أتحسن بممارسة الرقية لكن تحسني لا يدوم طويلاً..فما تعليقكم؟

0 3

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أولا: أود أن أشكركم على موقعكم، فقد استفدت منه كثيرا من خلال الاطلاع على الأسئلة التي تشبه سؤالي.

أنا لا أملك سؤالا واحدا محددا، وإنما مجموعة متراصة من المشكلات، وأشعر بأنها كلها بسبب واحد.

قبل ثلاث سنوات تقريبا، كنت جيدا في دراستي وأفهم دروسي جيدا، ولكن بعد ذلك الوقت تحديدا انتابتني وساوس بأنني قد حسدت، وربما حسدت فعلا في دراستي، وبدأت فعلا لا أفهم أي شيء في الدراسة، علما أنني كنت متقطعا عن صلاتي، حيث أعاني من وساوس كثيرة، وأشعر بأن هناك شيئا يدعو بداخلي على كل الناس الذين أحبهم.

وما جعلني أنقطع عن صلاتي هو أنني رأيت أشخاصا قد دعوت عليهم وماتوا، مع أنني أحب هؤلاء الأشخاص جدا، ولهذا السبب بدأت أنقطع عن الصلاة.

لكن الوساوس الآن لا تشكل تهديدا كبيرا علي، فأعتقد أن هناك جنيا (عارضا) هو من يجعلني أدعو ويوسوس لي، ويجعلني لا أفهم، على ما أعتقد.

لقد كنت أتحسن أحيانا عند استمراري في ذكر الله، وأشعر بتنميل ينزل من رأسي إلى أسفل قدمي، وأحيانا أحس بشيء يتحرك، ولكن سرعان ما أعود لا أفهم أي شيء.

بعدها قررت أن أستمع للرقية، وفعلا تحسنت، وبدأت أحلم بأشياء سوداء وثعابين، ولاحظت أنه عند رقية نفسي أو استماعي للرقية، أشعر أن شيئا يسيطر على رأسي ويتمركز فيه، ويسبب صداعا فظيعا، ويجعل تعابير وجهي مخيفة؛ مثلا تنطبق أسناني على بعضها، ويبدو وجهي كأنه غاضب.

وأيضا تحسنت مع الرقية، ولكن سرعان ما عدت لا أفهم شيئا، وأنا مستمر تقريبا منذ عشرة أيام في قراءة سورة البقرة يوميا، وأيضا شعرت بتنميل ونبض وأشياء أخرى، وتحسنت بالرقية، ولكن لا يستمر تحسني ساعة واحدة أو أقل.

وعندما أتحسن، لا يتحسن فقط فهمي، بل أشعر أنني متحسن من كل شيء، وأشعر بالارتياح، وأني أفهم الحياة، وأفهم دروسي، كما تتحسن ذاكرتي، وكأن شيئا كان يغطي عقلي قد ذهب.

فما نصيحتكم لي في هذه الحالة؟ وكيف يمكنني أن أستمر في العلاج والذكر وأتجاوز هذه الوساوس التي تعكر صفو حياتي؟

شكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مرتضى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في إسلام ويب، وأسأل الله أن يشرح صدرك، وييسر أمرك، ويذهب عنك ما تجد.

بداية: أحيي فيك هذه الروح الباحثة عن الشفاء، وإصرارك على الخير، وحرصك على صلاح قلبك ودينك، ولا شك أن هذا بذاته علامة خير وتوفيق من الله، فإن الله لا يلقي في قلب عبده هم التوبة، ولا يدفعه للرقية والقرآن، ولا يورثه هذا الصدق في الدعاء، إلا لأنه يريد به خيرا عظيما، فأبشر واثبت، والله معك.

أولا: ما تعاني منه ليس حالة واحدة، بل مزيج من ثلاثة أمور:
• وسواس فكري ديني: وساوس الدعاء على الأحبة، والخوف من الحسد، والربط بين ما يقع للناس وبين دعائك عليهم.
• تأثر نفسي من الوسواس: مما يجعل النفس تسقط تدريجيا في العزوف عن العبادة، وفقدان المعنى، وضياع التركيز.
• إيمانك باحتمال وجود عارض (سحر أو عين أو مس): وقد يؤيد ذلك وجود بعض العلامات التي ذكرتها من تغير في ملامح الوجه، وثقل الرأس، وتنميل، وأحلام متكررة بها حيوانات سوداء.

لكن ينبغي هنا أن نضبط ميزان الفهم: المشكلة ليست كلها من العين والحسد، بل فيها نسبة واضحة من الوسواس والاضطراب النفسي المرتبط بالقلق، والدليل على ذلك أنك بدأت تتأثر بعد فكرة الحسد، وارتبط الأمر بالخوف من الدعاء على من تحب؛ ولهذا سيكون العلاج في خطين متوازيين نفصله في النقطة التالية:

ثانيا: خطوات عملية للعلاج:

1. العلاج بالقرآن: استمرارية لا انفعال لحظي:
• حافظ على قراءة سورة البقرة يوميا، لكن بهدوء وتركيز، ولو على جلسات متفرقة.
• شغل الرقية الشرعية العامة مرتين في اليوم، واحدة بعد الفجر، وأخرى قبل النوم، وإن قرأتها أنت فخير كثير.
• إذا شعرت أثناء الرقية بتشنج أو صداع: لا تخف، فهذا دليل أن الأثر يقاوم الشفاء، فلا تتوقف.

2. العلاج المعرفي السلوكي للوسواس
• الوسواس لا يقاوم بنقاشه، بل يجب إهماله واحتقاره وتجاهله.
• إذا أتتك وساوس أنك دعوت على أحدهم ومات، قل في نفسك: "كذب إبليس، وما كان الله ليأخذ نفسا بدعاء خاطئ من قلب لم يرد الشر".
• إذا قال لك الوسواس: "أنت محسود أو تؤذي من تحب"، قل: "أنا عبد لله، والله أعلم بقلبي، ولن يجعلني الله مصدر أذى لعباده إن صدقت"، ثم تجاهل، ولا تناقش، وامض، وغير مكانك، وحديثك، وتفكيرك، وانشغل بأي أمر آخر، وردد هذه الردود مع ابتسامة واحتقار للوسواس، ولا نقاش معه.

3. أذكار الصباح والمساء والصلوات الخمس:
• حافظ على هذه الأذكار بيقظة؛ فهي حرزك الأعظم، خاصة: آية الكرسي، المعوذات، و"حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم".

4. لا تتعامل مع التحسن كأنه لحظات طارئة
• هذا وهم من الشيطان يريد به أن يحبطك، فما دام التحسن يأتي فهو دليل فعالية الرقية، فقط عليك بالاستمرار والصبر.
• الشفاء قد لا يكون فجأة، بل تدريجيا، تماما كما أن المرض لم يظهر في لحظة واحدة.

5. الاهتمام بالجانب البدني والنفسي:
• مارس الرياضة بانتظام.
• قلل الجلوس الطويل وحيدا، وادخل في بيئة عمل أو تطوع.
• إذا بقي الأمر مع شعور دائم بالاكتئاب، فاستشر طبيبا نفسيا موثوقا مع الاستمرار على الرقية.

• واعلم أن النبي ﷺ قال: "إن الله تجاوز عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل أو تتكلم". وقال: "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون".

فاطمئن، الله يعلم صدق قلبك، ولا يحاسبك على الوسواس، بل يثيبك على مجاهدته.

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يطهر قلبك، ويشرح صدرك، ويبدد همك، ويكفيك كيد الشيطان ووساوسه، وأن يجعلك من أهل القرآن، وأن يفتح لك من الفهم ما يصلح به دنياك وآخرتك، وأن يرزقك الثبات والسكينة والنور، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات