انجرفت مع فتاة عبر النت وأشعر بتأنيب الضمير!

0 2

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب في الرابعة والعشرين من عمري، وحياتي -ولله الحمد- ممتازة، والجميع يحبني ويراني شخصا جيدا، ولكنني أخطأت مؤخرا مع فتاة عبر الإنترنت، وانجرفت معها في محادثات جنسية لمدة يومين، ثم ندمت بشدة، وخفت أن يؤثر هذا الخطأ على سمعتي، أو يسبب لي أي فضيحة، حتى وإن كانت بسيطة.

نويت التوبة بصدق عن هذا الذنب، وعن كل ما يشبهه من الذنوب، ومع ذلك، ما زلت أشعر بتأنيب الضمير، وأشعر أحيانا أنني لست شخصا جيدا، وأن حب الناس لي قد يكون نفاقا، كما يراودني القلق من أن تسبب لي هذه الفتاة أي ضرر مستقبلا، رغم أنها من مدينة أخرى، ولا توجد بيني وبينها أي علاقة أو معارف مشتركة، إلا أنني ما زلت أشعر بالخوف والقلق، وضميري لا يهدأ.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخانا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.

أولا: نهنئك بفضل الله تعالى وتوفيقه لك بالتوبة إليه -سبحانه وتعالى-، والرجوع عن الاستمرار في هذا الذنب، فهذا من أمارات وعلامات حب الله تعالى لك، وإرادته الخير لك، فإن تحبيب التوبة إليك إنما هو فرع عن توبة الله تعالى عليك، كما قال الله في كتابه الكريم: {ثم تاب عليهم ليتوبوا} [التوبة: 118] فنبشرك أولا بأنك تسير في الطريق الصحيح، وأن الله تعالى أراد بك خيرا.

واعلم أن الذنب قد يعود على صاحبه بمنافع عظيمة، لم يكن ليحصل عليها لولا وقوعه فيه، وهذا لا يعني تبرير الذنب، ولا هو دعوة إلى استسهاله أو النظر إليه بخفة، وإنما نقوله لنزيل عنك القلق واليأس من إصلاح حالك، أو شعورك بأنك إنسان منافق، نقول لك: لا لست كذلك، ونؤكد لك أنك لست كذلك؛ فإن الذنب إذا أوجد فيك الندم والمحاسبة للنفس، واستحقار النفس، ودفعك إلى الإكثار من الاستغفار، والتقرب إلى الله تعالى بالطاعات، فإن هذا الذنب يكون مفتاح رزق كبير، وسببا لصلاح عظيم، بسبب هذه النتائج المحبوبة التي أراد الله تعالى لك أن تقع فيها.

واعلم أن الله تعالى يحب التوابين، وتأمل وتفكر جيدا في هذه الآية جيدا: {إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين} [البقرة: 222]، ومحبة الله تعالى مرتبة عظيمة وعالية لا يصل إليها الإنسان بسهولة، فإذا رزق الإنسان التوبة النصوح، التوبة الصادقة التي يندم فيها على ذنبه، ويعزم على ألا يرجع إليه في المستقبل، مع إقلاعه عن الذنب، هذا النوع من التوبة إذا تابه الإنسان فإن الله تعالى يحبه، بل ويبدل سيئاته حسنات، وذنبه يمحى بهذه التوبة فقد قال الله تعالى: {فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات} [الفرقان: 70]. وقال الرسول ﷺ: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له" [رواه ابن ماجه وحسنه الألباني].

وبهذا تعلم أن التوبة فضل عظيم ينبغي أن تفرح به، ولكن في الوقت نفسه تحافظ على هذا الخوف الذي وجد في صدرك، وتأنيب الضمير الذي تعيشه بسبب هذا الذنب؛ لأن هذا الخوف وهذا القلق وتأنيب الضمير يمنعك من الرجوع إلى الذنب مرة أخرى، فاسأل الله سبحانه أن يقبل منك التوبة، وأن يعينك على الثبات والاستمرار عليها، وألا تنتكس فترجع إلى الذنب مرة أخرى.

ومن أعظم ما يعينك على الاستمرار في التوبة: الصحبة الصالحة، فاجتهد أن تتعرف على الشباب الطيبين والرجال الصالحين في المساجد، ووسائل التواصل الموثوقة، وداوم على صحبتهم والاستعانة بهم على الخير، وشاركهم في برامجهم النافعة، وبهذا تكون قد أخذت بالأسباب التي تثبتك على هذا الطريق الذي يحبه الله تعالى، وهو طريق التوبة والإقلاع عن الذنوب، والإكثار من الأعمال الصالحة.

لا تعط مجالا للشيطان ليوقعك في أنواع من الحزن والكآبة، أو أن ينفرك ويصرفك عن الأعمال الصالحة، بحجة أنك منافق، وأن باطنك يخالف ظاهرك، كل هذه وساوس وأوهام شيطانية، يحاول من خلالها أن يصدك عن سبيل الطاعة، فلا تبال بها، واعلم أنك ما دمت سائرا في طريق التوبة، وتجدد التوبة كلما أذنبت، فأنت تمشي في الطريق الذي يحبه الله ويرضاه من عبده، والإنسان بطبيعته خطاء، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون" [رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني].

نسأل الله أن يوفقك لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات