السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندما يضيق صدري من مشاكل حياتي، ألتجئ إلى الكتابة في دفتر خاص بي، لكنني لا أكتب لمجرد الكتابة، بل أفضفض لربي، وأدعوه في كتاباتي، وأفرغ من خلالها مشاعري.
وأحيانا أذكر فيها ما يؤذيني أو يضايقني من تصرفات من حولي، كتعبي في تربية ابنتي، أو ما يغضبني من زوجي، أو الخادمة، فأشكو إلى الله وأدعوه، وهذا يريحني كثيرا، ويغنيني -في أغلب الأحيان- عن الشكوى للناس، فهل هذا جائز شرعا، أم لا؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هاجر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يقدر لنا ولك الخير حيث كان، ويرضينا به، وأن يصرف عنا وعنك كل مكروه.
وقد وفقت حين أدركت أن الشكوى ينبغي أن تكون لله تعالى، فالشكوى لله تعالى عبادة جليلة، يحبها الله تعالى، ويرضى عن صاحبها، والشكوى لغيره قد تكون مذلة خالصة دون فائدة.
فتوفيق الله تعالى لك أن تتوجهي بشكواك إليه، هذا شيء حسن، ولكن ينبغي أن تهتمي وتجتهدي في استغلال عمرك ولحظاتك في الشيء النافع على أكمل الوجوه وأتمها.
وكتابة هذه الشكوى على أوراق، وإن كان جائزا من حيث الجواز، فلا يدل دليل على منع ذلك، لكنه غير مفيد، وقد يكون مضيعة للوقت.
فأكثري من ذكر الله تعالى بلسانك، ودعائه، والشكوى إليه، واستغلي أوقاتك في العبادات التي تخفف عنك مآسي هذه الحياة وآلامها، وفي قراءة القرآن تطييب للقلب وطمأنينة له، كما قال تعالى: {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}، وأشرف الذكر قراءة القرآن، وفي الصلاة قرة عين للموحدين، وفي الاستغفار راحة للقلب والضمير، وهكذا، قلبي نفسك في هذه العبادات، مستغلة أوقاتك بما يعود عليك بالنفع.
وأنت تقرئين في القرآن الكريم معاتبة أولاد يعقوب لأبيهم على كثرة شكواه لله تعالى في شأن أخيهم يوسف، قالوا: {تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين}، فقال أبيهم: {إنما أشكو بثي وحزني إلى الله} يعني: كثرة ذكري لهذه المصيبة في مناجاتي لله تعالى وفي كلامي مع الله تعالى، كثرة ذكري لهذا إنما هو شكوى إلى الله، والله تعالى يحب هذا؛ {إنما أشكو بثي وحزني إلى الله}، فهو أخبرهم إذا أن هذا السلوك سلوك صحيح، وأنه أمر مقصود دينيا، وهو التوجه إلى الله تعالى بالشكوى، فإن الله تعالى يحب ذلك منا.
ولكن -كما قلنا لك- ينبغي للإنسان أن يستغل عمره وأوقاته بما يعود عليه بالنفع على أكمل الوجوه وأتمها.
نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يوفقك لكل خير.