أريد الاعتماد على نفسي لكن أهلي لا يسمحون لي بالعمل!

0 0

السؤال

السلام عليكم

أنا في الصف الثالث الإعدادي، وإن شاء الله سأنتقل إلى الصف الأول الثانوي.

أهلي لا يرغبون في أن أعمل، لكنني لا أريد أن أكون عالة على أحد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك ابننا لكريم في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله أن يوفقك للخير ويعينك عليه.

بداية: ما شاء الله على هذا الوعي الجميل، والنفس العالية التي لا ترضى أن تكون عالة على أحد، خاصة في هذا السن المبكر، هذا الشعور بالمسؤولية، والرغبة في الاعتماد على النفس، من علامات الرجولة المبكرة والنضج الذهني، وهو مما يبشر بخير كثير ومستقبل واعد بإذن الله.

من الطبيعي أن يشعر الشاب في مرحلة الانتقال من الإعدادية إلى الثانوية بحاجة إلى إثبات نفسه، سواء أمام أسرته أو مجتمعه أو حتى أمام ذاته، ويظن أحيانا أن العمل هو الطريق الأسرع لتحقيق ذلك، خصوصا إذا شعر أنه يحمل أهله أعباء مادية أو أنه لا يقدم شيئا في المقابل.

ولكن لا بد أن تنتبه أن المرحلة التي أنت فيها هي مرحلة تأسيس وبناء، لا مرحلة انشغال بالسعي وراء المال أو الاستقلال المادي، فالعلم، وبناء الأخلاق والدين والتربية الآن هو رأس مالك الأول، وإن ضيعته في هذا العمر؛ ستجد صعوبة في تعويضه بعد ذلك.

أما رفض الأهل لفكرة عملك؛ فلا بد أن تعرف أنهم لا يرفضونك ولا يقللون من شأنك، بل يخافون عليك، ويحاولون حمايتك من مشقة أنت في غنى عنها الآن، أو من مخالطة أجواء قد تؤثر سلبا على خلقك، أو وقتك، أو مستواك الدراسي، أو دينك.

هذه المخاوف من المحبة، لا من المنع أو التحجيم؛ لذلك كن قريبا من أهلك الآن، وخفف عنهم بما تقدر من مهام وأعباء داخل المنزل، واستمع لوجهة نظرهم بعقلية ناضجة، وبين لهم أنك تريد أن تتعلم وتبني نفسك لا أن تكد وتتعب فقط؛ فهذا يسعدهم أكثر.

وإذا كنت حقا حريصا على أن تكون نافعا ومبادرا -وأنت كذلك بإذن الله-؛ فاعلم أن هناك الكثير من الطرق لتكون مسؤولا ومبادرا دون أن تترك دراستك، أو ترهق نفسك بعمل دائم، يمكنك مثلا استثمار وقتك في تعلم مهارات نافعة: مثل التصميم، أو البرمجة، أو تعلم اللغات، ومهارات ترتقي بك مستقبلا، كما يمكنك أيضا التطوع في أعمال خيرية، أو اجتماعية؛ فهي تربي فيك روح العطاء والمسؤولية، وتكسبك خبرات وعلاقات نافعة.

حتى داخل البيت، يمكن أن تظهر نفسك كشخص يعتمد عليه، من خلال تحمل المسؤولية، والمساعدة، والانضباط، والحرص على الوقت، والاحترام، والجدية.

ولا بأس كذلك أن تستغل وقت الإجازة الصيفية في عمل خفيف، أو تدريب بسيط، بشرط أن يكون بإشراف الأهل، وفي بيئة آمنة، ولا يؤثر على دراستك، فهذا سيزيدك نضجا وخبرة، ويجعلك ترى الواقع بعيون مختلفة، ويقوي فيك الإحساس بقيمة الجهد والمال والوقت.

أخيرا ابننا الكريم: كن واثقا أنك لست عالة على أحد، بل وجودك في البيت بهذه الهمة وهذه الروح سعادة وخير، واجتهادك في الدراسة وتفوقك فيها هو أكبر هدية تقدمها لوالديك، وسيرون فيك الأمل والنجاح حين يشاهدونك مجتهدا ومتفوقا، منظما، طموحا، حريصا على مستقبلك، المال سيأتي لاحقا، والفرص ستفتح أبوابها، لكن احرص الآن على بناء نفسك علميا، وإيمانيا، ومهاريا؛ فهذا هو العمل الحقيقي الذي لا يضاهيه شيء.

نسأل الله لك بالتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات