السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طبيب بشري، وقد قدمت على درجة الماجستير، وكما هو متعارف عليه، فإن الحصول على درجة الماجستير يتطلب اجتياز امتحان أولي، ثم إعداد رسالة بحثية، ثم اجتياز الامتحان الثانوي، ولله الحمد، اجتزت الامتحانين الأولي والثانوي بنجاح.
أما عند كتابة الرسالة البحثية، فهناك بنود ومعايير معينة، يجب الالتزام بها، وقد تعلمتها من خلال الدورات التي التحقت بها، والحمد لله، ومع ذلك استعنت ببعض الزملاء المتمرسين في كتابة الرسائل العلمية، في بعض أجزاء الرسالة فقط، مع تأكيدي أنني على دراية تامة بجميع محتويات رسالتي، وقد ناقشتها بنفسي أمام لجنة المناقشة، ونلت منهم الإشادة والثناء.
سؤالي: هل في استعانتي ببعض المتخصصين في كتابة وتنظيم بعض أجزاء الرسالة، حرمة شرعية؟ وهل هذا الأمر يبطل درجتي العلمية، ولا يحق لي الترقية بناء عليها، مع العلم أنني قد نجحت في الامتحانات كافة، وحصلت على درجة الماجستير؟
شكرا، وأعتذر على الإطالة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أخي الحبيب- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك مزيدا من التوفيق والسداد، وأن ينفع بك وبما علمك، ونشكر لك حرصك -أيها الحبيب- على معرفة الحلال من الحرام، والوقوف عند حدود الله تعالى، وهذا من أمارات وعلامات توفيق الله لك، فنسأل الله أن يزيدك صلاحا وهداية.
وبخصوص ما ذكرته -أيها الحبيب- من الاستعانة ببعض المتمرسين في كتابة الرسائل العلمية، إن كنت تقصد أنك تعلمت منهم بعض المهارات التي تحتاجها في رسالتك، واستعنت بهم في تعليمك ما تحتاجه أنت لأداء عملك، فهذا لا حرمة فيه، ولا إثم عليك في فعله، لا سيما وأنت تعي ما تتعلمه منهم، وتفهم ما تكتبه وتقدمه في رسالتك.
أما إن كان المقصود هو أنهم ينفردون بالكتابة لك، فيكتبون لك أجزاء من الرسالة، ثم تضعها أنت في رسالتك، وتقدمها على أنك أنت الذي كتبتها وأعددتها، فهذا ظاهر فيه أنه مخالف للشروط المتفق عليها في تقييم الرسائل، ونسبة هذا العمل إليك، وهو ظهور بغير المظهر الحقيقي، وداخل في قول النبي ﷺ: "المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور"، فهو نوع من الغش بلا شك؛ لأن اللجنة التي تقيم رسالتك وتناقشك فيها، والجامعة التي تمنحك الدرجة العلمية؛ تنظر إلى هذه الرسالة على أنها من صنعك أنت، ومن ثمرات فكرك وإنتاجك، بينما الحقيقة أن ثم جزءا من هذه الرسالة ليس من عملك.
والذي فهمناه نحن من كلامك، أن ما فعلته هو من النوع الأول، وهو أنك استعنت بهم ليعلموك ويدلوك على كيفية تناول هذا الجزء من الرسالة، وأنت تعي كل ما يلقى إليك وتفهمه، ومستعد لأن تناقشه وترد عليه، وتجيب عن الأسئلة الملقاة إليك في محتواه، فإذا كان الأمر هكذا على النحو الأول؛ فأنت تعلمت هذا وأظهرت للجنة شيئا تعلمته وأتقنته وأحسنته، نرجو -إن شاء الله- أن يكون عملك من هذا النوع الأول المشروع.
وعلى كل حال، فلو فرضنا أنك وقعت في مخالفة من هذا الباب، فما دمت تفهم هذه العلوم وتعرفها وتتقنها، وتصبح مستحقا للدرجة العلمية التي تمنح لمن يعرف هذا القدر من العلم، ومتقنا للمهام والأعمال التي توكل لصاحب هذه الشهادة، نرجو الله تعالى أن يكون عملك مباحا، وترقيتك جائزة.
فإن كنت قد أخطأت في الطريق، فأكثر من الاستغفار والتوبة إلى الله تعالى، ولكن من حيث حكم وحل مباشرة هذا العمل، وحل الترقيات ونحو ذلك؛ أمر مرجوع فيه إلى حقيقة حالك مع هذه العلوم والمعارف، التي يختبر فيها الإنسان ليعطى هذه الترقيات، وتوكل إليه تلك المهام.
نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.