محافظ على طاعاتي لكن يؤرقني فعل العادة السرية!

0 1

السؤال

كنت مدمنا على العادة السرية والمواد الإباحية لفترة من الزمن، ثم انقطعت عنها لمدة أربعة أشهر أو أقل، لكنني عدت إليها تدريجيا، وأصبحت حالتي أسوأ من السابق.

الفرق أنني أصبحت أؤدي الصلوات المفروضة والسنن، وأحفظ القرآن، وأقوم بالعديد من الطاعات -والحمد لله- ولكن هذا الذنب يؤلمني كل يوم، ولا أستطيع تحمل الشعور بالذنب، أشعر وكأنني منافق؛ أظهر للناس أنني بخير، بينما أنا في الحقيقة مقصر أمام الله.

بحثت عن كل الحلول التي جربها الآخرون، ودعوت الله كثيرا، لكن الشيطان ونفسي تغلبني في كل مرة.

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخانا الفاضل- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.

أخي الكريم: ما يظهر في رسالتك من حرقة وألم هو في حقيقته دليل خير في نفسك، وصلاح في قلبك، إن النفس اللوامة التي تؤنب صاحبها وتدعوه للرجوع إلى الله هي علامة حياة الإيمان، وهي نعمة عظيمة أرادها الله لك، فلو لم يكن فيك خير لتماديت في المعصية ورضيت بها، فلا تتهم نفسك بالنفاق، ولا تفتح على نفسك بابا للشيطان يقنطك من رحمة الله وفضله الكريم، فمن يصلي، ويذكر، ويحفظ، ويتوب، ويخاف، فليس بمنافق، بل مؤمن يجاهد نفسه على الخير والطاعات.

واعلم -يا أخي- أن المجاهدة والصبر من لوازم الإيمان، وسبيل نيل المنازل العالية، قال تعالى (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون)، فأنت مأجور في سعيك لإصلاح نفسك وتهذيبها، وما يصيبك من هم أو حزن مأجور عليه كذلك، كما جاء في الحديث: (ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه)، فأحسن الظن بربك، وسل الله أن يعينك، وازدد قربا منه؛ فإن الإيمان هو الحصن الذي يحميك من نزغات الشيطان، ويجعل في نفسك قوة ترد بها أسباب الشهوة وتطفئ نيرانها.

اعلم – وفقك الله – أن العلاج الحقيقي يبدأ بإغلاق الأبواب التي تؤدي إلى إثارة هذه الشهوة، فمهما حاولت كبح النفس والبعد عن هذه العادة، فإنك إن أبقيت أسباب الإثارة قائمة، سيبقى الرجوع إليها ميسورا وسهلا، فابدأ من هنا، ولا تستصعب الطريق؛ فإنها خطوات إن صدقت فيها أعانك الله، لذلك نقدم لك بعض النصائح، ونسأل الله أن يعينك على العمل بها:

أولا: غض البصر.
حين حرم الله الزنا، حرم ما يقود إليه، ومن أعظم أسبابه إطلاق النظر في الحرام، سواء في الأفلام، أو الصور، أو الطرقات، أو وسائل التواصل، غض البصر عبادة عظيمة، وتطهير للعين والقلب، وإغلاق لباب عظيم من إثارة الشهوة ، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث القدسي: (إن النظرة سهم من سهام إبليس مسموم، من تركها من مخافتي أبدلته إيمانا يجد حلاوته في قلبه).

ثانيا: إشغال الوقت والفكر بما ينفع.
الفراغ من أخطر أبواب التفكير في الشهوة، فالنفس إن لم تشغلها بالخير شغلتك بالمعصية، خاصة حين يكون الإنسان وحيدا مع نفسه دون انشغال نافع، فاملأ وقتك بالرياضة، والقراءة، وحضور مجالس العلم، ومجالسة الصالحين، وحفظ القرآن، وممارسة الهوايات المفيدة.

ثالثا: تقوية الإيمان:
الإيمان هو الحاجز الحقيقي بين النفس والمعصية، فكلما قوي الإيمان، اشتدت خشية الله في القلب، وكلما ضعف تجرأت النفس على حدود الله، والإيمان يزيد بالطاعات، وينقص بالمعاصي، فاحرص على ما يقوي إيمانك ويقربك من الله: من قراءة القرآن، وذكر الله، والمحافظة على الصلاة، والقيام، والصيام، وصحبة الصالحين.

رابعا: الصوم وتقليل الأكل:
الشهوة تتغذى على الامتلاء، وكلما امتلأ الجسد، قويت دوافع الشهوة، وقد دل النبي -صلى الله عليه وسلم- على هذا العلاج فقال:"يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء"، فإن تيسر لك الزواج، فذلك خير سبيل للعفاف، وإن لم يتيسر، فالصيام والاقتصاد في الطعام سبيل فعال لتسكين الشهوة.

خامسا: الانشغال بمعالي الأمور:
اجعل لنفسك هدفا كبيرا تسعى إليه في العلم، والدعوة، وخدمة الناس، والنجاح في الحياة، النفس الكبيرة ترى هذه السلوكيات الدنيئة عارا، وتستعلي عليها بطموحها، فاستثمر طاقتك في البناء لا في الهدم، وكن صاحب همة عالية، تصنع لك شأنا عند الله والناس.

وأخيرا: لا تنس الدعاء؛ فالله كريم قريب، يسمع أنين التائبين، ويعين الصادقين، ولا يرد من طرق بابه، لا تيأس، ولا تظن أنك منافق أو ذو وجهين، ما دمت تكره الذنب وتستغفر بعده، "كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون"، وقال تعالى عن أهل التقوى:(إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون)، وهذا حالك: تقع، ثم تتذكر، فتتوب، فتبصر، فلا تترك المجاهدة لنفسك، وإن ضعفت فيها، فالنصر قريب لمن جاهد وصبر، والله قد وعد ببلوغ الغايات مع الصبر والسعي والاستعانة بالله، فقال:( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ۚ وإن الله لمع المحسنين).

وفقك الله، ويسر أمرك، وسدد خطاك في طريق التوبة والنقاء.

مواد ذات صلة

الاستشارات