السؤال
منذ أن أصبت لأول مرة بنوبة هلع قبل ثلاث سنوات، بدأت أشعر بأعراض في القلب، وبعد سنتين تقريبا، تعافيت من الحالة النفسية، لكن في السنة الرابعة بدأت أعاني من خفقان وضربات قلب هاجرة، تظهر بين الحين والآخر.
أجريت تحليلا للغدة، وتبين وجود فرط نشاط بسيط، بالإضافة إلى فقر دم، مع صغر حجم الكريات، أعتقد أنني عالجته من خلال تحسين التغذية، خاصة أن التحاليل أجريت وأنا صائمة.
الضربات الهاجرة متعددة ومزعجة، وبدأت أشعر أيضا بنغزات في الصدر، خاصة في الجهة اليسرى قرب الثدي، مع ألم في القلب لا أستطيع وصفه بدقة، أحس بنبض قوي يصل إلى الرأس وكامل الجسد، الأعراض متغيرة ومتقلبة، من حيث موقع الألم وشدة النبض.
كما أنني أتوتر من أقل الأصوات، ويشعر قلبي "بفزة" مؤلمة عند سماع صوت مرتفع، النغزات أحيانا تكون في الصدر، وأحيانا في منطقة الظهر المقابلة، نومي طبيعي، ونادرا ما أعاني من ضيق نفسي، لكن في بعض اللحظات أشعر بأنني أحتاج إلى أن أتنفس بعمق، رغم أن تنفسي يكون طبيعيا.
الخفقان يزداد غالبا في الصباح، أو بعد تناول الطعام، والخفقان يكون أكثر في الصباح وبعد الأكل.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ موراه حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في إسلام ويب.
أيتها الفاضلة الكريمة: شرحك لحالتك واضح جدا، مما مكنني من أن أقول لك: إن حالتك ليست عضوية، إنما هي مجرد ظاهرة نفسية، وهذه الأعراض التي ذكرتها نسميها أعراضا (نفسوجسدية/ psychosocial)، فالقلق النفسي كثيرا ما يؤدي إلى الشعور بالخفقان، والضربات الهاجرة، والتنفس المضطرب، والشعور بالضيق، بل قد يشعر الإنسان بعدم الاطمئنان على صحته بصفة عامة، ويكون هناك توتر، والبعض يشتكي طبعا من نغزات في الصدر، وكتمة، وهذه كلها أعراض (نفس جسدية) وليست أعراضا مرضية عضوية.
طبعا فقر الدم لا بد أن يصحح ويتم علاجه، وهذا أمر بسيط جدا من خلال تناول الحديد والاهتمام بالتغذية، وإذا كان هناك أي اضطراب في نشاط الغدة الدرقية، فهذا أيضا يجب علاجه، وهو علاج بسيط جدا، وربما يحتاج الأمر إلى متابعة فقط.
أنا أنصحك كذلك بتطبيق ما يعرف بتمارين الاسترخاء، وهذه التمارين مفيدة جدا إذا طبقها الإنسان بالكيفية والصورة الصحيحة، وهناك برامج كثيرة على (اليوتيوب) توضح كيفية تطبيق برامج الاسترخاء، خاصة تمارين التنفس المتدرج، وكذلك تمارين قبض العضلات وشدها ثم إطلاقها، تمارس هذا التمرين مرتين في اليوم على الأقل، وسوف تحسين أنها ذات فائدة كبيرة جدا.
الأمر الآخر: أنصحك بجملة من الأمور التي تعينك على التوازن النفسي وتحقيق الطمأنينة:
• تجنبي الفراغ؛ سواء كان فراغا زمنيا لا يشغله عمل نافع، أو فراغا ذهنيا يخلو من التفكير الإيجابي والمفيد، واعملي على شغل وقتك، بما يعود عليك بالنفع في دينك ودنياك.
• احرصي على النوم المبكر، فهو أساس لصحة الجسد واتزان النفس، ويمنحك طاقة إيجابية لبداية يوم نشيط.
• نظمي وقتك من خلال برنامج يومي واضح، يتضمن مهام مفيدة ومتنوعة، فهذا يساعدك على صرف الانتباه عن الأعراض النفسوجسدية، ويحول القلق من عبء ثقيل إلى دافع إيجابي يقربك من أهدافك.
• أحسني إدارة وقتك، فإتقان هذا الجانب من الحياة يعد من أهم أسباب النجاح، ويمنحك شعورا بالإنجاز والثقة بالنفس.
• حافظي على التواصل الاجتماعي، مع من ترتاحين إليهم، فالعلاقات الإيجابية تسهم في تخفيف التوتر، وتعزيز الشعور بالدعم والانتماء.
• احرصي على بر والديك، فإن في برهما بركة في العمر، وسعة في الرزق، وطمأنينة في القلب.
• كوني فاعلة في محيطك الأسري، وشاركي في شؤون الأسرة بما تستطيعين، فالشعور بدورك وتأثيرك داخل الأسرة يمنحك معنى، ورضا نفسيا عميقا.
كل هذه الجوانب تساهم في تحسين حالتك، وتساعدك على تجاوز الضيق، وبناء نمط حياة أكثر اتزانا وسكينة.
أنت بحاجة إلى علاج دوائي بسيط وخفيف، يتكون من دوائين يكمل أحدهما الآخر، وكلاهما آمن عند استخدامه بالجرعة الصحيحة، ولفترة محدودة:
الدواء الأول: يسمى (سولبرايد، Sulpiride)، هذا اسمه العلمي، واسمه التجاري (دوجماتيل، Dogmatil) تتناولين منه 50 ملجم صباحا ومساء لمدة شهر، ثم 50 ملجم صباحا فقط لمدة شهر آخر، ثم تتوقفين عن تناوله، هذا الدواء فعال في تهدئة الأعراض النفسوجسدية، وهو يستخدم منذ سنوات طويلة، وجرعته الموصوفة هنا صغيرة جدا، وآثاره الجانبية قليلة، وفي بعض الحالات قد يرفع مستوى هرمون الحليب لدى النساء، لكن مع هذه الجرعة المنخفضة، لا يتوقع أن يسبب لك هذه المشكلة.
والدواء الثاني -وهو مهم جدا- يسمى (سيبرالكس، Cipralex)، هذا هو اسمه التجاري، واسمه العلمي (اسيتالوبرام، Escitalopram)، وله أسماء تجارية متعددة، ويوجد في شكل حبوب 10 ملجم، وأخرى 20 ملجم، أرجو أن تتحصلي على الحبة التي تحتوي على 10 ملجم، وابدئي بتناول نصفها (أي 5 ملجم) يوميا لمدة عشرة أيام، وبعد ذلك حبة كاملة (10 ملجم) يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعليها 5 ملجم يوميا لمدة شهر، ثم 5 ملجم يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناوله.
هذا الدواء يساعد على تنظيم المزاج، وتقليل التوتر، والقلق، ويعطي نتائجه بشكل تدريجي، لذا من المهم الالتزام بالمدة والجرعة كما هو موضح، ويتم تناوله مع الدواء الأول (سولبرايد).
هذه هي النصائح التي أحببت أن أوجهها لك، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.