توهم أشياء لم تحدث يجعلني أعيش في توتر دائم، فماذا أفعل؟

0 3

السؤال

السلام عليكم

منذ حوالي أربعة أشهر وأنا أفكر بطريقة رهيبة وبشكل سلبي، أشعر بقلق وخوف شديدين، حرفيا طوال اليوم، من لحظة استيقاظي وحتى نومي.

أفكر في مواقف حدثت أو مواقف قد تحدث، وأضع أسوأ السيناريوهات، رغم أن كثيرا منها قد لا يحدث أصلا، وحتى لو حدث، يكون شيئا بسيطا لا يستدعي كل هذا القلق.

لكن عقلي، رغما عني، يصر على التفكير وتخويفي، وأحاول أن أطمئن نفسي بالكلام والنقاش الداخلي، ولكن بلا جدوى، لا أفكر في أمر معين؛ اليوم أفكر في شيء، وغدا في شيء مختلف، وهكذا.

ومنذ فترة، بدأت أشعر في المكالمات الصوتية مع أصدقائي أنني نسيت أن أغلق الميكروفون وأنا أتكلم مع والدتي أو والدي، وأشعر بخوف وقلق أنهم ربما سمعوني، رغم أنني دائما حريص، وأتأكد أنني قد أغلقته.

لم أكن هكذا من قبل، لم أكن أخاف أو أقلق بهذه الصورة، على العكس، إذا شعرت سابقا بأي توتر، كنت أشغل مسلسلا أو فيلما وأنشغل عنه، لكن الفترة الأخيرة زادت حالتي جدا، حتى أنني لم أعد أستطيع النوم، وصرت أجلس وحدي وأبكي، لأنني لا أفهم ما الذي يحدث لي.

حتى وأنا أكتب هذه الرسالة، تراودني فكرة أنني كنت في مكالمة مع الشباب منذ قليل ونسيت أن أغلق الميكروفون أثناء حديثي مع أمي -رغم أنني لم أتحدث معها أصلا في ذلك الوقت-، فقد استمرت المكالمة معهم حوالي خمس دقائق فقط، وخلالها لم أتحدث مع والدتي. بعد المكالمة بدقائق، تحدثت معها، لكن عقلي لا يتوقف عن التوهم وإثارة القلق بلا سبب، كأنه يريد أن يؤذيني، ولا أفهم لماذا.

والله العظيم، لقد تعبت، أشعر أنني أعيش في عذاب وخوف وقلق دائم، وتفكير لا يتوقف، يمنعني من النوم، أصبحت أفكر كثيرا في الانتحار -والعياذ بالله-، إنني منهك نفسيا، وأشعر أن حياتي قد توقفت.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب.

حالتك واضحة جدا -أخي الكريم- وهي أنك أصبت بنوبة من القلق والخوف والوسوسة والشكوك، بدأت معك قبل أربعة أشهر، وإذا لم يكن هناك سبب واضح لذلك، فهذا يشير إلى وجود نوع من الاستعداد الجيني أو الوراثي، أو ما يتعلق ببناء شخصيتك.

أيضا أيها الفاضل الكريم: هذه الحالات قابلة للعلاج، وتعالج بصورة ممتازة جدا، هناك أدوية معينة يكتبها الأطباء المختصون في الصحة النفسية، وتوجد أيضا برامج لإدارة الحياة بشكل أفضل، تتمثل في الآتي:
- تنظيم الوقت بصورة جيدة وإيجابية.
- النوم المبكر وتجنب السهر.
- الحرص على تجنب النوم النهاري.
- ممارسة الرياضة بصورة منتظمة.
- تطبيق تمارين استرخائية، والتي يمكن تعلمها من خلال مقابلة الأخصائي النفسي، أو عبر الاستعانة ببعض البرامج المتوفرة على اليوتيوب.

وبما أن الحالة ظهرت بصورة حادة ودون أسباب واضحة، فمن الأفضل أيضا أن تقوم بإجراء بعض الفحوصات الطبية؛ للاطمئنان على الجانب العضوي، حتى وإن لم يكن ذلك ضروريا في كل الحالات، لكن لا ينبغي إهماله؛ لأن بعض هذه الحالات قد تكون مرتبطة بمشاكل عضوية، مثل: زيادة إفراز هرمون الغدة الدرقية، أو نقص حاد في فيتامين (D) أو (B12)، وربما يكون ذلك أحد الأسباب.

لذا أنصحك بإجراء الفحوصات الأساسية مثل: صورة الدم الكاملة (قوة الدم "الهموجلوبين، ومستوى الدم الأبيض)، ووظائف الكبد والكلى، ومستوى هرمون الغدة الدرقية، وهذا مهم جدا، ومستوى فيتامين (B12) وفيتامين (D)، وكذلك نسبة الدهون في الدم، هذه ستكون خطوة وبداية ممتازة جدا.

وبعد التأكد من سلامتك العضوية، تبدأ بتطبيق ما ذكرته لك من تنظيم نهج حياتك، مع الاستعانة بأحد الأدوية البسيطة المناسبة لعلاج مثل هذه الحالات، ومن الأدوية الفعالة عقار يسمى "موتيفال، motival"، وهو دواء بسيط ومتوفر في مصر، يمكنك تناوله بجرعة حبة صباحا ومساء لمدة شهر، ثم تجعلها حبة واحدة مساء لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عنه.

وإذا لم تتحسن بعد أسبوعين من بدء الدواء، فهنا أنصحك بالذهاب إلى الطبيب النفسي المختص؛ ليضع لك خطة علاجية أكثر تفصيلا وملاءمة لحالتك.

هذا هو الذي أراه، وأنا أؤكد لك أن حالتك -بإذن الله- بسيطة، مهما شعرت بثقلها عليك الآن، والعلاج متوفر، و-بإذن الله- ستتحسن حالتك كثيرا، ولا أرى داعيا أبدا للتفكير في الانتحار، وأنت شاب مسلم تحمل اسما جميلا، وهو "عبد الرحمن"، والدنيا بخير، والله لطيف بعباده ولا شك في ذلك.

وأريدك أن تجعل لحياتك معنى، أن تضع لنفسك أهدافا واضحة تسعى لتحقيقها، أن تكون لك طموحات في الحياة، أن تضع الآليات التي توصلك إلى أهدافك، أن تحرص على الصحبة الطيبة، وأن تكون عضوا فعالا في أسرتك، وبارا بوالديك، هذا كله يساعد على تحقيق تقدم كبير في صحتك النفسية والجسدية، وتكون -بإذن الله- من الناجحين والمتميزين.

وللفائدة راجع الاستشارات المرتبطة: (2240168 - 2411187).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات