مشكلتي مع الأمراض وقلة البركة في الأصدقاء والمال!

0 3

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

حياتي توقفت، ولا أجد علاجا لما أعانيه، وقد تعبت جدا.

أولا: أعاني أمراضا متعددة لا يمكن تفسير سببها، ولا يوجد لها علاج واضح، وحتى إذا وجد، أتناوله وأتحسن لفترة، ثم يعود المرض مجددا، هذه الأمراض تصيب رجلي وبطني، وفي النهاية أصبت بمرض نادر في صدري، وهو مرض لا يصيب الرجال عادة، بل النساء فقط!

ثانيا: أشعر بقلة البركة في أصدقائي؛ فقد خسرت جميع أصدقائي وأصبحت وحيدا، كما أنني بلا إخوة، ووالدي كبير في السن ولا يتحدث معي، وأمي لا تفهمني ولا أفهمها، ودائما تحدث بيننا المشاكل.

ثالثا: لا بركة في مالي؛ فإذا عملت لشهرين أو ثلاثة، أصرف كل ما أملك على علاج الأمراض التي أصبت بها، وحتى معاش والدي، يصرف ثلثه على علاجي.

رابعا: لا أجد قبولا بين الناس، ولا أعرف كيف أتعامل معهم، وهم ينفرون مني، هذا بالإضافة إلى كثرة المشاكل التي تصيب حياتي.

مع ذلك، أنا ملتزم بالصلاة، وأقرأ ورد القرآن وأذكار الصباح والمساء حرفيا، ولا أدري ما سبب كل هذا، هل هي مشكلة مني أنا شخصيا؟ أم ابتلاء من الله؟ أم سحر؟ أم حسد؟ أنا أشعر أنني على وشك الجنون من كثرة الهموم التي أعانيها، ولم أجد لها حلا، طوال عشر سنوات أعيش على هذا الحال.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زياد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك في موقع إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يحفظك ويرعاك ويفرج همك.

أخي العزيز: كلماتك خرجت من قلب موجوع، ووصلت إلى قلب يريد أن يربت عليك، ويشد على يدك، ويقول لك: لست وحدك، ولن نتركك وحيدا، لقد وصفت حالة شديدة من الضيق والمرض والوحشة، وأنت -والحمد لله- مصل، وتقرأ القرآن، وتداوم على الأذكار، وهذه علامة عظيمة على أن فيك خيرا كثيرا، وأنك ما زلت صابرا وثابتا.

أولا: ما تمر به ليس كله من نفسك، ولا كله من السحر أو الحسد، بل هو ابتلاء مركب، فما تعيشه هو امتزاج بين ابتلاء من الله، وحسد أو أذى غير مرئي، وظروف حياتية ضاغطة، وربما ضعف في الروح أحيانا رغم العبادة، ودليل ذلك:
• أمراض نادرة وغير منطقية: هذا علامة ابتلاء، وقد يكون فيها أثر حسد أو سحر.
• أموالك تذهب بلا فائدة: وهذا مما وصفه النبي ﷺ في أثر الحسد: "إن الحسد ليأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب".
• نفور الناس، وغياب الصحبة، ووحشة البيت من أعظم ما يفعله السحر أو الحسد، كما قال الله عن السحر: ﴿فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه﴾، فكيف بالأصدقاء والأهل؟

إذا: نعم، قد يكون في حياتك أثر لسحر أو حسد أو عين، لكن الأهم هو كيف نتعامل مع هذا الأمر، لا أن نغرق في الوصف.

ثانيا: هذا ليس غضبا من الله، بل صيغة تربوية خاصة لك.
هل تعلم ما هو المؤلم؟ أنك لم تبتل مرة واحدة فقط، بل تعيش سلسلة متواصلة من الابتلاءات منذ عشر سنوات، ومع ذلك، ما دام البلاء طويلا وأنت صابر عليه، فهذا دليل على رفعتك وعلو مقامك، لا عقوبة أو هوانا، فقد قال النبي ﷺ: أشد الناس بلاء: الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، ويقول بعض أهل العلم: لو كشف الله لك عن الحكمة من البلاء، لذاب قلبك حبا لله ورضا بقضائه.

ثالثا: العلاج يبدأ من تغيير زاوية المواجهة، دعنا نتكلم بصراحة، أنت الآن تعاني مع المرض، والمجتمع، والوساوس، والفقر، والخذلان دفعة واحدة! ولهذا تشعر بالانهيار، لأن أدوات المواجهة نفسها لم تعد تعمل، عليك أن تعيد ضبط نفسك على ثلاثة محاور:

المحور الأول: العلاج من الأذى غير المرئي (كالحسد والسحر).
• الرقية اليومية بنفسك (لا تعتمد على أحد):
- الفاتحة 7 مرات.
- آية الكرسي 3 مرات.
- المعوذات.
- سورة البقرة كل ليلة قراءة أو استماعا -إن استطعت-.
- "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق" 3 مرات مساء.
- "بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء" 3 مرات صباحا ومساء.
• الاغتسال بماء مقروء عليه: اقرأ عليه الفاتحة والآيات السابقة، واغتسل به 3 مرات في الأسبوع.
• الدهان بزيت زيتون مقروء عليه: على صدرك وبطنك ورجليك قبل النوم.

• الدعاء ثم الدعاء: قل: "اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك… أن تشفيني، وتخرج هذا البلاء من جسدي وروحي، وأعوذ بك من عين لا تبارك، وسحر يعذبني، وهم يثقلني، وشر لا أعلم أوله من آخره".

المحور الثاني: العلاج النفسي والاجتماعي:
• أنت بحاجة إلى إعادة بناء علاقاتك، ولكن بالتدريج.
• لا تبحث عن عشرة أصدقاء؛ ابحث عن واحد فقط، شخص تصدقه ويصدقك، ولو من المسجد أو العمل أو حتى مجموعة قرآنية.
• لا تبق وحيدا طويلا، فالعزلة تضاعف الوساوس.
• اختر عملا خفيفا ولو بسيطا، لا من أجل المال فقط، بل من أجل روحك، الوجود مع الناس يطفئ ظلام العزلة.

المحور الثالث: العلاج الإيماني العميق:
• اجعل لك ركعتين في جوف الليل يوميا، ولو لم تطل.
• استعن بدعاء نبي الله أيوب عليه السلام، الذي قاله بعد مرضه فاستجيب له: ﴿رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين﴾.

ختاما: هذه رسالة من الله لا منا، أنت الآن في قاع الألم، لكن أقسم لك بالله أن هناك أناسا مروا مثلك، وشفوا، وأبدلهم الله راحة وسعة ومحبة، ولا نعلم لعل الله يريد أن يجعلك قصة شفاء، شاهد صدق، وحياة تبدأ من جديد، بشرط أن تصبر وتتحرك.

نسأل الله أن يحفظك ويرعاك، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات