبر، حتى تثمر في قلبه ووعيه، فهي أشبه بمنبهات قوية، وبقدر ما تكون من قلب صادق مخلص، يكون تأثيرها فيه.
خامسا: مرحلة العلاج الجسدي (إزالة السموم): وهي أولى الخطوات العملية، حيث ينقى البدن من آثار المادة المخدرة، ويراعى فيها الإشراف الطبي الكامل، من خلال إدخاله إلى مركز مختص، لتخفيف الأعراض الانسحابية والسيطرة عليها، وهذه المرحلة مهمة جدا كأول خطوة للتعافي بعد الوقوع في إدمان المخدرات.
أختنا الفاضلة: بعد العلاج تبدأ مرحلة الوقاية والحماية بالبناء النفسي والديني، وتعزيز الوازع الأخلاقي، والابتعاد عن رفقاء السوء، وكل بيئة قد تعيده إلى دائرة الإدمان، ولا تغفلي أبدا عن الدعاء، ثم الدعاء، فأنت أم، وقلب الأم يحترق ألما على ابنها، وفي مثل هذه الأحوال يكون الدعاء أقرب للإجابة، فلا تملي من الدعاء، ولا من بذل الصدقة، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (داووا مرضاكم بالصدقة) حسنه الألباني.
نسأل الله أن يربط على قلبك، وأن يجعل لك من هذا الابتلاء رفعة وأجرا، وأن يتم على ابنك نعمة العافية والهداية، ويبدلكم بعد العسر يسرا، وبعد الضيق فرجا.