أمي تتحدث مع شخص بالسر.. ماذا نصنع؟

0 0

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

توفي والدي منذ عشر سنوات، ومنذ ذلك الوقت بدأنا نلاحظ تصرفات غريبة من والدتي تظهر بين الحين والآخر، وأحيانا كانت تطرح موضوع الزواج، وكنا -أنا وإخوتي– نرفض الفكرة بشدة.

إلى أن جاء يوم اكتشفنا فيه أنها تتحدث مع أحد الأشخاص بالسر؛ مما أدى إلى حدوث مشكلة كبيرة في المنزل، لكنها لم تتطور، نظرا لأننا كنا صغارا في السن آنذاك، وبعد ذلك الموقف، أوضحنا لها صراحة أنها إن رغبت في الزواج، فلن نمنعها.

مرت السنوات، ونسينا الموضوع تماما، حتى قبل عدة أشهر، حين اكتشفنا مجددا أنها لا تزال تتحدث مع نفس الشخص (ولا نعرف من هو تحديدا).

علمنا أنها أخبرت أحد الناس بأنها تتحدث مع هذا الشخص دون علم زوجته، وقد رأيناها مصادفة في أحد الأماكن وهي تركب سيارة غريبة، فواجهناها بما رأيناه وبما نعلمه، لكنها أنكرت كل شيء، رغم أنها كانت قد اعترفت لنا سابقا عندما حدثت المشكلة الأولى، والآن تنكر كل الأدلة التي واجهناها بها، باستثناء ما اعترفت به قديما.

أنهينا الحديث معها بوضوح، وأكدنا أن ما تفعله غير مقبول إطلاقا، وأنه إن كانت ترغب في الزواج، فلا أحد يمنعها من ذلك.

مرت عدة أيام ونحن لا نتحدث إليها، ولا نعلم كيف نتصرف، خاصة أننا نعيش في الغربة، بعيدا عن أهلها، وإن أخبرناهم، فربما لن يتمكنوا من فعل شيء يذكر.

أتمنى أن ترشدوني إلى الطريقة الصحيحة للتصرف في هذا الموقف، وأعتذر إن أطلت عليكم، وشكرا جزيلا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابننا الكريم- في الموقع، ونشكرك على اهتمامك بأمر الوالدة، نسأل الله أن يرزقكم برها، وأن يصلحها، وأن يعينها على اتخاذ القرار الصحيح، وأن يرحم والدكم وأمواتنا وأموات المسلمين، وأن يلهمكم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

لا شك أن ما يحصل من الوالدة خطأ، ولكن لا بد أن نعلم أن تغيير الخطأ أو حتى المنكر الذي يقع فيه أحد الوالدين؛ ينبغي أولا أن يكون بمنتهى اللطف، كما فعل خليل الرحمن عليه السلام حين قال: يا أبت، يا أبت، يا أبت، إني أخاف...، فهذا اللطف يجب أن يكون حاضرا، هذا هو الأمر الأول.

الأمر الثاني: استمروا في الستر على الوالدة، فإن الإنسان مطالب بأن يستر على نفسه، وأن يستر على غيره، ولا نؤيد إدخال آخرين في هذا الموضوع في هذه المرحلة.

الأمر الثالث: أحسنتم بدعوتكم لها بالزواج إذا رغبت في ذلك، وطبعا الخطأ كان واضحا في رفضها منذ البداية؛ لأن هذا شيء فطري والإنسان هو الذي يقرر، ونسأل الله أن يعينكم على اتخاذ القرار الصحيح.

الأمر الرابع: كونوا إلى جوار الوالدة، واجتهدوا في إسعادها؛ لأن ما حصل منها من الخطأ لا يمنع بركم لها، وعليه فنحن لا نؤيد مقاطعتها، أو هجرها، أو الامتناع عن الحديث معها، ولكن ينبغي في الوقت نفسه أن نرفض ما هو خطأ، مع المحافظة على البر.

ولذلك أمر الوالدة عظيم، حتى لو أمرت بمعصية فإنها لا تطاع، ومع ذلك قال العظيم: {وصاحبهما في الدنيا معروفا}، فحق الوالدة يبقى في احترامها، والاهتمام بها، ورعايتها، والقرب منها، بل هذا له علاقة كبيرة بالحل النهائي؛ فإن قربكم منها واهتمامكم بها، وكلامكم معها يعينكم على كشف الخلل، وعلى مساعدتها في اتخاذ القرار الصحيح.

نسأل الله أن يعينكم على الخير، ونكرر دعوتنا لكم بالاستمرار في تغيير المنكر بأسلوب لطيف، وإعادة النصح لها، مع الاستمرار في برها والحفاوة بها، ومساعدتها، وإدخال السرور على قلبها، فهي تظل والدة وبابا من أبواب الجنة، ونسأل الله أن يعينكم على الخير.

وأيضا من المهم أن تفتحوا معها حوارا هادئا، لتعرفوا من خلاله ما في نفسها، وماذا تريد، وتبينوا لها اهتمامكم بها، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يهديها إلى الحق والصواب، ونؤكد أننا نقدر مشاعركم، لكن ينبغي ألا يكون كل ذلك على حساب البر لها، فالنصح يستمر مع مزيد من البر والاهتمام، وإذا غضبت أو رفضت فحاولوا إرضاءها، واستمروا في النصح؛ لأن أمر الشرع مقدم، ومن أمر الشرع أيضا أن تكونوا على بر وصحبة طيبة مع الوالدة مهما حصل منها.

ونسأل الله أن يردها إلى الحق والخير والصواب.

مواد ذات صلة

الاستشارات