كلما تقدمت إلى فتاة يتم رفضي بسبب طبيعة عملي، فماذا أفعل؟

0 3

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب نشأت على كتاب الله منذ الصغر، والحمد لله، وكنت أعيش في بلدتي، ثم انتقلت مع أسرتي إلى العاصمة في سن العاشرة، بسبب طبيعة عمل والدي، وما إن مضت السنوات، حتى وجدت نفسي ضائعا بين أصدقاء السوء، وقد أحاط بي الفشل من كل جانب تقريبا، وتركت القرآن، والصلاة، وكل عمل يقربني إلى الله، لكن من الله علي بالهداية مرة أخرى منذ سنة -والحمد لله-.

نظرا لظروف نشأتي، عملت في المقاهي منذ صغري، وأنا الآن أملك مقهى، ولا أجيد عملا غيره، أعلم أن دخل المقاهي، لما فيها من الدخان وغيره، فيه شبهة حرمة، وأنا مقدم على الزواج، وكلما تقدمت لفتاة يتم رفضي بسبب عملي؛ علما أني لا أتقدم لأي فتاة، بل أحرص على اختيار صاحبة الدين والخلق.

أنوي -إن شاء الله- ترك هذا العمل، لكنني مدين حاليا لشركة حكومية، وأحتاج إلى سداد هذا الدين أولا، ثم التوجه إلى عمل آخر بإذن الله.

وبناء على ما ذكرته لفضيلتكم، فإنني أمر الآن بحالة من الضيق والاكتئاب، ولا أدري ما الذي ينبغي علي فعله، هل أترك عملي فورا؟ أم ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في إسلام ويب، ونسأل الله أن يشرح صدرك، ويثبتك على الهداية، ويرزقك الرزق الطيب الحلال، ويبدلك خيرا مما فقدت.

لقد سررنا كثيرا بعودتك إلى طريق الله بعد أن ضللت عنه، وهذه نعمة لا تقابل إلا بالشكر، وتمام الشكر يكون بالثبات على التوبة، والصدق في التغيير، والتوكل على الله حق التوكل.

أولا: حالتك تبشر بالخير، لأنك:
• تعرف الحلال من الحرام، وتفرق بين الطريق الطيب والخبيث.
• قررت أن تغلق باب الشبهة والحرام، وتبحث عن رزق يرضي الله.
• لا تريد الزواج لمجرد الزواج، بل لبناء بيت على التقوى.

وكل هذا من علامات صدق التوبة، وصفاء القلب، ويقين الإيمان، فاصبر؛ فإن الصادق لا يخيب الله مسعاه.

ثانيا: هل تترك عملك فورا؟
الجواب: لا تترك عملك الحالي فجأة دون تدبير، ولكن:
• اجعل نيتك خالصة، وقل في قلبك: "اللهم إن هذا العمل لا يرضيك، ولكني لا أملك غيره الآن، وأنت تعلم أني لا أرتاح فيه، فارزقني منه مخرجا".

• اجتهد فورا في البحث الجاد عن عمل آخر حلالا، ولو كان أقل دخلا؛ فبركة الحلال تغني عن وفرة الحرام.
• ضع خطة لسداد الدين المتراكم عليك، وادع الله أن يعينك على قضائه سريعا.
• قلل من المحرمات في عملك ما استطعت، فلو تمكنت من منع (الشيشة والدخان) تدريجيا، فافعل، وإن لم تستطع، فاجعل ذلك أول أولوياتك للخروج من هذا العمل.

ثالثا: لماذا يرفض طلب زواجك؟
هذا ابتلاء، وليس دليلا على نقص فيك، بل لعله تمهيد من الله لزوجة أفضل مما تتمنى، لكن في وقت أنسب، وبحال أطهر، وقد يكون العمل الحالي سبب لنفور بعض الأسر، فاجعل سعيك للتغيير واضحا، وأظهر لهم صدق نيتك؛ فإن النفوس بالفطرة تحب التائب الصادق.

رابعا: رسائل من القلب:
• الاستغفار مفتاح الرزق، قال ﷺ: "من لزم الاستغفار، جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب".
• النية تغير الموازين، فلو نويت أن يكون عملك القادم خالصا لله، جعل الله فيه البركة، وربما فتح لك أبوابا لا تتوقعها.
• الضيق النفسي طبيعي في مراحل التحول؛ فلا تستسلم له، بل اجعله وقودا للعمل والدعاء.
• أكثر من قول: "اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك"، فقد قال النبي ﷺ: "ومن قالها، استجاب الله له ولو بعد حين." [رواه الترمذي].

وأخيرا:
• لا تيأس؛ فالله لا يترك عبدا صدق في التوبة.
• ولا تتعجل؛ فالرزق آت بإذن الله.
• ولا تلتفت إلى الخلف؛ فالله غفور لما مضى، ما دمت عازما على السير في الطريق الصحيح.

ونسأل الله أن يرزقك رزقا حلالا طيبا، ويشرح صدرك، ويقر عينك بزوجة صالحة، ويجعل من هذا التحول بابا لرفعتك في الدنيا والآخرة.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات