السؤال
السلام عليكم ورحمة الله بركاته.
قبل سنتين كان معي شخص في الجامعة، وبعد التخرج تواصل مع والدي وطلبني منه، لكنه لم يكن جاهزا، وأبي قال له: إذا كان لك نصيب ستأخذها، وبعد سنة زارنا هو وأهله وتقدموا رسميا، ولكن الوالد أخبرنا أنه سيحتاج لسنتين ليكون جاهزا، وأنا حاليا أدرس ماجستير، وأحتاج لسنتين كذلك، فصار الاتفاق أن السنة القادمة سيكون عقد القران، والسنة التي تليها سيكون الزواج بعد أن أنهي الماجستير.
والآن تقدم لي حسب الاتفاق، بالرغم من أنه لم يكن جاهزا ١٠٠%، وطلب التأجيل، ولكننا رفضنا؛ لأن التأجيل سيسمح للشيطان أن يدخل بيننا، خصوصا أنه وبعد انقطاع سنتين من التواصل رجعنا نتكلم في الموضوع رسميا، وصارت خلافات كثيرة، وهذا أمر طبيعي على حد علمي.
عندما وصل الموضوع للفلوس والمهر، طلبنا مهرا ضمن المتعارف عليه، وهو لم يعجبه ولكنه وافق، وعندما اعترضنا على تفاصيل الحفلات، بأن تكون هناك زيادة على المهر رفض، وقال هي تشمل المهر، حاولنا أن نشرح أن فكرة الكماليات ستخسف بالمهر، ولكن كان رده: هذه قدرتي، ورفض!
طلبت التأجيل مرة ثانية، نظرا للوضع المادي الذي يمر هو فيه، وقال لي: سواء الآن أو فيما بعد، فهذا المهر الذي أقدر أن أعطيه، الأسلوب لم يكن لطيفا، ثم إنه كلمني وقال لي: أنت لم تبدي أي تعاون ولا تقدير لما أفعله، وأنه فعل كل شيء على أكمل وجه، وكان فيه نوع من المعايرة، وبعدها رجع واعتذر، وقال لي: فكري، وأنا أرغب بك، ومن هذا الكلام. هو وأهله يقولون: لا لزيادة الفلوس، ولكن طريقة حياتهم تتناقض مع هذا الشيء، فهم ما بين من شراء الذهب والسفر المستمر!
أنا أحترمه، ولا أتخيل نفسي مع شخص آخر، لكني خائفة أن تؤثر هذه الأشياء على حياتنا فيما بعد.
أعتذر عن الإطالة، لكن رأيكم يهمني، وصليت استخارة كثيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يقدر لكم الخير، ثم يرضيكم به.
وأرجو أن تتذكروا أن الذي بينكم أكبر من الأموال، وأن هذه الخلافات التي تحدث في المهر، وفي الوقت، وفي التقديم، وفي التأخير، وتدخلات الأهل لها آثار كبيرة على الطرفين، وبالتالي أرجو ألا تأخذ الأمور أكبر من حجمها.
وإذا كنت تشعرين بالارتياح والانشراح والتفاهم مع ذلك الخاطب، فلا بد لكل طرف أن يقدم تنازلات، فهذا هو المتعارف عليه في النكاح ولم ير للمتحابين مثل النكاح، وعليك أيضا أن تستخيري وتستشيري، "فلا خاب من استخار، ولا ندم من استشار".
ولكن لا ينبغي أن يحاسب الإنسان بذنب غيره، فلا يحمل ما يقع من أهله، ولا يحملك هو ما يقع من أهلك؛ فكل يؤخذ بما له وما عليه.
وأما ما قد يطلبه أهل الفتاة من مبالغ، فغالبا ما يكون بدافع الرغبة في تأمين مستقبل ابنتهم، والظهور بمظهر حسن أمام الناس، وأما أهل الشاب، فمهما كانت أحوالهم المادية، فإنهم يحرصون على التخفيف عن ابنهم، ولا يريدون أن يشعروا بأنه استغل أو أثقل عليه؛ ولذلك هذه الأمور لا تصلح أن تكون معيارا للحكم على الأشخاص أو العلاقة، وإنما تحتاج المسألة إلى تفاهم وتقدير وتضحية من الطرفين.
أنتم -ولله الحمد- على مستوى تعليمي عال، أحيانا توجد مشكلات عائلية من الأهل، من هذا الطرف ومن ذاك الطرف، وفي هذه الحالة ينبغي أن ندرك أن هذه الأمور طبيعية، ولكن المهم هو وجهة نظرك في الشاب المتقدم، ووجهة نظره فيك أنت كفتاة، كشريكة الحياة المستقبلية، وهو كشريك لك وزوج لك في حياتك المستقبلية.
فالتقييم يكون للشخص ولأفكاره، ولا يصلح أن نعاقبه أو نساءله على ما يحدث من أهله، أو يحدث من أهلها، حيث تظهر أحيانا مبالغات، أو يظهر نوع من الطمع، أو يظهر نوع من البخل؛ لأن الأمر كما قلنا: كل طرف سيحاول أن يسحب إلى الاتجاه الذي يعتقد أنه سيخدمه ويخدم ابنه، أو يخدم ابنته في الطرف الثاني.
لذلك: أتمنى أن تعطوا أنفسكم فرصة، وتكملوا هذا المشوار الذي طال فيه الانتظار، ويبدو أن التفاهم بينكم كزوجين حاصل، والحياة الزوجية من أولها إلى آخرها تحتاج إلى تضحيات مشتركة، فكل طرف لا بد أن يقدم تضحيات، وهذا هو مهر الحب الحقيقي، ونسأل الله أن يجمع بينكم في الخير وعلى الخير.