السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالبة في كلية الطب، وتلزم الجامعة كل جالية من الجاليات بتكوين رابطة طلابية، وتقسيمها إلى عدة لجان، ومن بين هذه اللجان توجد اللجنة العلمية، وقد تم ترشيحي لتولي منصب رئيسة اللجنة داخل دفعتي.
لكنني أشعر ببعض القلق من أن يعود تولي هذا المنصب علي بالسيئات أو الذنوب الجارية.
فما اقتراحكم؟ هل أقبل هذا المنصب أم أعتذر عنه؟
وشكرا جزيلا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ملك حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في إسلام ويب، أيتها الطالبة المجتهدة في طريق العلم، جعل الله سعيك في كلية الطب في ميزان الحسنات، وألبسك من لباس التوفيق والتقوى.
أولا: خشيتك دليل خير:
تفكريك في الأثر الأخروي قبل أن تتخذي القرار، علامة صدق وصلاح قلب، نسأل الله أن تكوني أفضل من ذلك، فقد قال أهل العلم: "علامة صدق النية: خوف العاقبة".
ولكن الخوف وحده لا يكفي، فالنبي ﷺ قال: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، لذا لا تتركي باب خير خشية الوقوع، بل ادخليه بنية الإصلاح والاحتساب، ومراقبة الله في كل صغيرة وكبيرة، واجتهدي أن تزرعي الخير فيه حتى يبقى لك عظيم الأثر، لا سيما وقد ذكرت أنه من إلزام الجامعة.
ثانيا: هل العمل في اللجنة العلمية يخشى منه؟
الجواب باختصار: ليس في رئاسة اللجنة العلمية ما يخاف منه شرعا، بل هو باب خير إن أحسنت النية والعمل، وقد يكون:
- نشرا للعلم.
- تنظيما لأوقات الطلاب.
- إعانة لهم على تحصيل أفضل.
- إشرافا على خلق بيئة دراسية جادة.
لكن؛ إن تحول الأمر إلى ما يخدش الحياء دون استطاعتك إيقافه، أو ظهر منه ما يعطل مسيرة عملك العلمي دون فرض عليك، أو ظهرت عليك علامات مرض نفسي كالرياء، أو الظلم، أو الانشغال بالمظاهر على حساب النيات، فهنا موطن الحذر، ويجب عليك الموازنة لاختيار ما يصلح دينك أولا وما يصلح مسيرتك التعليمية ثانيا.
ويجب التنبه إلى مسألة الاختلاط، خاصة إذا كانت بيئة اللجنة تشمل طلابا من الجنسين، فإن الأصل في الاختلاط الحظر إلا عند الاضطرار، وساعتها له ضوابط يجب أن تراعي منها:
- غض البصر إلا بقدر الحاجة والضرورة.
- الاحتشام في اللباس والكلام، وتجنب الخضوع أو التلطف المريب في الصوت.
- عدم الخلوة، ولو في الاجتماعات الرقمية الخاصة.
- أن يكون الحديث بقدر العمل، دون توسع شخصي.
- النية الصادقة في طلب الأجر من الله وخدمة العلم، لا حب الظهور أو المنافسة غير المحمودة.
ثالثا: كيف تحولين المنصب إلى عبادة؟
إليك بعض الخطوات:
- جددي النية.
- اجعلي كل جهدك في اللجنة خدمة لطلبة العلم، وتسهيلا لمسيرتهم، وتقوية للهمم وفق الضوابط الشرعية.
- راقبي الله في الأعمال:
- لا تميزي بين زميلة وأخرى لهوى، ولا تسمحي بظلم أو احتقار، ولا تسعي لنيل الثناء.
- اجعلي لك وردا يوميا من الذكر والدعاء مثل قولك: "اللهم اجعل عملي هذا خالصا لوجهك الكريم، ووقاية لي من النار، وسببا في صلاح ديني ودنياي".
- وازني بين وقت اللجنة ووقت دراستك وعبادتك: فلا تجعلي المنصب سببا في التفريط في عباداتك، أو دراستك، وإلا فاعتذري عنه بأدب.
رابعا: متى ترفضين المنصب؟ إذا خشيت على نفسك من:
- الغرور، والرياء ولم تجدي سبيلا لدفعهما.
- أو الانشغال بما لا يرضي الله، أو شعرت أن الرئاسة ستجرك إلى خلافات وشبهات لا قبل لك بها.
- أو الظلم والإجبار، كأن تلزمي بتصرفات لا ترضينها شرعا، فحينها الأفضل لك الاعتذار.
وفقك الله وسدد خطاك، وجعل عملك خالصا، وسعيك مباركا.