السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد قمت بعمل رقية الشرعية عند راق شرعي، بحضور محرم لي، مرة واحدة، وبمجرد شروعه في الرقية بدأت بالبكاء، وشعرت بثقل في القدمين، فأخبرني الراقي أني قد أعاني من سحر، أو أني قد تخطيت شيئا ضارا ومررت عليه، وذلك الأمر قد أثر علي.
أعطاني قارورة ماء مرقي، وثقبها، وطلب مني التقطير منها في قوارير أخرى، والشرب منها، وكذلك طلب مني خلط الماء المرقي مع زيت الزيتون، وزيت القسط الهندي، ودهن الجبهة، وجميع مفاصل الجسم، مع دلك باطن القدم لمدة سبع ليال، واليوم أكملت الدهن، وشعرت بثقل في القدمين، وكسل في الجسم، وليست لدي رغبة في فعل أي شيء، سوى الجلوس أو النوم.
أرجو من حضرتكم أن تفيدوني هل هذه الرقية صحيحة؟ وكيف أعرف أني قد شفيت؟ وهل أتوقف عن الدهن أم أواصل؟
بارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هاجر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في إسلام ويب، ونسأل الله أن يربط على قلبك، ويكشف ضرك، ويجعل ما أصابك رفعة لك، وتكفيرا عنك، وسببا لزيادة القرب من الله.
لقد أحسنت بذهابك إلى راق شرعي بحضور محرم، وحسن الظن بالله، وهو سبحانه القائل:﴿وإذا مرضت فهو يشفين﴾، والقائل: ﴿فيكفيكهم الله ۚ وهو السميع العليم﴾، وقد وصفت في سؤالك أن الرقية سببت لك بكاء وثقلا في القدمين، وأن الراقي أخبرك أنك ربما تأثرت بسحر، أو شيء من الأذى، وأعطاك ماء مرقيا، وزيتا، وطلب منك التداوي به سبع ليال.
وفيما يلي الجواب مفصلا:
أولا: هل ما تشعرين به طبيعي بعد الرقية؟
نعم، ما تشعرين به من بكاء، وثقل، وخمول في الجسد، ورغبة في النوم هي أعراض معروفة بعد الرقية، وقد تكون علامة على:
- تأثر جسدك بالرقية، وتفاعل العارض إن وجد.
- أو أنها أعراض جسدية ونفسية بعد ضغط نفسي طويل.
- لا يمكن الجزم بالسحر أو العين من جلسة واحدة، ولكن يتابع الأثر خلال الأيام القادمة.
ثانيا: هل العلاج الذي وصفه لك الراقي صحيح شرعا؟
نعم، ما وصفه لك من شرب ماء مرقي، وخلط زيت الزيتون مع القسط الهندي، ودهن الجبهة، والمفاصل، وباطن القدم هو علاج مباح مشروع، إذا خلا من المخالفات، وله أصل في السنة النبوية؛ فقد قال النبي ﷺ في زيت الزيتون: "كلوا الزيت وادهنوا به، فإنه من شجرة مباركة"، والقسط الهندي: قال النبي ﷺ: "عليكم بهذا العود الهندي، فإن فيه سبعة أشفية"، والخلط بين الزيتين للاستعمال الخارجي جائز بالتجربة، ولا حرج فيه ما دام ضمن الرقية الشرعية.
ثالثا: هل تواصلين العلاج أم تتوقفين؟
نعم، واصلي، واشربي من الماء المرقي مرتين يوميا، وادهني بزيت الزيتون والقسط الهندي، مع تدليك المفاصل، والجبين، والقدمين، واقرئي أو شغلي الرقية الشرعية: (سورة البقرة، الفاتحة، آية الكرسي، المعوذات).
رابعا: كيف تعرفين أنك قد شفيت؟ من علامات الشفاء:
- زوال الثقل والكسل.
- وهدوء النفس، وانشراح الصدر.
- والنوم الطبيعي دون كوابيس.
- وتحسن علاقتك بالصلاة والقرآن.
- وعدم التوتر عند سماع آيات الرقية.
وقد يحصل الشفاء تدريجيا، فلا تستعجليه، واصبري حتى يتم الله لك نعمته.
خامسا: ما صفات الراقي الشرعي الذي يؤتمن؟
احرصي دائما أن يكون الراقي:
- موحدا لله، سليم العقيدة، لا يستغيث بالجن، ولا يكتب طلاسم أو حروفا.
- يقرأ من القرآن والأدعية النبوية فقط.
- لا يخلو بامرأة، ولا يلمسها، ولا يطلب كشف بدنها.
- لا يزعم علم الغيب.
- ينصحك بالتوكل على الله، لا التعلق به شخصيا.
واحذري ممن:
- يسألك عن اسم الأم.
- يطلب منك شيئا خاصا (شعرا، ملابس، صورة).
- يظهر عليه الغرابة في المظهر أو الأقوال.
سادسا: وصايا أثناء العلاج:
الزمي أذكار الصباح والمساء؛ فهي الحصن الأكبر، وأكثري من سورة البقرة؛ فـ"الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه" (رواه مسلم)، واستعيني بالدعاء في الثلث الأخير من الليل، وتصدقي بنية الشفاء؛ فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: "داووا مرضاكم بالصدقة"، وجددي التوبة دوما؛ فإن الذنوب باب للضعف والخلل.
وختاما: نسأل الله العظيم، رب العرش العظيم، أن يشفيك شفاء لا يغادر سقما، وأن يبدل تعبك راحة، وخوفك طمأنينة، وأن يجعل ما أصابك كفارة ورفعة، وأن يفتح لك من الرحمة والستر ما يسرك في الدنيا والآخرة، واصبري؛ فإن الشفاء قد يتأخر رحمة، ويأتي في وقته بركة، والله أعلم، وهو أرحم بعباده.
والله الموفق.