السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي صديق جديد، بدأت علاقتي به منذ حوالي أسبوع تقريبا، هذا الشخص يسكن معنا، وكنت في غرفة أخرى قبل أن أقيم معهم في نفس الغرفة.
كان يزور أصدقائي في الغرفة، لكن لم يكن هناك توافق بيني وبينه، لأنه يملك العديد من الصفات التي تتنافى مع الأخلاق والقيم التي يدعو إليها ديننا الإسلامي العظيم.
مرت الأيام وإذا بمشرف السكن ينقلني إلى غرفة هذا الشخص، وخلال هذه المدة القصيرة –التي لم تتجاوز عشرة أيام- حصلت بيننا بعض المشاكل.
واليوم تشاجرت معه بسبب إزعاج سببه أصدقاؤه، ولحل هذا الموضوع، جئت إليه بكل أسلوب حسن، لكنه غضب ولم يتفهمني، فوقع بيننا شجار بالكلام فقط، وفي نهاية الأمر، قال لي: علاقتي معك انتهت، وحتى السلام من اليوم ليس بيننا.
بصراحة من ناحيتي، سأكون مرتاحا إذا قطعت علاقتي به، لكن أولا، أود أن أعرف: هل هذه المسألة محرمة؟ وهل تعد من الخصام الذي ورد فيه النهي في أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟
مع العلم أنني بعد مرور نحو ساعتين على ما قاله، صافحته وقلت له: العفو والعافية، وقد فعلت ذلك بنية إزالة البغضاء والشحناء بعد تلك المشكلة، ولكنني لا أرغب في الحديث معه مجددا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو بكر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أخي الكريم-، وبارك الله فيك على حرصك على طاعة الله وتجنب ما يغضبه، وسؤالك هذا يدل على قلب حي وخلق نبيل، فجزاك الله خيرا، وشرح صدرك للخير.
ما حدث معك ابتلاء صغير في العلاقات، ولكن فيه دروس عظيمة، وقد أحسنت عندما بادرت بالعفو والمصافحة، فذاك خلق الصالحين.
وفيما يلي الجواب على سؤالك مفصلا:
أولا: هل الخصام حرام في مثل هذه الحالة؟
الخصام الذي وردت فيه الأحاديث النبوية بالنهي والتحذير، هو الخصام الذي يحمل في طياته القطيعة والبغضاء، ويطول أكثر من ثلاثة أيام، من غير عذر شرعي، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان، فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام".
لكن في حالتك، المسألة ليست قطيعة ولا بغضاء، بل أنت بادرت بالمصالحة، وقلت له: العفو والعافية، وهذا يدل على أنك لم تحمل في قلبك شحناء، بل سلكت طريق المسامحة، وما دمت لا تكرهه، ولا تتمنى له الشر، ولا تتكلم عليه بسوء، فلا إثم عليك أبدا في أن تترك الحديث والتعامل معه، إذا كان ذلك أريح لقلبك وأبعد عن المشكلات.
ثانيا: هل يجوز أن أقطع علاقتي معه تماما دون أن أكون آثما؟
نعم، يجوز ذلك ما دمت لا تحمل له حقدا، ولا تؤذيه، ولا تقطع ما أوجب الله وصله، وما دمت تعلم أن التواصل معه يضرك أو يؤذيك، وتركك للحديث معه ليس خصاما شرعيا، بل هو توق لمشاكل أكبر
ثالثا: ما الواجب الشرعي بعد ما حدث؟
ما دمت قد صافحته؛ وقلت له العفو والعافية، ولم تشتمه ولم تؤذه، فأنت في حل وسعة من الله، وموقفك هذا أقرب للتقوى، لأنك دفعت بالتي هي أحسن، كما قال تعالى: {ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم}.
رابعا: نصيحتي لك:
- الزم الأدب في الخصام، ولا تتكلم عنه بسوء في غيابه.
- لا تبادر بالإساءة، لكن لو التقيته فلا بأس أن تكتفي بإلقاء السلام، أو حتى عدم الكلام إن كان بينكما جفوة.
- ادع له في غيبته، فقد يتحول الخصام إلى دعوة مباركة يصلح الله بها قلبه أو قلبك.
- استمر في السلام إن قابلته؛ فذلك من مكارم الأخلاق.
- لا تطل التفكير، فالأمر قد انتهى، والمهم ألا يحمل قلبك ضغينة.
نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، والله الموفق.