السؤال
السلام عليكم.
أنا متزوجة منذ 13 سنة، ولدي 3 بنات، كنت أنا وزوجي في الحج، وكنا قد أنهينا مناسكنا، ولم يتبق لنا سوى طواف الوداع، وخرجنا للتسوق، وتشاجر معي زوجي، وظلمني، وقذف عرضي، واتهمني أني قد ضحكت مع البائع، وأقسم بالله أنني مظلومة؛ فقد ضحكت على قول قاله زوجي، بعدها شرحت له، وحلفت له أني قد ضحكت معه لا مع البائع، ولم يصدق، بل تمادى، وشكك في نيتي في الحج، وقال لي: أنت تحبين مكة فقط لرجالها!
أحسست بظلم وقهر كبير، وشكوته لله في صلاتي وطوافي، وبكيت لساعات طويلة، والآن أنا في حيرة من أمري عن القرار الذي يجب أتخذه؛ لأني لم أتحمل أن يطعن في شرفي، وطيلة حياتي لم أتعرض للقذف، بل على العكس كل الناس تشهد بحسن أخلاقي، وسمعتي حسنة جدا، فهل إذا طلبت الطلاق في المحكمة أكون بذلك قد ظلمت بناتي؟ وهل ما حصل قد أفسد حجي؟
مع العلم أني لم أجادله، بل اكتفيت بالدعاء والشكوى لله.
شكرا جزيلا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Hind حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يتقبل حجك، وأن يصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يديم الألفة والمودة بينكما.
ونحن نتفهم -أيتها الأخت العزيزة- مشاعر الحزن والقهر التي تعيشينها بسبب تصرف زوجك، وينبغي أن يكون هذا الموقف دافعا لك لاتخاذ التدابير اللازمة؛ لمنع أي شك أو ريبة من زوجك فيك، وأن تجتهدي في تحسين علاقتك بزوجك، وإزالة كل ما يدعو إلى الشك، والريبة، وسوء الظن في قلبه، وأنت مأجورة -بإذن الله- على هذا الجهد الذي تبذلينه في هذا الطريق، لتحافظي على بيتك وأسرتك، وتحافظي على استقرار حياة بناتك.
وهذا ليس تبريرا لما فعله الزوج، ولا لما وقع فيه من ظلم باتهامك بغير بينة، وعدم تصديقه لك رغم أنك قد حلفت له، وهذا خطأ ظاهر وبين بلا شك فيه، ولكن عند وقوع الأخطاء بين الزوجين، فإن أحب الزوجين إلى الله تعالى هو من يسعى إلى الإصلاح، ويهدف إلى استقرار الأسرة وبقائها، حتى ولو كان في ذلك غض طرف عن بعض الظلم الذي قد وقع عليه.
وهذه وصية الله تعالى للمرأة حين تجد من زوجها أذى، أو تقصيرا، أو نشوزا، فقد قال سبحانه في كتابه الكريم: ﴿وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا ۚ والصلح خير﴾ [النساء: 128]، فالصلح أفضل من الفراق بلا شك؛ لأن الفراق يترتب عليه آثار سيئة على الزوجين، وعلى الأبناء، والبنات.
فلا ننصحك أبدا أن تجعلي من هذا الخطأ الذي وقع فيه الزوج سببا في اتخاذك القرار بالطلاق، وطلب الخلع، وخاصة أنك قد شكوت أمرك إلى الله -سبحانه وتعالى-، ودعوت عليه، وفي هذا نوع من الانتصار؛ فالنبي ﷺ جعل الدعاء على الظالم نوع من الانتصار، وأخذ الحق، فنرى أن هذا يكفي، وأن تحاولي في المستقبل تجنب كل ما قد يؤدي إلى الريبة من قبل زوجك.
وأما حجك فهو صحيح، ولا يتأثر بما وقع بينك وبين زوجك، لا سيما أنك لم تخوضي معه جدالا أثناء الحج -كما ذكرت في سؤالك-، ودعاؤك على من ظلمك، وشكواك إلى الله سبحانه لا ينافي بر الحج، ولا ينقص من ثوابه، وليس إثما؛ فإن الحج المبرور الذي وصفه النبي ﷺ بقوله: الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة [رواه البخاري ومسلم]، المقصود به الحج الذي يخلو من الإثم والمعاصي، ومجرد الدعاء على من ظلمك، والشكوى إلى الله، ليس إثما -بإذن الله-، فحجك صحيح، ومقبول، ولم يتأثر بذلك -إن شاء الله-.
نسأل الله أن يتقبل منك، وأن يصلح حالك، ويفرج همك، ويؤلف بين قلبيكما.