أشعر بضيقٍ شديد بعد مشاهدة المقاطع السيئة، فماذا أفعل؟

0 0

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب متزوج، وقبل الزواج كنت أفعل العادة السرية، وأشاهد المواد الإباحية، وبعد أن تزوجت تبت ولم أعد أفعل ذلك، لكن ظهرت بعض المشاكل الزوجية البسيطة، مثل النكد والغضب على أبسط الأمور، فضعفت وتوجهت مرة أخرى لمشاهدة المحرمات والمواد الإباحية، واستمنيت مرة واحدة.

بعدها، شعرت بضيق شديد لا يعلمه إلا الله -سبحانه وتعالى-، وأخبرت زوجتي بما فعلت، لأنني شعرت أن ما قمت به يعتبر من الخيانة، وأنه شيء عكر صفو حياتي معها، أنا أحب أن أخبرها بكل شيء، لأنني فعلا أحبها، ولا أريد أن أراكم شيئا على نفسي، وبعد أن أخبرتها، نويت أمامها وأمام الله ألا أعود إلى هذه الأفعال مطلقا.

ومع ذلك، أصبحت أشعر بالضيق، حتى عند النظر إلى الفتيات في الطريق، أو عند مشاهدة فيديو عابر على فيسبوك أو إنستغرام، كلما صادفت شيئا فيه فتنة، أو مشهدا غير أخلاقي، أشعر بضيق كبير، وأرغب في إخبار زوجتي، فقط لأخفف عن نفسي.

الآن، أشعر وكأنني ضائع، أشاهد القليل من هذه الفتن على مواقع التواصل، ثم أشعر بضيق شديد، وهذا الضيق أثر علي، حتى بدأت أشعر بأن لدي رهابا اجتماعيا، فما الحل؟

أرجوكم: أرشدوني، بارك الله فيكم، ونفع بكم، وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك، -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك اهتمامك وحرصك على السؤال، وتحية لهذه النفس اللوامة التي تلومك على الوقوع فيما يغضب الله.

واعلم أنك لست مطالبا بفضح نفسك، أو الاعتراف لغيرك، بل أنت مطالب بأن تتوب وترجع إلى الله تعالى، وتقلع عن الذنب، وتعزم على عدم العودة، وتسأل الله المغفرة والثبات.

وإذا رأيت ما يعجبك في الحرام، فالجأ إلى زوجتك، وهذا أمر في غاية الأهمية، فإن الإنسان إذا صادف ما يثيره في الحياة ينبغي أن يأتي زوجته الحلال، وهذا توجيه من رسولنا الإمام ﷺ حيث قال: "إذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته، فليأت أهله، فإن ذلك يرد ما في نفسه" لذلك أنت مطالب بالستر على نفسك، إخبار الزوجة والاعتراف لها وإخبارها بمثل هذه الأمور، لن يكون فيه مصلحة في مستقبل الأيام.

ولذلك إذا جاء ما يشوش عليك بالحرام؛ اذهب إلى الحلال الذي أكرمك الله -تبارك وتعالى- به، وكن قريبا من زوجتك، وأد حقها الشرعي، وتذكر أنها المرأة التي اخترتها من بين سائر النساء، ورضيت بك، وشجعها إذا تزينت، واطلب منها ما تشاء؛ فالعلاقة بين الزوجين حدودها واسع، وهدف كل زوج أن يعف الآخر وأن يسعده، وهو مأجور على ذلك.

لاحظ عظمة الشريعة في قوله ﷺ: "وفي بضع أحدكم صدقة"، فقال الصحابة: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: "أرأيتم لو وضعها في الحرام، أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال، كان له أجر" فالتمس الأجر في هذه اللذة الحلال، وكن صادقا مع زوجتك، في القرب منها، والتعامل معها، واعلم أنها ستتجاوب معك؛ لأن هذه لذة مشتركة يحتاجها الرجل وتحتاجها المرأة، وهي من نعم الله الكبرى علينا.

أما غضك لبصرك؛ فهذا مطلب شرعي، الإنسان ينبغي أن يغض بصره استجابة لقول الله تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} ويترتب عليها حفظ الفروج {ويحفظوا فروجهم}، والثمرة الكبرى: طهارة النفوس وراحتها {ذٰلك أزكى لهم} فإن تجاوزوا وعصوا الله فـ {إن الله خبير بما يصنعون} [النور: 30].

فاجعل خوفك من الله، ومراقبتك له -تبارك وتعالى- دافعا لك إلى كف نفسك عما حرم، وغض بصرك عما لا يحل، فإن من كان له زوجة حلال، جميلة، يحبها وتحبه، ومع ذلك لا يغض بصره، فكيف بمن لا يملك هذا الحلال؟! فالأولى به أن يغض بصره ويتقي الله!

أرجو أن تجتهد في منازعة هذه الشهوة، واحرص دائما على ألا تخرج من بيتك إلا وقد أخذت كفايتك من أهلك، وترجع إليهم وأنت مشتاق لهم، وتمتع بهذا الحلال الذي أكرمك الله تعالى به، وابتعد عن الحرام.

واعلم أن الضيق أثر طبيعي لأي معصية، خاصة هذا اللون من المعاصي، فإن للمعصية ظلمة في الوجه، وضيقا في الصدر، وقلة في الرزق، وبغضا في قلوب الخلق، كما قال ابن عباس، كما أن للطاعة نورا في الوجه، وطمأنينة في النفس، وسعة في الرزق، ومحبة في قلوب الخلق.

فاصدق الله، وحاول أن تغير هذه الطريقة من التمادي في النظر في الأشياء المحرمة، واعلم أن النظر في الفيسبوك والانستجرام، وغيرها من مواقع التواصل والتطبيقات؛ هو مثل النظر للمرأة الأجنبية في الشارع، كل ذلك محرم، والمؤمن مأمور بأن يغض بصره، والذي يغض بصره سيجد الطمأنينة والأمن والأمان والسعادة، والذي يطلق بصره من الطبيعي أن تواجهه صعوبات وتعقيدات، وضيق وأحزان، والأمر كما قال الشاعر:

فإنك متى أرسلت طرفك رائدا *** لقلبك يوما، أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادر *** عليه، ولا عن بعضه أنت صابر

لذلك أرجو أن تحرص على الحلال، ففيه الغنية والكفاية، ونسأل الله أن يغنينا جميعا بحلاله عن الحرام، وأن يلهمنا رشدنا، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات