السؤال
السلام عليكم.
أخي عمره 16 سنة تقريبا، وهو عنيد، ولا يصغي إلى الكلام، ولا يصلي إلا في بعض الأحيان -إذا أمرناه بذلك-، ولديه صحبة سوء، وبدأت تأثيرات هذه الصحبة تظهر منذ عامين قليلا قليلا؛ فقد بدأ بالتدخين سرا، لكن هو يعلم أن أمي تعلم، ويكلم البنات عبر الهاتف، ويبقى مستيقظا طوال الليل على هاتفه، ويستعمل الألفاظ السيئة والأسلوب السيء في التعامل في بعض الأحيان، لكنه يعاملنا بطريقة جيدة إلى حد ما؛ لأننا نحسن إليه، ولكن لا يحترمنا كثيرا، وهو عاق لوالديه أحيانا.
أنا أظن أن كثيرا من هذه المشاكل قد تحل، أو قد يشعر بالرغبة في حلها إن كان إيمانه أقوى، وأريد أن أجلس معه، وأكلمه، لكن هناك مشكلة أخرى أنه في الغالب لا يريد التركيز مع ما أقول؛ ليتجنب هذا النوع من الحوار الجاد، فكيف أجذب انتباهه؟ وبماذا أبدأ معه، وماذا أقول؟
أظن إن بدأت معه بالكلام في أساس العقيدة، والجنة والنار، وواقعية كل ذلك سيفيده، وماذا يجب أن يفعل أبي، وتفعل أمي؟
وللعلم: فقد تشاورت معه كثيرا بخصوص هذه الأمور سابقا، لكن أبي لا يتدخل كثيرا؛ لكي لا تصبح نصيحته شيئا هامشيا، وكي لا يكون عنيدا معه.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حنين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في إسلام ويب، ونسأل الله أن يرزقك أجر النصح، ويجري على يديك الخير، ويكتب لك به هداية وثباتا، ويصلح أخاك ويجعله قرة عين لكم في الدنيا والآخرة.
أخوك شاب في السادسة عشرة من عمره، انصرف عن الصلاة، واستدرجته صحبة السوء إلى التدخين، وكلام الفتيات، والسهر على الهاتف، وإهمال احترام والديه، مع أنك ترين فيه قابلية للتأثر، وتظنين أن جذوة الإيمان إذا اشتعلت في قلبه تغير حاله، وتبحثين عن المدخل المناسب للحديث معه، ودور الوالدين في احتوائه.
وما دمت قد حملت هذا الهم، فاعلمي أن الله لن يضيع لك نيتك، ولا خطواتك، ولا دمعتك إن صدقت، وهاك الوصايا العملية التي نرجو أن تنفعك:
1. اجذبي قلبه قبل أن تطلبي إصغاءه، لا تبدئي معه بنبرة الوعظ، بل اقتربي منه بقلب الأخت لا فم المعلمة، وقولي له مثلا: "أنا ألاحظ أنك متغير، وأحس أحيانا أنك لست مرتاحا، وأحب أن أتكلم معك لا لأعاتبك، ولكن لأنك أخي، وخوفي عليك أكبر من غضبي". ابدئي من الداخل لا من الظاهر، من العتب لا من اللوم، ثم ادخلي إلى الحوار الجاد بسلاسة.
2. عرفيه بالله كما عرفه القرآن؛ فلا تخوفيه أولا، بل ذكريه أن الله قريب يحب من رجع إليه، ويبدل السيئات حسنات، واستشهدي له بقول الله: ﴿قل يا عبادي الذين أسرفوا علىٰ أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله﴾ [الزمر: 53]، وبقوله: ﴿إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين﴾ [البقرة: 222]، ثم قولي له: "الله ما خلقك لتضيع، ولا ليستدرجك الشيطان، بل خلقك لعز وكرامة، وفتح لك باب الرجوع، وتركه مفتوحا إلى أن تقبل عليه."
3. عظمي قدر الصلاة في قلبه: الصلاة ليست مجرد فرض، بل صلة، وطمأنينة، ونجاة، ذكريه بقول النبي ﷺ: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر" (رواه الترمذي وصححه الألباني).
4. افهمي أن صراعه داخلي، لا خارجيا فقط ؛ وهو لا يعاندكم لأجلكم، بل يقاوم صوته الداخلي، ويهرب من فراغ قلبه، ويسكته بالأصدقاء والهواتف والسهر، وادعي له كثيرا، ورددي قول الله: ﴿رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي﴾.
5. دور أمك: الرحمة والدعاء لا الإلحاح:
– لا تكثر من التوبيخ، بل تظهر له الحب والخوف عليه.
– تدعو له في جوف الليل، وتبكي بين يدي الله أن يريه الحق حقا.
6. دور أبيك: الهيبة المحبوبة:
– لا يغيب تماما، بل يتحدث إليه في لحظات نادرة، ولكن مؤثرة.
– يظهر له أن السكوت ليس غفلة، بل انتظار لحظة صدق من الابن.
– يربي بهدوء، ولا ينفعل؛ ليبقى لصوته وزنا حين يتكلم.
7. أوجدوا له صحبة صالحة بطريق غير مباشر؛ فإن الصحبة الصالحة متى ما اقتربت منه ضعف تأثير أصحاب السوء.
وأخيرا: نسأل الله أن يهدي قلبه، ويثبت قدمه، ويحبب إليه الطاعة، ويكره إليه المعصية، ويجعله من عباده الصالحين التائبين.
ولا تيأسي إن طال الطريق، فرب دعوة خفية في جوف الليل تصلح ما أفسدته الصحبة، وتوقظ قلبا كان نائما عن الله، فالله لطيف بعباده.
وبالله التوفيق.