السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة أبلغ من العمر 13 سنة، لم أكن مهتمة بالصلاة أو غيرها من العبادات، أما الآن، فأنا أصارع نفسي كثيرا، وأجد صعوبة في الاقتراب من الله، والانتظام في عبادته، أرجوكم أفيدوني بالإجابة، فأنا خائفة أن أموت على سوء خاتمة.
شكرا جزيلا لكم، وبارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ جوري حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك ابنتنا الغالية في موقع إسلام ويب، ونسأل الله أن يجعلك من الصالحات القانتات، وأن يشرح صدرك للإيمان والطاعة، ويثبتك حتى تلقيه وهو عنك راض.
أولا: من قال لك إنك بعيدة عن الله؟ إن مجرد خوفك من سوء الخاتمة، وشعورك بالتقصير، ومحاولتك للرجوع، كلها علامات على أن الله يحبك ويريد بك خيرا، قال النبي ﷺ: "من سرته حسنته، وساءته سيئته، فذلك المؤمن"، فأنت مؤمنة بإذن الله، لأنك تشعرين بهذا الخوف الجميل الذي يدفعك للتوبة، وهو من نور الإيمان في القلب.
ثانيا: لا تقولي "لا أستطيع"، فالله معك، قال تعالى: ﴿والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا﴾ يعني: إذا حاولت ولو بصعوبة، فإن الله سيفتح لك أبواب القرب منه واحدة بعد أخرى.
ثالثا: خطوات عملية لتعودي إلى الله، وتنتظمي في الصلاة والعبادات:
• ابدئي بخمس دقائق يوميا تقرئين فيها القرآن، حتى لو آية واحدة، فالنور يبدأ من هنا.
• اجعلي الصلاة أهم موعد في يومك.
• استشعري أنك تقفين بين يدي الله الذي خلقك وسقاك وسترك وأحبك، قولي قبل كل صلاة: "اللهم اجعل قرة عيني في الصلاة".
• اكتبي على ورقة: "أريد أن يحبني الله" وعلقيها في غرفتك.
• اعملي كل يوم شيئا بسيطا يقربك من الله: دعاء، تسبيح، صدقة، مساعدة أمك.
• استمعي يوميا لموعظة قصيرة من داعية تحبين الاستماع إليه وتتأثرين به.
• لا تجلسي طويلا على الجوال أو وسائل التواصل؛ لأنها تسرق قلبك وتشوش عليك.
• اجعلي لك وقتا خاصا "هدوء بدون شاشة" لتتأملي وتذكري الله.
رابعا: لا تخافي من سوء الخاتمة وأنت على طريق التوبة، قال الله تعالى: ﴿إن الله يحب التوابين﴾، وقال النبي ﷺ: "إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل".
ونحن نوصيك، ابنتنا، بعدة وصايا لتقوية التدين:
1. ركعتان في الظلام، بداية النور:
- اجعلي لك وقتا كل ليلة، ولو قبل النوم، تصلين فيه ركعتين، وتقولين فيهما ما في قلبك.
- ابكي أو ناجي الله بأي كلمة، المهم أن تكوني صادقة، قال رسول الله ﷺ: "ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟".
2. صديقة صالحة؛ لا تمشي وحدك إلى الله، ابحثي عن فتاة صادقة تحب الله، وتشجعك على الصلاة والقرآن، فالصاحب ساحب، قال ﷺ: "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل".
3. اختاري تفسيرا ميسرا مثل "تفسير السعدي" اقرئي منه تفسير الآيات التي ترغبين في ترتيلها.
4. دفتر صغير اسمه: "علامات محبة الله لي" اكتبي كل يوم نعمة واحدة أو موقفا شعرت فيه برحمة الله؛ هذا يجعل قلبك حيا شاكرا، وهو أول أبواب الإيمان.
5. تطبيق عملي للأذكار: اجعلي لنفسك وردا صباحيا ومسائيا من الأذكار، وردديها بقلبك، وأهم ذكر في البداية: "اللهم حبب إلي الإيمان وزينه في قلبي، وكره إلي الكفر والفسوق والعصيان، واجعلني من الراشدين".
6. اجلسي مع والدتك كثيرا، تحدثي معها عن الله واجتهدي في إعانتها والتقرب منها.
وأخيرا: لا تستعجلي؛ الإيمان مثل الزرع، لا يظهر من أول يوم، لكنه ينبت في القلب، ويورق في الوجه، ويزهر في العمل، وقولي دائما: "اللهم يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك".
نسأل الله أن يحفظك ويرعاك، والله الموفق.