السؤال
السلام عليكم.
لقد قمت بإعفاء لحيتي من بداية رمضان هذا العام، وليس علي تضييق من جهة العمل، ولكن دائما ما أسأل من قبل الآخرين ومدرائي في العمل، بشكل مهذب وليس فيه صيغة الإقصاء من العمل: متى أهذب لحيتي؟
المشكلة الأكبر أن زوجتي لا يعجبها إعفاء اللحية؛ لأنها عند التقرب إليها ينتابها إحساس غريب، وكأنني شخص غريب عنها، كما أنها تحس بالخجل عندما نخرج سويا؛ لأنه يظهر علينا فرق السن، فهي تصغرني 12 سنة.
علما أن لحيتي تنبت بشكل غير منتظم، فتطلب مني تهذيبها، وفي بعض النقاشات يكون الشعور أن الأمر عندها سيئ لدرجة أنها تفكر في الانفصال، مع أن زوجتي تخاف الله، ومن أسرة محافظة -أي أن أباها ملتح، وأمها منتقبة-، وتسألني بين فترة وأخرى ما إذا كان أحد زملائي قد انتقدني أم لا! وفي بعض الأحيان يشبهني أحد أبنائي بالجد وليس الأب!
أنا لا أبحث عن حل شرعي كي أحلق لحيتي، ولكن ماذا لو قمت بتهذيبها حتى أقلل من حدة تفكير الآخرين؟ خاصة في حالة وجودي في بلد غير إسلامي، ومع التغيير الجذري لشكل الوجه يكون وقعه سلبيا عند بعض الناس، حيث يرونني متشددا، أو إرهابيا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ .... حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أخي الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك بالموقع، ونسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياك على الخير والحق.
ولا شك -أيها الحبيب- أن ما من الله به عليك من تحبيب هذه السنة النبوية، والعمل بها، فضل عظيم من الله؛ فإن إعفاء اللحية من شعائر الأنبياء، كما ثبت في الأحاديث، وكما نقرأ في القرآن في قصة موسى وهارون -عليهما السلام- وفي أخذ موسى للحية هارون وجره منها: ﴿قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي﴾ [طه: 94].
وقد روي عن النبي ﷺ أن إطلاق اللحية من سنن المرسلين، وجاءت الأحاديث الكثيرة في وصف رسول الله ﷺ، وأنه "كان عظيم اللحية".
وقد أمر -عليه الصلاة والسلام- الصحابة الكرام والأمة من بعدهم بإطلاق اللحية وإعفائها، فقال: أرخوا اللحى، وقال: أعفوا اللحى، وبين أن في ذلك مخالفة للمشركين.
وبهذا كله يتبين لك أن من سبيل المؤمنين ومن أوصافهم إعفاء اللحى، ولا يستغرب أبدا أن يستنكر بعض الناس مظهرا من مظاهر التدين، لا سيما في بلاد غير المسلمين، والمسلم في هذه الأحوال والظروف ينبغي أن يكون صابرا محتسبا، وأن يتذكر الأجر والثواب الذي أعده الله -سبحانه وتعالى- للعاملين بطاعته، المحافظين على شريعته.
وكلما عظم البلاء، وثقلت الطاعات، كلما زاد الأجر، وتضاعف الثواب، وعلى هذا دلت أحاديث كثيرة، والعبادة عند فساد الزمان أجرها أعظم من العبادة عند صلاح الأحوال؛ ولذلك قال -عليه الصلاة والسلام-: العبادة في الهرج كهجرة إلي [رواه مسلم]، والمقصود بالهرج: القتل، وفساد الأحوال والأوضاع، فمن يؤدي العبادات في أحوال فاسدة، وظروف صعبة، يضاعف له الأجر ويزيد.
فتذكر الإنسان المسلم لهذه المعاني من شأنه أن يثبته، وأن يقوي عزيمته على فعل الطاعة، والثبات عليها.
أما ما ذكرته من شأن تهذيب اللحية، وعدم الحلق: فالتهذيب جائز، ولكن العلماء يختلفون فقط في مقدار هذا التهذيب:
• هل يشترط أن يكون المتروك بقدر قبضة اليد، وما يؤخذ أو يقص هو ما زاد على القبضة؟
• أم يجوز أن يأخذ الإنسان ما هو أكثر من ذلك، ويبقي لحيته على أقل من القبضة؟
هذه كلها خلافات فقهية معتبرة، وأنت يجوز لك العمل بأي قول من هذه الأقوال، لا سيما إذا وجد ضيق أو حرج عليك.
والمحرم في شأن اللحية هو حلقها، وهذا ما عليه جماهير علماء المسلمين، والحلق يعني: إزالة اللحية بالكلية، فهذا هو المحرم، أما التهذيب فحكمه الجواز، ولا حرج عليك إذا فعلته، فإذا وصلت إلى مرحلة يمكنك فيها إعفاء لحيتك بلا تهذيب، فذلك أفضل.
نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن ييسر لك الخير، وأن يثبتنا وإياك عليه حتى نلقاه.